تشير منظمة الهجرة الدولية، إلى أن أكثر من 100 ألف مهاجر غادروا اليمن إلى الخارج، معظمهم من الفقراء، وذلك عبر مناطق مختلفة، بطرق غير شرعية، ما يعرّض حياتهم إلى الخطر.
وقد قدرت المنظمة أن يكون الرقم أكبر من ذلك، لولا الظروف الجغرافية المحيطة باليمن. يقول مصطفى نصر، رئيس مركز الإعلام الاقتصادي "إن ظروف اليمن الاقتصادية والجغرافية تجعل الفرار إلى خارج البلاد أمراً أكثر صعوبة وخطورة حتى من الدول التي تعيش حروباً قاسية، مثل سورية.
فالأخيرة تحدّها براً دول كثيرة تتشابه معها اقتصادياً واجتماعياً. وعلى العكس من ذلك، فإن اليمن الفقيرة تحدها شرقاً سلطنة عمان، لكنها البعيدة من حدودها، والمملكة العربية السعودية التي تمتلك حدوداً طويلة مع اليمن معظمها صحراوية حارة غير صالحة لإقامة مخيمات، أما غرباً وجنوباً فيحدها البحران الأحمر والعربي". يضيف نصر "لولا هذه العوامل لقفز عدد المهاجرين من اليمن إلى مستويات أعلى، خاصة أن أكثر من 80% من اليمنيين في أشد مراحل الفقر بعد أن خرج أكثر من 60% من القوى العاملة من سوق العمل".
[b]انحسار المنافذ[/b]
وقد تسبب الحصار على منافذ اليمن البحرية بمنع إمداد تحالف الحوثيين-صالح بالسلاح، في انحسار جميع منافذ الهجرة إلى مناطق محدودة جداً مثل الموانئ البحرية في الحديدة والمخاء وعدن والمكلا أو المنافذ البرية إلى شحَن نحو عُمان أو الوديعة نحو السعودية، ليبقى أمام أشد اليمنيين فقراً وانعداماً خيار الانتقال بين الحدود مع السعودية عن طريق التهريب ليلاً.
أما المهاجرون الشرعيون وأعضاء أسرهم، وهم الأفضل حالاً اقتصادياً ومنهم مستثمرون أو صحافيون أو ناشطون سياسيون، فيدفع هؤلاء أكلافاً رسمية وغير رسمية خلال سفرهم تصل إلى 345 دولاراً. ويقول عدد من الذين نزحوا، أو يحاولون النزوح، إن المهاجر الواحد يدفع 45 دولاراً كلفة السفر من العاصمة صنعاء إلى معبر الوديعة الحدودي الصغير والوحيد إلى المملكة، وبسبب تزايد أعدادهم على المنفذ، يضطر المهاجر إلى إنفاق 120 دولاراً خلال معيشته حوالي 5 أيام في فنادق على الحدود، بالإضافة إلى نحو 30 دولاراً قيمة الرسوم الرسمية، و90 دولاراً كلفا غير رسمية كرشى من أجل تيسير إدخاله إلى الأراضي السعودية والإسراع في ذلك، ثم يدفع 110 دولارات لإيصاله إلى مدينة الإقامة.
أما الفقير، ممن لا يعرفون كفيلاً في السعودية، فيتوجه نحو أفريقيا، وهنا تختلف التكلفة، فعليه تسديد 450 دولاراً قيمة الغذاء والنقل بالحافلة إلى مسقط العمانية بالإضافة إلى 290 دولاراً قيمة فيزا ترانزيت عند وصوله الحدود في منفذ "شحن"، ثم 250 دولاراً للمعيشة والسكن 3 أيام حتى يتم انتقاله للإقامة في كينيا أو إثيوبيا بقيمة 400 دولار. ويشكّل إجمالي المبلغ 92% من متوسط الدخل السنوي للفرد اليمني.
[b]مخاطر مرتفعة[/b]
فيما يتجه كثيرون نحو البحر على قوارب تهريب المواشي، حيث تنفق الأسرة نحو 600 دولار للرحلة نحو جيبوتي أو الصومال، لكن هذه الرحالات عادة ما تكون محفوفة بمخاطر الغرق. كما تعاني النساء والأطفال بسبب قضائهم أكثر من 18 ساعة خلال الرحلة تحت الجوع وحرارة الشمس ورذاذ مياه البحر المالحة. أما الفئات الأفضل حالاً فإنها تفضل دفع الانتقال عبر الجو نحو الأردن، البلد الوحيد الذي لا يزال يستقبل اليمنيين بدون فيزا ليقيموا هناك أو ينطلقوا إلى بلدان محددة ومحدودة مثل ماليزيا أو تركيا بقيمة 500 أو 800 دولار على التوالي.
ويعلق الخبير الاقتصادي علي الوافي، قائلاً: "ينفق أولئك المهاجرون هذه الأكلاف الباهظة بسبب انعدام الوقود، وارتفاع أسعاره في اليمن واحتكار الطيران اليمني للنقل الجوي. ويواجه المسافرون عبر الحدود مخاطر القصف المتبادل بين طرفي الحرب في مناطق التماس قرب مأرب وإجراءات تفتيش وتحقيق عند أكثر من 20 نقطة تفتيش لمليشيا الحوثيين".