تقارير ووثائق

نشوان نيوز ينشر النص الكامل لإحاطة المبعوث الأممي ولد الشيخ بمجلس الأمن 31 أغسطس

قدم المبعوث الأممي إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد يوم الأربعاء 31 أغسطس 2016، إحاطة إلى مجلس الأمن، تضمنت العديد من النقاط الهامة حول التطورات الأمنية والسياسية وجهود استئناف المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة.

 

وفيما يلي "نشوان نيوز" ينشر نص الإحاطة، لما احتوته من نقاط مهمة:

 

31 أغسطس/آب 2016
سيدي الرئيس،
أشكركم على هذه الفرصة لإطلاع مجلس الأمن على آخر مستجدات مسار السلام في اليمن.
كان الشهر الماضي مأساوياً بالنسبة لليمن. فمغادرة الوفدين الكويت من دون التوصل إلى اتفاق نهائي خيبت آمال ملايين اليمنيين الذين كانوا يأملون أن تفضي المشاورات إلى إنهاء النزاع والعودة إلى المسار الانتقالي السلمي المنظم.
على الصعيد الأمني، أعقب اختتام مشاورات الكويت انهيارا خطيرا لوقف الأعمال القتالية وتزايدا ملحوظا للعمليات العسكرية. وتخلل الأسابيع الأخيرة مواجهات عنيفة في محافظات صنعاء وتعز والجوف وشبوة ومأرب وكذلك على المنطقة الحدودية بين اليمن والمملكة العربية السعودية. وقد أدى استخدام العنف إلى وفاة وإصابة عشرات المدنيين ونتج عنه المزيد من الدمار والنزوح.
رافق القتال خروقات عديدة للقانون الإنساني الدوليوقانون حقوق الإنسان. وقد أدان الأمين العام للأمم المتحدةفي 17 أغسطس/آب تواصل تصعيد القتال داخل اليمن وعلى الحدود وعمليات القصف الجوي والمدفعي والقتال على الأرض. كما استنكر بشدة استهداف مستشفى في حجة.
وفقاً لتقارير منظمات حقوقية تم اعتقال 60 شخصا، منهم ستة أطفال، من المجتمع البهائي في صنعاء بدون أن توجه إليهم أية تهم. كما وردت تقارير عن توقيفات أخرى في 16 أغسطس/آب الجاري، مما يعد مؤشراً مقلقاً على عدم احترام حقوق الأقليات. وأكرر نداء المنظمات والمجموعات الحقوقية التي تطالب بالإفراج الفوري عن المحتجزين. وفي هذا الصدد، نذكر الأطراف بضرورة اطلاق سراح كافة المعتقلين والسجناء والأسرى السياسيين.
كما أناشد كافة المجموعات والجهات المعنية باحترام واجباتها وفقاً للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، ولا سيما حماية المدنيين والبنية التحتية. وأود التأكيد على أن هذا التصعيد العسكري المستمر لا يخدم إلا المجموعات الإرهابية التي يوفر الفرص لانتشارها. فتنظيما القاعدة والدولة الإسلامية يستغلان غياب مؤسسات الدولة لإحداث المزيد من الخراب والدمار علىأرض اليمن. ففي 29 أغسطس/آب أدى هجوم انتحاري في عدن إلى مقتل وإصابة العشرات من المدنيين وأنا أدين بشدة هذا العمل الجبان . ومن خلال العمليات الأمنية في زنجبار وحضرموت وتوقيف مشتبه بهم ينتمون إلى القاعدة، تبين أن للجيش اليمني القدرة على مواجهة المجموعات المتطرفة، إلا أن غياب الدولة في مناطق عديدة من اليمن والفوضى الناجمة عن النزاع تساعد على انتشار هذه المجموعات الإرهابية التي تشكل خطرا كبيرا على المنطقة عامة.
سيدي الرئيس،
انتهت مشاورات الكويت بعد ثلاثة أشهر من المفاوضاتالصعبة. وأود هنا أن أجدد تقديري لأمير دولة الكويت صاحب السمو صباح الأحمد الجابر الصباح على الاستضافة الكريمة وعلى جهوده الشخصية في تشجيع الأطراف اليمنية على التوصل لاتفاق. إن مشاورات الكويت، وإن لم تتوصل إلى حل سياسي شامل، إلا أنها أفضت إلى نتائج مهمة. فخلال هذه المشاورات، تبلورت ملامح خارطة طريق سنتوسع في العمل عليها في الأسابيع المقبلة. وقد اتفقناقبل مغادرة الكويت على متابعة المشاورات مع كل طرف على حدة قبل أن نعيد الجميع إلى طاولة حوار واحدة في غضون شهر.
