مما يؤسف له أن ترى المؤتمر الشعبي العام يقوم ببعض الممارسات التي لا تتفق مع حزب يحكم بلد بحجم اليمن بمساحتها وسكانها، ومن أهم تلك الممارسات التي لا تحتاج إلى إثبات كونها معلومة في الأحياء والقرى.
على سبيل المثال تسويق الغاز المنزلي حيث يقوم عقال الحارات وبعض قيادات وكوادر المؤتمر بتولي بيع الغاز وبفارق عن السعر الرسمي يصل إلى(50%) ، ومن ذلك التصرف بالوظيفة العامة توظيف ونقل وترقية ...الخ ، ومن ذلك استحواذ النافذين على ملايين الريالات تحت مبرر حشد الجمهور لمناصرة الحاكم ، بينما لا يحصل الكثير من البسطاء ولو على شربة ماء من تلك المخصصات ،وسعيد الحظ منهم قد يحصل على وجبة غداء أو مصروف جيب يومي ، بينما تذهب تلك الملايين إلى جيوب نافذين ، ولا يصعب على أحد ملاحظة النعمة التي ظهرت على بعضهم فجأة ، فشيدوا المباني واشتروا السيارات الفارهة ، بينما البسطاء لازالوا على فقرهم وغفلتهم.
ومن أشد الأخطاء التي بدأت بوادرها في أحياء أمانة العاصمة ونود الإشارة إلى أمانة العاصمة لوجود كاتب هذه السطور فيها، وذلك لا ينفي حدوث نفس المشاهد في محافظات أخرى ، تلك الأخطاء تتمثل بتشكيل مليشيات مسلحة من قبل نافذين في المؤتمر الشعبي العام تحت مسمى اللجان الشعبية والحراسات الليلية مزودة بأسلحة شخصية ، ومن العجيب انتقال عدوى المليشيات إلى بعض الموظفين المدنيين ، ففي أحد أحياء شمال الأمانة فوجئ السكان بقيام مدير إحدى المؤسسات المدنية وهو عضو في الحزب الحاكم بإحضار مرافقين مسلحين لحراسة منزله ، وبحركة هؤلاء المسلحين في حارة لم تألف هذه المظاهر نُشر الرعب بين سكان الحي ، فلا ندري من سمح بتلك التجاوزات مع أن الخطاب الإعلامي للحزب الحاكم يدعي التمسك بالشرعية الدستورية فأي شرعية وتلك الإجراءات تخرق الدستور في مادتيه (40،36) التي تؤكد على أنه (لا يجوز لأي هيئة أو فرد أو جماعة أو تنظيم أو حزب سياسي إنشاء قوات أو تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية لأي غرض وتحت أي مسمى ، كما يحضر تسخير القوات المسلحة والأمن أو الشرطة وأية قوات أخرى لصالح حزب أو فرد أو جماعة) ، فالأصل أن الحكومة كمؤسسة رسمية ممثلة بوزارة الداخلية لديها عشرات الآلاف من قوات الشرطة الرسمية ، تلك القوات هي قوات الشعب وفي خدمة الشعب ويجب أن يوكل إليها وحدها حماية الأمن دون توصية أو تدخل من حزب أو فرد أو جماعة.
البعض قد يقول وما الخطر من ذلك طالما أن الهدف حماية الناس؟؟؟ والإجابة على ذلك تؤكدها الوقائع المشاهدة والمسموعة منذ بدأ عمل تلك المليشيات ، ففي شمال أمانة العاصمة على وجه التحديد يسمع دوي إطلاق نار ليلاً في الحارات في فترات مختلفة كان آخرها في ليلية جمعة الأمن والاستقرار وبعدها ، وعندما يسأل الأهالي هؤلاء الحراس في صباح اليوم التالي يكون ردهم بالنفي أو بأعذار واهية ، المهم في الأمر أن هؤلاء في الغالب شباب صغار السن من شباب الحارات ، وتم تكليفهم بهذه المهام ودون إشراك سكان الحارات أو معرفتهم بأسباب تشكيل هذه المليشيات ، بل أن الأهالي يتسألون ما دورنا في حفظ أمن حاراتنا بغض النظرعن انتماءاتنا الحزبية ، فالأصل أن سكان الحارات والقرى إخوة وجيران تجمعهم رابطة المجورة قبل أي اعتبارات أخرى ، وفي نفس الوقت يتسألون كيف يسمح لأشخاص عاديين منا بحراسات مسلحة في وسط أحياء تتصف بالمدنية ؟!!
