arpo14

مهنة واحدة للمهمشين في اليمن

أحمد علي شاب قادم من منطقة "حرض" في محافظة حجة إلى العاصمة صنعاء للعمل في قطاع النظافة، بأجر يومي يعادل 4 دولارات. يقول "إنه لا يعرف طريق المدرسة، حيث كُلفة التعليم باهظة جداً أمام أسرته الفقيرة".

يعمل في قطاع النظافة ما يزيد عن 40 ألف عامل جميعهم من فئة المهمشين المعروفة في اليمن ب"الأخدام". ويعمل الكثير منهم بالأجر اليومي، في حين تم توظيف نسبة ضئيلة منهم بصورة رسمية وبراتب شهري يصل إلى نحو 126 دولاراً.

[b]عنصرية اقتصادية[/b]

"الأخدام" مصطلح عنصري يعاني منه أصحاب البشرة الداكنة المائلة للسواد كثيراً بحسب أحمد علي. ويشير إلى أنهم يواجهون عنصرية اقتصادية واجتماعية، من قبل المجتمع، لكن ما يزيد من ثقل معاناتهم هو الاضطهاد الذي يعانون منه من قبل الدولة.

تتجسد العنصرية الاقتصادية في اليمن اتجاه الكثير من العاملين في المهن الدنيا. تبرز ثقافة العيب في الكثير من المهن، مثل"أعمال النظافة، الحلاقة، الجزارة، والخدمة في المنازل". وتبرز فئة "الأخدام، أو العبيد" بأنها الأكثر معاناة. يمتهن أبناؤها أعمالاً محتقرة في نظر العرف الاجتماعي القبلي في اليمن. يعيشون في مجتمعات معزولة اجتماعياً عن بقية فئات المجتمع. ويقول أحمد بحيبح أحد أبناء هذه الشريحة "إن مختلف شرائح المجتمع اليمني لا تخالطنا حتى أن الكثير من المطاعم لا تسمح لنا بالجلوس على المقاعد، بل يطالبوننا بتناول الطعام على أرصفة الشوارع". يعيش معظمهم في منازل من الصفيح والأخشاب، وينتشرون في صنعاء وتعز والحديدة، إضافة إلى عدن والمكلا ولحج وأبين.

هذه الفئة التي تغيب عنها الإحصاءات الرسمية، وتحددها الإحصاءات غير الرسمية بنحو 5% من إجمالي عدد السكان، هي الأكثر فقراً والأقل تعليماً. في حين أن فئة من يُعرفون في اليمن ب"المزاينة" الذين يمتهنون الحلاقة والجزارة، يعتبرون من الطبقات متوسطة الدخل على الأقل، حيث استطاعت هذه الفئة أن تتجاوز العنصرية بمختلف أشكالها ودفعت بأبنائها إلى المدارس والجامعات وحصلت على حقهم في الوظيفة العامة.

تقول الدكتورة نجاة جمعان "رغم انحصار أوجه العنصرية مع تطور المجتمع، إلا أن هناك فئات لاتزال تعاني منها، وهذه الفئات تكون عادة منبوذة، ولا تتمتع بالفرص المتساوية مع بقية أفراد المجتمع"، مشيرة إلى أن هذا الأمر يولد ردود أفعال سلبية، فإما تنكمش هذه الفئة في زاوية معينة من المجتمع، وبالتالي لا تساهم بشكل فاعل في التنمية، أو أنها تتحول إلى جماعة متطرفة وتؤثرعلى المجتمع بشكل أو بآخر.

إلى ذلك، يواجه الكثير من اليمنيين أنواعاً متعددة من الممارسات العنصرية ذات الطابع الاقتصادي. فهناك تمييز في المهن والأعمال والحصول على الوظيفة العامة، فضلاً عن المناصب القيادية التي تُحرم منها الكثير من الكفاءات وتُمنح وفق ولاءات شخصية ومناطقية ومذهبية ضيقة وفق ما يؤكده مرزوق عبد الودود محسن المدير التنفيذي لمركز التنمية الاقتصادية الاجتماعية، ويشير إلى أن لهذه العنصرية كُلفة اقتصادية واجتماعية كبيرة، كما أنها تسهم في تدهور مؤسسات الدولة.

ومن جهتها، تشير جمعان إلى أن العنصرية التي تُمارس في الوظيفة العامة ناجمة عن الفساد، حيث أصبحت مغنماً لفئة معينة، وتقول "من يملكون القرار يحرصون على منح هذه الوظائف لأصحابهم وأقاربهم، وبالتالي فهي ليست مبنية على معيار الكفاءة والقدرة أو متطلبات الوظيفة". وبحسب جمعان فإن هذه الأعمال أدت إلى ظهور الفساد، وإلى غياب القرارات الصائبة بسبب عدم توفر الكفاءات المهنية والإدارية.

تنحصر مهن المهمشين في إعمال النظافة، أو ما يسمى "الأخدام"، إضافة إلى مهنة "الحِمَالَة" والصرف الصحي، ويرى البعض أن هذه الفئة لم تهتم بتغيير نمط حياتها، حيث لا يهتمون بإكمال تعليم أبنائهم، ولا ينخرطون في المجتمع، الأمر الذي حرمهم من الحصول على وظائف مرموقة، بحسب ما يراه الباحث الاجتماعي عبدالله غيلان.

ويقول "إن العنصرية الاقتصادية في المجتمع اليمني متعددة الأوجه منها ما تقوم به الشركات العائلية في اليمن من توظيف وفق نطاق جغرافي محدد بحيث تمنح الأولوية لأبناء مناطقها".

زر الذهاب إلى الأعلى