إن تأخر التوصل لاتفاق أمر في غاية الخطورة، خاصة في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد. إن تأخر سداد المرتبات في أجزاء كثيرة من اليمن أمر يدعو للقلق. وقد يؤدي انعدام الموارد والنقص في السيولة إلى استحالة سداد المرتبات في الأشهر القادمة. وتشير بعض التقارير إلى أن بعض موظفي الدولة المدنيين في عدن ومناطق أخرى بالجنوب لم يستطيعوا تحصيل مرتباتهم. إن وقف تحويل المرتبات يعرض المزيد من اليمنيين لخطر الفقر المدقعكما يهدد بتفاقم الوضع الإنساني المتردي. سيكون من الضروري إيجاد حلول عملية بشكل يسمح لليمن بتخطي أزمة السيولة ويضمن استمرار سداد المرتبات في كل أنحاء البلاد دون تمييز.
إنسانياً، أدى تزايد العنف في اليمن إلى تردي الوضع الإنساني بشكل كبير. فقد وصل عدد النازحين داخل البلاد إلى أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، فيما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بمعدل أكثر من 60% مقارنة بالأسعار قبيل الأزمة، وبالمقابل انخفضت الأجور بشكل ملحوظ. ومع تزايد الحاجة للمساعدة تواجه المنظمات الإنسانية عراقيل وتحديات متزايدة في الوصول إلى كثير من المناطق المتضررة. ومن الضروري الإشارة إلى أن القطاع الصحيوالخدمات الاجتماعية الأساسية الأخرى تعاني بدورهابحكم الاحتياجات المتزايدة والموارد المتناقصة. فضلاً عن ذلك، فإن توقف رحلات شركة الطيران اليمنية من وإلى صنعاء أغلق الطريق على اليمنيين الساعين لطلب الرعاية الطبية العاجلة خارج البلاد وأزال بذلك حبلاً للنجاة هم في أشد الحاجة إليه. وفي هذا السياق، أرحب بإعلان وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية جون كيري عن تأمين 189 مليون دولاراً إضافياً لخطة الاستجابة الإنسانية لليمن التي لم يؤمن منها حتى الآن سوى 28%.
سيدي الرئيس،
لقد قمت خلال الأسبوعين الماضيين باجتماعات مكثفة في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والامارات العربية المتحدة ودولة قطر. كما التقيت في الرياض مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء أحمد بن دغر اللذين جددا التزامهما بمتابعة المشاورات على أساس المبادئ التي تم التوافق عليها في الكويت. كذلك التقيت خلال هذه الزيارات بوزراء خارجية وشخصيات سياسية ودبلوماسية من اليمن وسلطنة عمان وقطر والامارات العربية المتحدة وبريطانيا وروسيا والولايات المتحدة الأميركية. هذه الاجتماعات أكدت تواصل الدعم الدولي لمسار السلام والالتزام الكامل لمساعدة البلاد على تخطي التحديات الانسانية والاقتصادية.
في لقاء مشترك خلال زيارتي الأخيرة للمملكة العربية السعودية، لقد أطلعت وزراء خارجية المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية على ما توصلنا إليه، خاصة وأن الهدف من هذا اللقاء هو تذليل العقبات التي تعيق تقدم مسار السلام. وقد تلى هذا الاجتماع لقاء مع وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي الذين أكدوا دعمهم التام لجهود الأمم المتحدة. وتبين خلال اللقائين حرص المشاركين على العودة إلى قرار وقف الأعمال القتالية الذي أعلن في 10 نيسان / أبريل 2016 وعلى ضرورة التوصل إلى حل سياسي كامل وشامل مع تزمين واضح للإجراءات الأمنية والسياسية بناء على قرار مجلس الأمن رقم 2216 (2015) والقرارات والبيانات الأخرى ذات الصلة، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ومبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية.