إذن لماذا تتم تلك المخالفات وفي عاصمة الدولة ومن قبل حزب حاكم ، وهل هناك ضرورة لا نعلمها تستدعي ذلك ، ثم هؤلاء الشباب ممن يتم تسليحهم كيف سيتم استيعابهم واستعادة الأسلحة بعد ذلك منهم ، وماذا لو ساءت الأحوال الأمنية لا سمح الله ، وهناك أسلحة نارية بيد شباب بعضهم في سن المراهقة كيف سيتصرفون بها ، وماذا سيكون موقف الأهالي من غير المنتمين للمؤتمر الشعبي العام ، أسئلة وأسئلة عديدة أخرى هل يستطيع من أمر بتشكيل وتسليح هذه المليشيا الإجابة عليها ، لا ندري؟؟؟ ولكن ما هو مؤكد أن تلك خطوة خاطئة ستنشر الرعب والخوف خاصة في مجتمع مدني يفترض فيه تواجد الدولة بأجهزتها الأمنية لا بمليشيات حزبية أو فردية.
قد يقول البعض أن هذه الخطوة مجاراة لما جرى في بعض المحافظات والمتمثل بتشكيل المجالس الأهلية ، نقول لهم ما جرى في بعض المحافظات غير قانوني ، وهو يشير إلى تراجع دور الدولة فيها ، ولكن ما يختلف عن تلك التجربة أن ما جرى في تلك المحافظات قيام الأهالي جميعهم تقريباً بالتشاور وانتخاب المجلس الأهلي ، بينما في صنعاء تتم تلك العملية بعلم الحزب الحاكم ، مما يعني تراجعه بل وتخليه عن دوره القانوني كحزب حاكم في ترسيخ الأمن والاستقرار ، وخاصة أنه خصص جمعة بهذا العنوان ، بل وفي عاصمة الدولة التي يفترض أن تكون مركز نفوذه السياسي والقانوني.
أخيراً رسالتي للإخوة في الحزب الحاكم ، أن يكونوا أكثر ولاءً لحزبهم ، وأن لا تجرهم مصالحهم الشخصية إلى الإساءة لحزب ورئيس حكم لعقود من الزمن ، وأقول مصالحهم الشخصية لأن تشكيل تلك المليشيات وتسليحها يتم كما يشاع بموازنات تصل إلى عشرات الملايين من الريالات ، فكم يصل منها للشباب المكلف بالحراسة وأين تذهب بقية الملايين؟؟؟ وهل هناك من يحاسب الفاسدين في هذه الظروف ، لا ندري؟؟؟ وبنفس الدرجة الأشخاص المدنيون وهم رموز معروفون في المؤتمر، ألا يستحون عندما يشكلون حراسات خاصة تنشر الرعب في الحارات ، ألا يعني ذلك أنهم يسيئون لحزبهم ، كون تصرفاتهم تشير إلى عجز حزبهم عن الحكم ، مما يعني ضمنياً شرعية مطالب الشباب بإسقاط النظام الحاكم ، لأنه فشل في إدارة الدولة ونشر الرعب والخوف ، إن هؤلاء أعداء المؤتمر وليسوا أنصاره!!!!! ثم أن ما وراء ذلك القرار نذر شؤم ، واهم بوادر نذر الشؤم تكرار إطلاق النار في الأحياء ليلاً وإن كان في الهواء ، فإنه ينشر الخوف والرعب لدى الأطفال والنساء و بقية أفراد المجتمع ، في وقت لازالت الدولة قائمة بكل وزاراتها وأجهزتها الأمنية والعسكرية.