كلما غص الحوثي بلقمة من وليمة السلطة في اليمن، جاء المبعوث الدولي مسرعاً، يراه بعضهم حاملاً الأمل، في حين يحمل جرعة منشطة ومخدرة في آن معاً.
يتيح جمال بن عمر بجولاته ومشاوراته مع الأطراف اليمنية عند كل منعطف أو «مفترق طرق كما يحب أن يردد»، وقتاً أطول ليهضم الحوثي ما ابتلعه، وبتصريحات وجولات يقدم جرعة مخدرة لبقية الأطراف، فيما يأمل المواطن اليمني البسيط من حضور «الأمم المتحدة» بشخص مبعوثها، بحدوث انفراج أو فرملة اندفاع إلى واد سحيق، كل عاقل يراه مصير اليمن.
المبعوث الدولي، سواء ابن عمر أم غيره، لا يمثل نفسه، هو واجهة وأداة «للدولي»، موظف خلفه رئيس يتحرك بناء على توجيهاته. في الحال اليمنية هو أشبه بمهندس قطار الحوثي للتمكين أكثر فأكثر. التقدم المستمر ثم الوقوف لالتقاط الأنفاس عند كل محطة قضم وهبش، على الأرض لا عودة للخلف، لا يمنع استمرار التقدم من خلطة تصريحات بين الترغيب، ونشاط في الجانب الآخر يعمل الحوثي بجد واجتهاد على اصطياد الرؤوس اغتيالاً أو سجناً، من رؤساء قبائل أو عسكريين ونخب، لكل سبحة شاهد، ومن دونه لا قيمة لحبيبات السبحة المتناثرة.
دعونا نتأمل وجه ابن عمر. في قراءة الوجوه يبدو ابن عمر مشمئزاً حتى ولو لم يعلن ذلك، هو مثل من يشم رائحة عفنة ولا يستطيع وضع يده على أنفه، لذلك تبرز آثار الرائحة على تقاسيم الوجه، تخبر عن غثيان يغلي في الداخل، لكنه يبقى أداة لها ميزة الخلفية العربية، أداة لا غير.
إذا استمر الأمر على هذا المنوال، واهمون من يعتقدون أن الحوثي لن يستطيع ابتلاع اليمن، كم من أقليات حكمت أكثرية، بالحديد والنار أو بالمال والوعود، فكيف في بلد عانى ويعاني من جوع وفقر وأمراض.