تقارير ووثائق

أيام حاسمة: ملامح تصعيد عسكري بحال الفشل السياسي

دخلت مشاورات السلام اليمنية مرحلة حرجة، بعد كشف المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، عن أبرز مضامين خطته المنوي تقديمها مكتوبة للأطراف اليمنية، الأمر الذي واجه رفضاً من الطرفين، وسط حراك دبلوماسي وسياسي في الكويت في انتظار الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، المتوقع أن يسلّم الخطة للمشاركين بالمشاورات بشكل رسمي، أثناء زيارته المرتقبة إلى الكويت، يوم الأحد المقبل، في سياق جولة شرق أوسطية. وفي ظلّ الاندفاعة السياسية، تأزم الوضع الميداني، خصوصاً في جبل جالس، المطلّ على قاعدة العند الاستراتيجية في محافظة لحج، ما يوحي بوجود بوادر تصعيد عسكري في حال تعثر الحل السياسي.

 
مشاورات سياسية 

في سياق المشاورات، تؤكد مصادر يمنية مرافقة للمشاركين، أن "الأيام القليلة المقبلة مصيرية في مسألة المشاورات والخطة الأممية التي يجري التمهيد لها منذ فترة طويلة. وينتظر الطرفان أن تُسلّم إليهما الخطة رسمياً من قبل الأمم المتحدة، في الأيام القليلة المقبلة، من قبل بان كي مون".

 

وتوضح المصادر أنه "على الرغم من المواقف التي صدرت من الوفدين برفض الخطة ضمنياً، إلا أن المشاورات مستمرة، ولم تكن تلك الضغوط إلا أن من بوابة رفع السقف من قبل الطرفين، لمحاولة الضغط للحصول على تعديلات إضافية قبل طرح الخطة رسمياً. ويبقى تسلّم الخطة مكتوبة، الأمر المحوري في مسار المشاورات، خصوصاً مع اقترابها من عيد الفطر (نهاية الأسبوع الأول من يوليو/تموز المقبل)، وسط توقعات برفعها مؤقتاً فترة العيد".

 

وكان وفد جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحزب المؤتمر الشعبي العام بقيادة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، قد أعلن مستهل هذا الأسبوع، تمسكه بمطلب التوافق حول الرئاسة، في رد ضمني على خطة المبعوث الدولي، التي تتضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتهمل الحديث حول منصب الرئيس.

 

في المقابل، أكد وفد الحكومة، في بيان صحافي، أنه "بسبب عدم التزام الانقلابيين بالمرجعيات، فإنه لم يتم الاتفاق على أي شيء حتى الآن، وأنه لا يمكن الحديث عن أي ترتيبات سياسية (في إشارة لموضوع الحكومة قبل تنفيذ الانسحاب الكامل للمليشيات وتسليمها للأسلحة واستعادة الحكومة الشرعية لمؤسسات وأجهزة الدولة)". وتعدّى موقف الوفد الحكومي التشديد حول موضوع الحكومة، إلى الاشتراط بأن "أي شراكة سياسية في المستقبل يجب أن تكون بين قوى وأحزاب سياسية لا تتبعها مليشيات". ويعني هذا الموقف رفضاً ضمنياً الدخول في حكومة شراكة مع الحوثيين في الوقت القريب.

 

وتشهد الكويت لقاءات دبلوماسية وسياسية مكثفة، شارك فيها الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، الذي زار الكويت قبل يومين، فضلاً عن مشاركة الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، عبداللطيف الزياني. كما ينتظر وصول الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، يوم الأحد، فضلاً عن وجود دبلوماسيي الدول الـ18 المعتمدين لدى اليمن. وكل ذلك يأتي في إطار مناقشة الخطة الأممية والتحضيرات لطرحها رسمياً على مختلف الأطراف.

 

ويعوّل مراقبون على الضغوط الدولية في أي اتفاق مقبل، خصوصاً أن مختلف الأطراف أعلنت موقفها الرافض لأبرز مضامين الخطة الموجودة.

 

مؤشرات للتصعيد العسكري
بالتزامن، برزت مؤشرات التصعيد العسكري مجدداً في أكثر من جبهة في اليمن، بعد وصول تعزيزات من قوات التحالف العربي إلى مدينة مأرب، التي باتت مركزاً عسكرياً لقوات الجيش الموالية للحكومة الشرعية. كما شهدت زيارة لقائد قوات العمليات الخاصة السعودية، الأمير فهد بن تركي، الذي عقد اجتماعاً مع قيادة الجيش اليمني، وتحديداً رئيس الأركان اللواء محمد علي المقدشي، وقائد المنطقة العسكرية الثالثة اللواء الركن عبدالرب الشدادي، وقائد المنطقة العسكرية السادسة اللواء الركن أمين الوائلي، وقادة التحالف في جبهة مأرب.

 

وجاء هذا التطور، عقب يومين من تصعيد الحوثيين والموالين لصالح في جبهات عدة، مع اعتراض التحالف لصاروخ بالستي في محافظة مأرب. وكشفت مصادر رسمية يمنية أن "الأمير فهد بن تركي وصل، الأربعاء، إلى محافظة مأرب، كأرفع مسؤول عسكري سعودي يزور المحافظة في الفترة الأخيرة، بعد أن كان قد زارها سابقاً منذ أشهر".

 
في صنعاء، حلقت مقاتلات التحالف بصورة ملفتة وخرقت حاجز الصوت في ساعات متفرقة فجر أمس الخميس، كما نفذت غارات في منطقة كتاف، في محافظة صعدة، معقل الحوثيين الحدودي مع السعودية، والذي يشهد هدنة منذ مارس/ آذار الماضي. وهو تطور لافت ينذر بعودة المواجهات، وفي الوقت ذاته يأتي رداً على خطوات التصعيد الحوثية المتزامنة في أكثر من محافظة في البلاد منذ أيام.

 

كما تشهد مناطق القبيطة التابعة لمحافظة لحج، جنوبي اليمن، معارك عنيفة بين "المقاومة الشعبية" من جهة ومليشيات وقوات تحالف الانقلابيين من جهة ثانية، وذلك بعد سيطرة الانقلابيين على جبل جالس الاستراتيجي، المطل على قاعدة العند العسكرية، ويبعد عنها 45 كيلومتراً، الأمر الذي حذر خبراء عسكريون الحكومة الشرعية ودول التحالف العربي من تجاهله، مشددين على أهمية مديرية القبيطة العسكرية.

 

وقد جددت مقاتلات التحالف العربي، أمس الخميس، غاراتها مستهدفة مواقع مفترضة للانقلابيين في جبل جالس. وأوضحت مصادر تابعة للحوثيين وأخرى من "المقاومة"، أن "مقاتلات التحالف نفذت ثلاث غارات ضد مواقع في جبل جالس".

 
ووفقاً لخبراء عسكريين، فإنه "بسيطرة المليشيات على جبل جالس، بات بإمكانها استهداف قاعدة العند بصواريخ الكاتيوشا والصواريخ ذات المدى المتوسّط، من على قمّة الجبل". وعلى أثر التطوّر الأخير، تشير مصادر عسكرية، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "قوّات الشرعية المدعومة من قبل التحالف العربي، والمتمركزة في قاعدة العند، رفعت حالة التأهّب إلى القصوى، استعداداً لأيّ قصف قد يطاول القاعدة، التي يتّخذها التحالف مركزاً لتدريب المقاومة، ومنطلقاً لطائراته الحربية".

 

في السياق نفسه، حذر الخبير العسكري اليمني، العميد محسن خصروف، من تجاهل الحكومة الشرعية والتحالف العربي للمعارك الدائرة في مديرية القبيطة الرابطة بين ثلاث محافطات، هي عدن وتعز ولحج، وقال "يجب أن لا تبقى القبيطة تحت سيطرة المليشيات، وإذا وصلت الكاتيوشا إلى هناك، فالأمر خطير. وهذه رسالة للحكومة والتحالف".

 

وتتشكل القبيطة من سلسلة جبال وعرة، ويعتبر مصدر عسكري، أنه "إذا تتابع سقوط المواقع بيد الانقلابيين في منطقة القبيطة بعد سيطرتهم على جبل جالس الاستراتيجي، فسيهددون معسكرات صلاح الدين وقاعدة العند، والتي باتت تحت نيران صواريخهم".

 

وتعدّ القبيطة بوابة لدخول المحافظات الجنوبية، وتدافع مجموعات عدة فيها بأسلحتها الشخصية، وبجهود ذاتية، في ظل عدم اعتراف "المقاومة الجنوبية" بهذه المجموعات، وإن وجد الدعم فهو قليل جداً، ويصل عبر قائد الجبهة العقيد حسن سالم، وفقاً لمصادر في صفوف "مقاومة القبيطة".

 

وفي مأرب أيضاً، نجا رئيس أركان المنطقة العسكرية السادسة، العميد علي العواضي، من محاولة اغتيال قرب منزله في مدينة مأرب، مساء الأربعاء، أُصيب على أثرها بجروح، ونُقل إلى أحد مستشفيات المدينة، من دون أن تعلن أي جهة رسمية تفاصيل حول الحادثة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى