قبل حولي ثلاثة أشهر، اختفت أربعة صواريخ من مقر القاعدة الجوية، في حقيقة الأمر كان مجرد خبر وأصبح أخباراً.
لم نتأكد حينها من الخبر المرعب، ولم يفدنا أحد لماذا صار(الخبر) أخباراً متعددة الزوايا، وقصصاً متباينة القوالب والتفاصيل؟.
لتبقى الأخبار من هذا النوع وفي مثل هذه الحالة في عداد الشائعات، ويجب أن تظل في خزانة مصدرها الأول، ولا خوف منه.
حدث الخبر- الشائعة المجانية أو حتى التسريب المدفوع - فالأمر واحد، لكنه انتشر في مطلع هذا العام، وتحديداً عقب اندلاع احتجاجات منتسبي القاعدة الجوية في قيادة القوات صنعاء.
ليلحق بها انفجار طائرة شحن عسكرية من نوع إنتينوف روسية الصنع، وقال يوم أربعة مارس من هذا العام الجاري بيان لأحرار الجوية اتهم قيادة قاعدة الديلمي الجوية بالوقوف وراء عملية التفجير في إطار عملية التخريب التي تشهدها القاعدة.
ذهب الحديث عن تلك الصواريخ الأربعة بشكل مخيف، وكل من تحدث عنهم عليه أن يقدم روايته على طريقته الخاصة.
تأخذ زاوية الحديث أسلوب صاحبها الفذ، المعلومة المبطنة بالرأي الشخصي في أغلب الأوقات، وإضفاء التخويف والقلق هو عين الصواب في عهدة الراوي.
وإلا ما فائدة أن يخوض البعض في القصة الناقصة، أو يتحول في غمضة عين إلى ميكرفون متنقل لخبر غائب أصلاً، وليس له أي أساس من الصحة.
ما يبعث على القلق في حديث أغلب من خاضوا في هذا الجانب، ومنذ حوالي خمسة أشهر، أن يكون من قام بعملية تهريب هذه الصواريخ الأربعة إلى الجماعات المتشددة، أو أي جهات أخرى.
لا شك، ستمثل مثل هذه الحادثة صفقة رابحة لأصحابها، لكنها في المقابل ستجلب الموت في الطرف الآخر، إن صحت هذه العملية قد نسمع ربما من مصادر إخبارية نشرت الخبر، وهي تعيده وتذكرنا بأنها أطلقت التحذيرات في وقت سابق.
شخصياً لم آخذ مثل هذا الخبر على محمل الجد، لم أكن وحدي من تحدث عنه خارج سياق الشائعة، يغلف أغلب كلامنا الظن، غير أنها المخاوف المؤكدة التي اندفعت إلى رأسي يوم أمس الأول.
تحدثت بعض المصادر في قيادة القوات الجوية عن تسليم مخازن سلاح القيادة لبعض أنصار قائد الجوية المقال محمد صالح الأحمر، بعد أن استقدمهم لمؤازرته في حصار مطار صنعاء، على خلفية رفضه قرار الإقالة، الذي أصدره الرئيس.
نفذ الموالون للأخ غير الشقيق ل”الرئيس السابق” مهمتهم منذ فجر السبت، وشلت حركة المطار، كما أطلقوا بعض الرصاص، ليصيبوا أحد الأبراج، سارت الحادثة وأخذت صداها في الإعلام المحلي والعربي والدولي.
ومع كل خبر يذاع نشعر بأن الإخوة ليسوا في قيادة أحد مؤسسات الدولة، حتى يوغلوا بتلطيخ سمعة البلد، وإلى هذا الحد لم يظهروا يومها أبعد من جماعة (بوكو حرام) الصومالية؛ حيث تباشر مهامها بكل الأساليب والطرق التي تفضل، دون أن تلتفت لأحد.
كانت هذه الحادثة بمثابة فلتر؛ عززت من مكانة الرئيس لدى الشعب، وعزمه المضي في طريق الإصلاحات، خاصة في مفاصل المؤسسة العسكرية.
وفي شقها الآخر عززت الرغبة المخيفة لدى أركان النظام السابق على التشبث في مواقعهم، وليس على نواياهم الأخيرة في تعطيل المرافق ومنشآت الشعب الحية، ولكن حتى لو دفعوا بالوطن إلى الصدامات والمواجهات العبثية.
ونسفوا الوطن على من فيه، وهم يؤكدون مثل هذا الكلام عندما أطلقوا تحذيراتهم بتفجير أية طائرة قد تقلع أو تهبط على أرضية المطار.
حقيقة الأمر إن ما يثير كل هذه التخوفات السابقة ويعززها في الأخبار اللاحقة، وفي مثل هذه اللحظات هو تصرفات بقايا النظام كالذي جرى في حادثة السيطرة على المطار، وإفراغ مخازن السلاح إلى عربات كانت تقل أنصار النظام السابق من بعض قيادات وأفراد في القاعدة الجوية العسكرية المعززة بمجاميع قبلية، التي اعتقل على إثرها أحد الضباط الكبار في قيادة القاعدة الجوية كان يناهض فكرة نهب سلاح الجوية.
ليذهب بعض منتسبي القوات الجوية محذرين ومطلقين التصريحات المتلفزة، وفي أكثر من قناة إخبارية طيلة نهار ومساء السبت، من الخوف أن تذهب هذه الأسلحة - التي لم يحددوا كميتها ولا نوعها - إلى يد عناصر إرهابية ومتطرفة.
وهو الأمر الذي بإمكان العالم أن يحمل قيادة القوات الجوية المسؤولية الكاملة في حال تأكدت الأخبار القديمة أو الجديدة.
وعليهم إخبارنا عن حقيقة حكاية الصواريخ الغامضة، وما هو مصيرها، بالإضافة إلى كميات السلاح المنهوبة يوم الأول من أمس؟.
عليكم أن ترسلوا ولو خبراً واحداً - في حياتكم - يبعث على طمأنتنا، ولو كذبتم كالعادة بأن تلك الصواريخ والأسلحة لم تصل إلى أيدي (قيادة جماعات القاعدة)، وإنما لاتزال في حوزة (قيادة منتسبي القاعدة الجوية).
لعله الخير الوحيد، الحسنة اليتيمة في خاتمة المطاف لحياتكم العسكرية الديكتاتورية الشمولية القمعية.
[email protected]