يعيد استقبال القاهرة قبل أيام لوفد من حزب المؤتمر الشعبي اليمني، الذي يتزعمه الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، تساؤلات حول طبيعة الدور الذي يؤديه النظام المصري حيال الملف اليمني، وخصوصاً أنها ليست المرة الأولى التي يُبدي فيها هذا النظام مرونةً تجاه أطراف الانقلاب في اليمن من جماعة الحوثيين والرئيس السابق، على عكس موقف التحالف العشري الذي يشارك فيه.
وكان مساعد وزير الخارجية المصرية للشؤون العربية، السفير عبدالرحمن صلاح، قد استقبل الأسبوع الماضي وفداً من قيادات حزب المؤتمر، من دون إعلان أسباب هذا اللقاء.
وقال موقع الحزب، عبر الإنترنت، إن المؤتمر طالب المسؤولين المصريين وقْف ما سمّاه "العدوان على اليمن"، فضلاً عن رفع الحصار المفروض. كذلك ترددت أنباء قوية عن سماح السلطات المصرية للحوثيين بإقامة معرض بالقاهرة، للتنديد بما وصفوه "العدوان السعودي على اليمن"، فيما نسبت تنظيمه وكالة "سبأ"، التي يسيطر عليها الحوثيون، إلى "عدد من الطلاب والناشطين اليمنيين".
وبينما أبدى وزير الخارجية اليمني بالوكالة، رياض ياسين، تعجبه من استقبال القاهرة وفداً من حزب صالح، أثارت مواقف القاهرة تساؤلات حول الدور الذي تؤديه القاهرة في الأزمة، وهل هو دور متفق عليه من قبل التحالف العشري أم أنه هروب النظام الحالي من الحرب الدائرة في اليمن، وخصوصاً أن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، تنصّل من وعوده بإرسال قوات مصرية بالرغم من تصريحات سابقة له اعتبرت أن "أمن الخليج خط أحمر بالنسبة لمصر".
وكانت للسيسي مواقف تثير علامات الاستفهام، إذ إنه عقب انقلاب الحوثيين وسحب دول الخليج ومعظم الدول الغربية سفراءها من اليمن، قرر تعيين يوسف الشرقاوي سفيراً جديداً إليها. وعقد الشرقاوي لقاءات مع الحوثيين وحزب المؤتمر، قبل أن يقرر نظام السيسي سحبه مرة أخرى، بسبب ضغوط خليجية ودولية، بحسب بعض التفسيرات.
من جهتهم، حاول الحوثيون مغازلة النظام من خلال التأكيد أكثر من مرة على أنه لا مساس بمضيق باب المندب والتأثير على حركة الملاحة في قناة السويس.
يقول الخبير السياسي، مختار غباشي، إن استقبال القاهرة لوفد من حزب علي عبد الله صالح أو جماعة الحوثيين في اليمن أمر غير خاطئ من حيث الشكل، لأنهم مدعوون لمفاوضات مع الأمم المتحدة.
ويشدد غباشي على أنه "من حق أية دولة استقبال أطراف الأزمة على الساحة اليمنية، ومحاولة أداء دور الوساطة، وربما هذا ما يحاول النظام الحالي تنفيذه"، لكنه عاد لتأكيد أن هذا الدور لم يعد من اختصاص مصر، لأنها شريك في التحالف العشري.
ويلمّح غباشي إلى إمكانية أن تؤدي مصر دوراً في الوساطة بناء على اتفاق مسبق مع دول التحالف، وإلا لما استقبلت القاهرة وفوداً من أطراف الأزمة، وآخرهم نائب الرئيس اليمني، خالد بحاح. ويشير غباشي إلى أن الأزمة في اليمن لن تنتهي بالحل العسكري، وإنما بالحل السلمي، واتخاذ تدابير تضمن عدم تكرار ما شهده اليمن خلال الأشهر القليلة الماضية.
في المقابل، يقول دبلوماسي مصري، تحفظ عن ذكر اسمه، إنّ "النظام الحالي يحاول اللعب على كل الأطراف، وبالتالي يتواصل مع كل طرف وكأنه حليفه هو فقط"، لكنه يحذر من أن هذه السياسة لم تجد نفعاً بالنسبة لمصر.
كما يشير الدبلوماسي إلى أنّ "توجهات النظام الحالي، وعدم الاعتماد على الأصول الدبلوماسية واتباع طريق واضح ومحدد تجاه الأزمات في العالم، يُدخل مصر في خلافات مع أطراف دولية وإقليمية فاعلة".
ويطالب الدبلوماسي نفسه القاهرة بإعلان الهدف من استقبال وفد من حزب صالح، محذراً من أنه إذا تبين أنّ استقبال النظام المصري للمشاركين في الانقلاب لم يكن بناء على دور متفق عليه، فإنه سيكون للأمر تأثيرات سلبية من حيث العلاقة مع دول الخليج، وتحديداً السعودية.