مما أعاق الثورات في العالم العربي، والمقصود هنا ثورات الربيع, هو تلبس التيارات الرئيسة فيها، بفهم تقليدي وتاريخي للدين، وميلها نحو اليمين، وهذا يعني أنها ليست تغييرية تقدمية، وإنما محافظة، ودائما ما تجنح الثورات الحقيقية يسارا وتتسم بالتقدمية..!
كثيرون يعتبرون الثورة الأمريكية فاشلة، حيث كانت محافظة ولم تأت بجديد، ولم تكن تستهدف تغيير قيم وثقافة، خلافا للثورة الفرنسية التي لم يقتصر التغيير فيها على النظم وإنما شملت الثقافة والقيم .. ينطبق الأمر أيضاً على الثورة البلشفية في روسيا فقد كانت تقدمية مع بعض الشطط والطقوسية التي تراكم غلوائها مع الزمن وتشبثها بالنصوص وتلاشت بعد اكثر من سبعة عقود على اندلاعها، مقارنة بديناميكية شقيقتها اللدودة في الصين.
على العكس من كل ذلك الثورة الإسلامية في إيران، التي استهدفت تغيير النظام واتت بقيم محافظة وقمعت كل انواع الحرية...!
وقد نجحت في الشكل فيما يخص تغيير النظام، لكنها أخفقت في المضمون..ويكفي معرفة من يقود الجمهورية هناك وعلى أي كيفية .. وهو المرشد الأعلى آية الله العظمى..!
المرجح ان تدرج الثورة الإسلامية في إيران تاريخيا ضمن الثورات الفاشلة.
الأديان الثلاثة الكبرى كانت ثورات في حد ذاتها وفي وقتها...وكان الإسلام ثورة كبرى، بل ربما أنه أعظم الثورات في تاريخ البشرية، فقد احدث تغييرا تقدميا استهدف تحرير الأنسان ابتداء، ورحمة بالعالمين على نحو شامل...لكن المسلمين أخفقوا بعد ذلك بمستوى مروع، وهم، وخاصة العرب يعيشون جمودا وفشلا مشهودا ومخجلا منذ بضعة قرون.
يمكن للمسلمين استلهام سيرة النبي العظيم في التغيير، ويمكن استلهام سير آخرين من عظماء الانسانية، لكن المحاكاة الحرفية لا تقود آلى تغيير أو تجديد فما بالك بثورة.
مشكلتنا في عالم المسلمين، هي التشبث بنصية النقل الحرفي من الشرق أو الغرب أو الماضي البعيد..!
وهناك أيضاً علة الفهم السقيم القاصر والمتحيز، والسطحي الساذج أيضاً.
وأرى أن هناك حاجة، لأن يتجه الإسلاميون يسارا بعض الشيء أو أن التاريخ سيتجاوزهم ...!
والخطاب هنا للجميع سنة وشيعة ، إخوان وسلفيون، وعلى وجه الخصوص "أصحاب المسيرة القرآنية"..، فقد جاءوا إلى ساحة المعترك متأخرين لكنهم يبدون أكثر حماسة وعنفا ممن سبق ...!
أما داعش وأخواتها فهم حالة خاصة وإبتلاء استثنائي..