إن الاتفاق المقترح يفتح المجال لانشاء حكومة وفاق وطني مباشرة بعد تسليم السلاح في صنعاء وبعض المناطق الحيوية. سوف يتم الاشراف على التنفيذ من خلال لجان عسكرية وأمنية يتم تشكيلها من كبار الخبراء العسكريين المتفق عليهم من الطرفين. كما تتولى هذه اللجان مسؤولية حماية أمن المواطنين وسلامة البنية التحتية ومؤسسات الدولة. وسينص هذا الاتفاق على إعادة تفعيل مؤسسات الدولة بشكل فوري وحازم.
سيدي الرئيس،
إن استئناف المشاورات المباشرة لن يكون ممكناً إلا إذا احترمت الأطراف التزامها بالحل السلمي وعدم اتخاذها لأية قرارات أحادية تؤثر على عملية السلام. وأود أن أسجل قلقي الشديد من إعلان أنصار الله والرئيس السابق علي عبد الله صالح عن تشكيل مجلس سياسي بصلاحيات إدارية وأمنية واقتصادية وتشريعية واسعة. إن هذه الأفعال تخالف الالتزامات التي قدمها كل من أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام للمشاركة الفعالة في مسار السلام وفقاً لما أوصى به مجلس الأمن، وتخلق عراقيل محتملة جديدة للتقدم نحو اتفاق بين الأطراف.
إن المبادرات الأحادية من هذا القبيل تعيق مسار السلام وتعرقل وقف النزاع المسلح. فمن الصعب طرح حلول سياسية تفاهمية بينما هناك قرارات تتخذ من جهة واحدة ولا تتماشى مع التصور العام لاتفاق مستقبلي شامل. وأنا أحث الأطراف على الامتناع عن أية قرارات أحادية لا تخدم مسار السلام في اليمن.
واستنادا على الدعم الدولي والاقليمي، سوف أواصل المشاورات مع وفد الحكومة اليمنية ووفد المؤتمر الشعبي العام وأنصار الله حتى نبلور المقترحات المقدمة ونبني على ما تم التوصل اليه في الكويت.
سيدي الرئيس،
من أجل تسريع الوتيرة لعقد جولة جديدة من المشاورات يبقى الالتزام الكامل بوقف الأعمال القتالية ضرورياًوملحاً. فتواصل العنف لن يساعد على التوصل إلى حل سلمي. وبناء على ذلك، فإن الأولوية في اجتماعاتي مع الأطراف ستكون لتجديد التزامهم بتثبيت وقف الأعمال القتالية، بدءا بانتقال كامل أعضاء لجنة التهدئة والتنسيق إلى ظهران الجنوب في المملكة العربية السعودية بحسب ما تم الاتفاق عليه. وكما أكدنا فيما سبق، فإن وقف الأعمال القتالية يشتمل على الإنهاء الكامل لمختلف العمليات العسكرية براً وبحراً وجواً، وأياً كان نوع السلاح المستخدم. ومن الضروري أن تشمل كذلك تهدئة كاملة على حدود اليمن مع المملكة العربية السعودية.
إن إعادة التزام الأطراف بوقف الأعمال القتالية سيجنب اليمن المزيد من الخسائر البشرية ويفسح المجال لمزيد من المساعدات الإنسانية كما سيزيد الثقة بينهم للتوصل إلى حل سلمي شامل. وحده الحل السياسي التوافقي سيساهم في إنهاء الظلم ووقف هدر الدماء في البلاد. لقد عانى اليمنيون الكثير ولفترة طويلة وعلى القيادات اليمنية أن تبرهن عن حرصها على أمن الوطن والمواطن وأن تعمل على إعادة السلام إلى اليمن بدون أي تسويف أو تأخير.
ان السلام في اليمن أولوية وسلامة اليمنيين يجب أن تكون من المسلمات. لقد جندت الأمم المتحدة كل خبراتها السياسية والادارية لمساعدة اليمنيين ولكن ذلك لا يكفي ان لم يتحمل المسؤولون مسؤولياتهم الوطنية ويغلبوا المصلحة العامة. ان الأمم المتحدة لم ولن تخذل اليمن. وعلى المسؤولين اليمنيين تحمل مسؤولياتهم الوطنية حتى لا يخذلوا اليمنيين، كل اليمنيين، في الشمال وفي الجنوب.

زر الذهاب إلى الأعلى