أرشيف الرأي

فليحذر الباحثون من فخ مصطلح "الوهابية"

خص الأمير سلمان بن عبدالعزيز جريدة «الحياة» اللندنية بهذا المقال الذي يحذر من خطأ يقع فيه باحثون كثر، وهو انسياقهم وراء من ينادي بالوقوع في فخ مصطلح «الوهابية»، والمقال يوضح ملابسات ما يبدو خطأ منتشراً لدى كتاب وباحثين في بلاد عربية وأجنبية، فيما لا يخلو لدى البعض من اساءة إلى دعوة نادت وتنادي بالعودة إلى مبادئ الاسلام كما وردت في الكتاب والسنة:

"اطلعنا على ما نشرته صحيفة «الحياة» في عددها الصادر في يوم الاثنين 29 آذار (مارس) 2010، إذ نشرت مقالاً جيداً بعنوان «الدعوة الوهابية» للدكتورة بصيرة الداود، ومقالاً في يوم الاثنين 12 نيسان (أبريل) 2010 للكاتبة نفسها بعنوان «أمانة التاريخ بين الشيخ الإباضي والشيخ السلفي»، وتعقيباً في يوم الخميس 15 نيسان 2010 لخليل بن عبدالله الخليل بعنوان «نظرية الشويعر ليس لها أساس».

وحيث تناولت هذه المقالات سبب تسمية دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب بالوهابية والرأي حيال ذلك، وإشارة إلى ما ذكرته عن الدعوة في حديثي السابق في مناسبة حفلة رفع أكبر علم للمملكة العربية السعودية في الدرعية في شأن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ومبادئها الصحيحة.

فإنه من المناسب أن أوضح للقارئ أن بعض الكتابات يخلط بين وصف الدعوة بالوهابية وبين المصطلحات الأخرى، اعتقاداً بأن الأمر يتعلق بالمصطلح فقط، بينما الحقيقة هي أن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - التي أيّدها وناصرها الإمام المؤسس محمد بن سعود - رحمه الله - واستمر على ذلك أبناؤه وأحفاده إلى يومنا هذا، إنما هي دعوة للعودة إلى مبادئ الدين الإسلامي كما جاءت في الكتاب والسنة النبوية الشريفة.

وبإمكان أي منصف أن يطلع على رسائل الشيخ محمد بن عبدالوهاب وكتاباته، ليتبيّن له عدم وجود جديد في تلك الدعوة يخالف الكتاب والسنة ويخالف منهج السلف، وما هي إلا دعوة إلى العودة إلى الأصول الصحيحة للعقيدة الإسلامية الصافية التي هي أساسها ومنطلقها.

والقول بأن وصفها بالوهابية هو شيء طبيعي ليس صحيحاً، لأن أساس تلك التسمية في الغالب انطلق لأجل التشويه والإساءة.

أما ما يتعلق بما ذكره الدكتور محمد الشويعر من أن أعداء الدعوة استخدموا تلك الحركة التي قادها عبدالوهاب بن رستم والتي اتسمت بسمات خارجة عن الأصول الدينية المعروفة، والغرض من ذلك تشويه سمعة الدعوة ومبادئها لدى المسلمين في بلاد المغرب العربي، فإن هذا التفسير يعد واحداً من تفسيرات عديدة لأسباب إطلاق اسم «الوهابية» على الدعوة. ورفض هذا التفسير ليس مناسباً، لأن الحملة التي قصد بها تشويه دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الإصلاحية كانت واسعة النطاق بما في ذلك منطقة المغرب العربي، ولكنه ليس التفسير الوحيد.

أما ما ذكره الكاتب خليل الخليل من أن مصطلح «الوهابية» يماثل ما نُسب إلى المذاهب الأربعة، فهذا في رأيي غير صحيح، لأن القول بهذا الأمر هو القول بأن ما جاء به الشيخ هو مذهب جديد، كما أن الشيخ يستند في فتاواه وآرائه على المذاهب الأربعة. وما ذكره الكاتب من أن «الوهابية» أصبحت وجهاً آخر للسلفية فهذا غير صحيح أيضاً، لأن السلفية الصحيحة هي ما كان عليه السلف الصالح من منهج ملتزم بالكتاب والسنة، ودعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب هي عودة إلى ذلك المنهج ولم تستخدم السلفية لأغراض حزبية أو اسمية كما شاع في عصرنا الحديث، للأسف الشديد.

كما أقحم الكاتب خليل الخليل في تعقيبه قضايا أخرى مثل رأيه أن هناك حاجةً إلى إصلاح مضامين وممارسات السلفية التي أساسها دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب من الداخل، وهنا نتساءل: كيف نطالب بإصلاح مضامين الدعوة وهي تلك المضامين التي نادى بها القرآن الكريم والسنة النبوية؟

إن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ليست منهجاً جديداً وليست فكراً جديداً، وأكرر هنا المناداة بأن من يستطيع أن يجد في كتابات الشيخ ورسائله أي خروج على الكتاب والسنة وأعمال السلف الصالح فعليه أن يبرزه ويواجهنا به.

لذا أدعو الكُتّاب والباحثين إلى عدم الانسياق وراء من ينادي بالوقوع في فخ مصطلح «الوهابية» وأنه مجرد مصطلح بينما يتناسى هؤلاء الهدف الحقيقي من وراء نشر هذا المصطلح للإساءة إلى دعوة سلفية صحيحة ونقية ليس فيها مضامين تختلف عما جاء في القرآن الكريم وما أمر به نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم)، بخاصة أن هذا التشويه جاء من جهات متعددة لا يروق لها ما تقوم به تلك الدعوة الصافية من جهة، وما أدت إليه من قيام دولة إسلامية تقوم على الدين أولاً وتحفظ حقوق الناس وتخدم الحرمين الشريفين، وهي الدولة السعودية التي مكنها الله في هذه البلاد لتخدم المسلمين جميعاً وتحافظ على هذا الدين، لأنها قامت على أساسه ولا تزال".

* أمير منطقة الرياض، رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز.

زر الذهاب إلى الأعلى