جرائم الإمامة في اليمن: إبراهيم بن موسى (الجزار)
حارث عبدالحميد الشوكاني يكتب: جرائم الإمامة في اليمن: إبراهيم بن موسى (الجزار)
مثّلت صعدة عبر التّاريخ نقطة انطلاق عسكريّ إماميّ صوب العاصمة صنعاء للاستيلاء على السّلطة عبر القوّة العسكريّة والسّطو المسلّح، ابتداء من إبراهيم الجزّار الذي دخل اليمن وانطلق من صعدة، واستباح الدّماء والأموال وأكثر القتل حتى لُقّب بالجزّار، ووصل إلى "جَدِر" على ضواحي صنعاء وقُتل فيها. وقد قال عنه الباحث علي محمد زيد في كتابه "معتزلة اليمن دولة الهادي وفكره" الطّبعة الأولى في ص41: "وهو إبراهيم بن موسى الذي قدم إلى اليمن واليًا لمحمد بن إبراهيم طباطبا الخارج بالكوفة مع أبي السرايا أيام المأمون سنة 198ه / 814م، وقد كان هذا الأمير مهووسًا؛ لأنّه عمد إلى الإسراف في القتل وسفك الدّماء، فقتل المئات من الشّهابيّين والإكليين وبني الحارث بنجران والسّليمانيّين بعيان واللعونيّين بريدة والكباريّين بأثافث، والإبارة بظهر، والحواليين ببيت ذخار وبني نافع بالسر وسرو حمير، أمّا صعدة فقد خلت من سكّانها، ولم يبق إلاّ جماعة بحيدان، وهدم سدّ الخانق ودمّر المدينة، لذلك سمّي هذا المجرم في كتب التّاريخ بإبراهيم الجزار، وكان طبيعيًّا أن ينتهي هذا العمل الجنونيّ إلى هزيمة الجزّار، وانتهاء أمره؛ فالمجازر التي ارتكبها دفعت اليمنيّين لقتاله وإخراجه، وبهزيمة الجزّار انتهت أمور العلويّة باليمن آنذاك، لكنّه حين جاء كان القتال مندلعًا بين بني فطيمة والإكليين، وهما حيّان في صعدة، فتزعّم بني فطيمة ونكّل بالإكليين".
ومن بعد الجزّار جاء الهادي إلى اليمن سنة 284ه، وكانت نقطة انطلاقه صعدة، وأشعل الحروب والانقسام بين أبناء اليمن كسابقه، حتى وصل إلى صنعاء لكنّه، لم يبق فيها أكثر من أربعة أشهر، وانحصر نفوذه من بعد صنعاء في صعدة. وهكذا بقيّة الأئمّة، حتى سقوط آخر أسرة إماميّة (بيت حميد الدين) بقيام ثورة السّادس والعشرين ١٩٦٢ المباركة.
وأكبر شاهد على معاناة اليمن التّاريخيّة من الإمامة فكرًا، ومن الإمامة نظامًا وتجربة، ما عبّر عنه ثوّار اليمن عبر مراحل الثّورة اليمنيّة على النّظام الإماميّ، من ذلك ما قاله الثّائر الحرّ والعالم الجليل القاضي عبدالرحمن الإرياني رئيس اليمن الأسبق بقوله شعرًا:
يا ابنَ همدان أنت بلغت لكن
خادعونا وأظهروا الاستكانة
خادعونا بالله بالرّسل بالقرآن
بالزّهد بالتّقى بالدّيانة
بعد ألفٍ من السّنين رأينا
قولك الحقّ واضحًا في الإبانة
قمْ تجدْ أمّة فروها بأظفار
حداد وجرّعوها الإهانة
قمْ تجدْ شعبَك الكريمَ لديغًا
وعلى عنقه ترى ثعبانه
آلَ قحطان آن أن يوثق
المجرم هذا ويودع الزنزانة
إن تاريخكم رهيب مليء
بالمآسي فيه تحار الإبانة
ألف عام وأنتمُ في متاهات
خضمٍّ جهلتمُ شطآنه
ليس في الدّين سيّدٌ ومسودٌ
فاقرأوه وحقّقوا قرآنَه
إنّ دينَ الإسلام دينُ التّساوي
ليس فيه تعاظمٌ واستهانة
لا تقولوا سِيدي لشخص ومن
ينطقْ بها فاقطعوا بحدّ لسانه
قد خُلقتم يا قومُ في الكون
أحرارًا ولستُم للهاشمي أقيانه
كما عبّر قلب اليمن النابض أبو الأحرار الشّهيد محمد محمود الزبيري عن انتقاص الإماميّين لحقوق أبناء اليمن ورفضهم للمواطنة المتساوية بقوله:
ليس في الدّين أن نكونَ
بلا رأيٍ ولا عزّةٍ ولا حريةْ
طبع اللهُ في جوانحنا البأسَ
وسوّى لنا الأنوفَ الحميّةْ
وجرى روح الله عبر خلايانا
مزيجًا بروحنا الوطنيّةْ
نحن شعبٌ من النّبي مبادينا
ومن حِميَرٍ دمانا الزّكيةْ
ملءُ أعراقنا إباءٌ ومجد
وطموحٌ إلى العلا وحميّةْ
أرضُنا تلعنُ الطّغاةَ الألى
سادوا علينا بالفرقة المذهبيّةْ
أرضنا حِميَريّة العرق، ليست
أرض زيديّةٍ ولا شافعيّةْ
والمزايا في الشّعب للبعض دون
البعض سمّ الأخوّة القوميّةْ
وعدوّ الجميع من يحكم الشّعب
باسم القداسة العائليّةْ
نحن أدنى لله من كلّ جبّار
وأولى بالشّرعة النّبويّةْ
نحن شعب مشيئة الله أن تفرض
منّا على الطغاة المشيّةْ
. باحث ومفكر يمني