آراء

أمعجزة النبوة في الإمامة؟!!!

بلال الطيب يكتب: أمعجزة النبوة في الإمامة؟!!!


كقارئ فاحص لتاريخ الإمامة الأسود، وجدت الكثير من الاستدلالات التي تؤكد أن ماضي هؤلاء حافل بالمبالغات المُقززة، ودائماً ما يبالغ مؤرخوهم في تضخيم أعداد مقاتلي الطرف الآخر، وأنهم بعشرات الآلاف أو مئات الآلاف، مُقابل بضع مئات من أنصار هذا الإمام أو ذاك، وأنَّ النصر في النهاية كان حليف الأقل عدداً، الأكثر إيماناً!!.

ذكر كاتب سيرة «الهادي» يحيى بن الحسين، أنَّ الأخير وفي أكثر من معركة كان معه المئات من أنصاره، وأنَّه انتصر بهم على الآلاف من أعداءه، وقال صاحب «روح الروح» مُبالغاً أن قوات السلطان عامر بن عبد الوهاب التي اجتاحت صنعاء تجاوزت ال «170,000» مُقاتل، وفي معركة «نجد السلف - البيضاء» بين قوات «المُتوكل» إسماعيل و«شيخ البيضاء» حسين الرصاص، ذكر المؤرخ الجرموزي أن قوات الأخيرين بلغت نحو «30,000» مُقاتل، وهي في الحقيقة - وكما تشير الذاكرة الشفهية - لم تتجاوز ال «2,000» مُقاتل.

كان «الهادي» يحيى بن الحسين مُبالغاً في اعتداده بنفسه، وأفاد «كاتب سيرته» أنَّه وأثناء دخوله مدينة صنعاء، كان في قلة من أنصاره، وأنَّه حين أحس برهبتهم من ملاقاة «القرامطة»، خاطبهم قائلاً: «تفزعون وأنتم ألفا رجل»، فقالوا: «إنما نحن ألف رجل»، فقال: «أنتم ألف، وأنا أقوم مقام ألف، وأكفي كفايتهم»!!.

وكان «المنصور» عبدالله بن حمزة مُبالغاً بِعنصريته، عمل على تكريس التعالي السلالي بين أبناء عشيرته، أوهمهم أنهم الأفضل، وما دونهم عبيد واجبٌ مُخالفتهم، وذكر «كاتب سيرته» أنَّه أمرهم بحلق رؤوسهم؛ لأنهم - حد وصفه - سلكوا مسلك العامة في تطويل شعورهم، وبلغ من سخريته أن خاطب اليمنيين قائلاً: «وارضوا بنا أئمة، نرضكم لنا تبعاً»، وزاد على ذلك مُستهجناً:
وهل تمت لكم أبداً صلاة
إذا ما أنتم لم تذكرونا
وهل تجب الصلاة على أبيكم
كما تجب الصلاة على أبينا

وكان «الناصر» المُطهر شرف الدين مُبالغاً في قتله للأسرى، وفي أكثر من موقعة، وذكر المؤرخون أنَّه في إحدى معاركه مع «الحمزات» أمر بحز رأس «600» أسير، وإنَّه في معركة أخرى مع «الطاهريين» أسر «2,300»، ثم أمر جنوده بحزَّ رأس «1,000» منهم، حتى اغتمرت حوافر بغلته بالدم، ثم أجبر من تبقى بحمل الرؤوس الدامية إلى صنعاء، ليأمر فور وصوله باحة قصر والده بإلحاقهم بزملائهم.

وكان «الناصر» أحمد حميد الدين مُبالغاً في ادعاء الانتصارات الزائفة، وتصوير نفسه بالمنقذ الذي لا يشق له غبار، وفي إحدى معاركه مع «الزرانيق»، قال مُعتداً بنفسه:
ولما رأيت الجيش قد فل حده
وقد رجع الأعقاب بعد التقدم
ونادي باسمي المستجير من الردى
لإدراكه والشر في الناس ينتمي
كررت بطرف يسبق الطرف عده
جواداً كريم الأصل غير منعم
فجالدت أعداء الإله بجمعهم
وكانوا أحاطوا كالسوار بمعصم
ودافعت عن ذاك السريع فحزته
وقد كان للأعداء أكبر مغنم

كما بالغ شعراء الإمامة في مدح أئمتهم، وإضفاء مَسحة ملائكية عليهم، وحين أدعى البعض أنَّ «المهدي» أحمد بن الحسين مسح بيده على رجل مُقعد يدعى «التنين»، حتى استوى الأخير قائما، سارع الشاعر القاسم بن هُتيْمل بتصوير ذلك المشهد الأسطوري بأسلوب دعائي رخيص، وخاطب مُعارضي سيده قائلاً:
أبعد شهادة التنين يعصي
من الثقلين مأموم إمامه
أتاك كضفدع الغمرات جهراً
فقام كسمهري الخط قامة
وما عرف المسيح بغير هذا
أمعجزة النبوة في الإمامة

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى