من موفنبيك وصاعدا، مثلت، وتمثل، الفدرلة المحرك الأساسي للسياسة والحرب في اليمن.
اُقترحت الفدرالية، كحل قسري واعتسافي، عكسا لسياقاتها التاريخية المتعارف عليها في كل فدراليات العالم، لغرض الهروب مما أسمي ب" المركز المقدس".
وكنا ضدها، ليس رفضا لماهيتها كنظام، وليس حرصا على بقاء ماوصف ب"المركز المقدس" ، كما توهم وشكك البعض. بل خشية من الحروب والإحترابات، التي ستثيرها، والتي يمكن أن تؤدي إلى تقويض الدولة، كجامع أو مشترك وطني عام.
بعبارة أخرى، كنا ضدها خوفا مما يحدث الآن بالذات، وهو، مع كل بشاعته وفداحته، ليس كل ماكان، ولازال، يخشى، مع الآسف.
كنا ندرك أن الخلاص مما يصفونه ب " المركز المقدس"، بصرف النظر عن صحة الوصف من عدمه، لن يتأتى بالهروب منه، قولا بالفدرالية. إذ أنه - بحكم طبيعته التي أرادوا الهروب منها - لن يدعهم يفلتون منه. وأن الخلاص يتأتى فقط من خلال مواجهته لا من خلال إدارة الظهر له.
فقد كان واضحا أن الحل الأمثل يتأتى فحسب، من خلال تفكيك إحتكارات القوة، بواسطة آليات الثورة الشعبية السلمية، و" حيازة" تلك القوة، لمصلحة مشروع وطني جامع، يؤسس دولة " مواطنة " لكل الناس.
( أو كسر إحتكارات القوة أولا، ليصار، من ثم، إلى رؤية ماقد يريده الناس، بعد ذلك، بإرادات حرة، متحررة من كل الضغوط).
الآن، وقد حدث ماحدث، نتسائل عما يمكن أن تكون قد علمتنا إياه الحروب، بكل بشاعتها وفداحتها، حتى الآن، على الأقل؟!
على أن من المهم أن نلاحظ أن إستمرار هذه الحروب، من أجل " الهروب " وليس من أجل إعادة تأسيس السلطة على أساس تعاقدي في المركز نفسه، (وكيفما كان شكل الدولة، ع شان ماحد يزعل بس) هو أمر من شأنه أن يؤدي، ليس إلى المساهمة في تقويض ماتبقى من قوائم وركائز الدولة الكانت قائمة فقط، بل و إلى تشظي الكيان الوطني أيضا، من حيث هو هوية ( جغرافيا، تاريخ، وإنتماء ).