هل التعايش مع الحوثيين ممكن؟
عادل الشجاع يكتب: هل التعايش مع الحوثيين ممكن؟
يقول نيلسون مانديلا: "إذا علمنا كيف نكره من الممكن أن نتعلم كيف نحب". هذه المقولة لا تصلح مع الحوثيين، لأنهم رضعوا الكراهية من حليب أمهاتهم ويتعلمونها بشكل يومي. في حقيقة الأمر صغت العنوان أعلاه بناء على مداخلات البعض ممن يلومونني بأنني حينما أدعو إلى الحوار بين اليمنيين أستثني الحوثيين من هذا الحوار. وأنا أقولها صراحة وبحكم الخبرة وتتبع سيرة هذه الجماعة أن من ينتظر حوارا معها، يضيع الوقت ويسمح للكراهية أن تنمو وتتسع.
عنصرية الحوثي ليست وليدة اليوم، وليست مصطنعة بهدف الوصول إلى السلطة، بل هي نتاج أوهام عقلية افرزت مفاهيم زائفة على مدى ألف ومئتي عام. أي أنها سلوك مكتسب من البيئة التي ترعرعوا فيها. يستطيع الشعب اليمني أن يتعايش مع من يدعون نسبهم إلى الرسول محمد، في حالة واحدة، حينما تكون هذه الجماعة محكومة وليست حاكمة، وقدثبت ذلك بعد قيام ثورة ٢٦ سبتمبر، فقد كانت لهم كامل الحقوق ووصلوا إلى أعلى الرتب، لكنهم لا يستطيعون التعايش مع الشعب حينما يكونوا حاكمين.
نجد المتحوثين منا، من الذين انضموا إلى الحوثي يطالبون بالحوار معه وبالسلام العادل، في الوقت الذي يتحدث الحوثي عن الاصطفاء الإلهي وعن الخمس. لا نجد أحدا منهم يتحدث عن المساواة، بل لم نسمع أحدا من هذه الجماعة يشعر بالشفقة أو العطف على المقموعين منا ولا على المفصولين من وظائفهم ولا على مصادرة مرتبات الناس ولا على الذين زج بهم في السجون والمعتقلات. أتدرون لماذا؟ لأنهم يعتبرون ما يمارسه الحوثي بحقنا يعد حقا طبيعيا.
ما أقوله ليس من صنيع الوهم، فلدي الكثير من الإثباتات. هاتوا لي منشورا واحدا لمثقف أو لضابط كبير منهم من الذين ترعرعوا في خيرات الثورة والجمهورية ينتقد ممارسة الكراهية التي يمارسها الحوثي، بل إن المتحوثين منا أولئك الذين أخلصوا الولاء للحوثي حينما يجور عليهم الظلم ويحاولوا يرفعوا أنينهم قليلا يلاقون أشد عبارات الاستهزاء وأقذع كلمات التهديد والتنقيص من شأنهم. فلتقرأوا الردود على سلطان السامعي وأحمد سيف حاشد وعبد الحافظ معجب، وغيرهم كثيرون، لم يشفع لهم إخلاصهم وقوفهم في وجه العدوان كما يظنون.
نحن لا نتكلم عن حوادث فردية ومتفرقة، بل نتحدث عن عملية ممنهجة وعقلية سائدة. نحن ندفع ثمنا مخيفا نتيجة إصرارنا على الحوار مع هؤلاء أو التعايش معهم وأيديهم قابضة على الزناد. الحوثيون لا يعتبرون الآخرين بشراً، بل حشرات متطفلة وضارة تحتاج إلى إفناء جماعي. التصالح مع الحوثي سيكون ممكنا لو كانوا يختلفون معنا سياسيا، فسنتفق معهم في بعض الملفات ونختلف في بعضها الآخر، لكن خلافهم معنا أنهم يزعمون بأنهم أوصياء الله والأئمة المعصومون والسادة المبجلون.
أقول بكل وضوح لمن مازال يوهم نفسه بالتعايش مع هؤلاء، إن عنصرية الحوثي ومَن وراءه من السلاليين، لا تنطلق من الصفات والسلوك فقط، بل تقوم على نفي إنسانيتنا وإلصاقنا بهم كعبيد. يطهرون أنفسهم بالعنصرية. يعتبرون أنفسهم سادة لأسباب بيولوجية لا تنمحي، ويعتبروننا عبيدا لأسباب بيولوجية أيضا.
ما يمارسه الحوثي اليوم، سبق وأن مارسه أجداده من قبل وبنفس المنطلقات. ونحن دائما من يمنحهم البراءة. نموت كي يعيشوا. العيش المشترك معهم مخضب بالدماء. لم نشهد استقرارا معهم إلا في فترة الجمهورية التي نزعت عوامل القوة من أيديهم وحاولت إعادتهم إلى وضعهم الترابي: " كلكم لآدام وآدام من تراب".
أقول بوضوح إن هزيمة الحوثي وكسر شوكته، هي الحل للتعايش في اليمن. علينا أن نغادر مربع العبودية، فالخيارات أمامنا كثيرة ومتعددة. علينا ألا نأسر أنفسنا سياسيا في أحزاب أثبتت أنها بلا قضية. أضحى اليمني يترحم على ماكان عليه من سوء لأنه في الأسوأ. استسلم المؤتمري والإصلاحي والاشتراكي والبعثي والناصري والقبيلي والمدني للحوثي، ولا ينتفض الإصلاحي إلا إذا مسه المؤتمري ولا المؤتمري إلا إذا مسه الإصلاحي، بينما الجميع يعيشون عبودية في الداخل ومن تحرر منهم هرب إلى الخارج بدون أمل العودة.
نعوض قصورنا وتبعيتنا بإلقاء اللوم على بعضنا البعض. بلغ بنا الاستسلام حد السكوت عن الحوثي وهو العدو الذي لا يسقط إلا بوحدة الجميع.كنت أطالب المؤتمريين والإصلاحيين أن يتصالحوا، لكن ذلك على ما يبدو مستحيل، لذلك سأطلب منكم أن ترتبوا أعداءكم، بحيث يكون الحوثي هو العدو رقم واحد للمؤتمري والإصلاح رقم اثنين. ويكون الحوثي العدو رقم واحد للإصلاحي والمؤتمر رقم اثنين. دعونا نمضي في هزيمة العدو رقم واحد، لأنه بدون ذلك سيجعل اليمن لا هو دولة ولا هو وطن ولا هو شعب.
أختتم قولي هذا لأولئك الذين مازالوا يرفعون شعار العدوان، وأقول لهم أيضا رتبوا أعداءكم، الحوثي أولا ومن ترونه ثانيا، فكل العدوان الذي حل باليمن لم يكن إلا نتاجا لعدوان الحوثي. ولا تنتظروا ممن نقض كل العهود والمواثيق ابتداء من تمرده على الدولة في ٢٠٠٤ وبعدها دماج وعمران وصنعاء والوصول إلى عدن واتفاق السلم والشراكة ومن قبله مؤتمر الحوار الوطني الشامل واتفاق ستوكهولم، أن يصدق معكم في قادم الأيام. الوقت في اليمن من دم. وإذا أردتم أن تدخروا دماءكم فليتوزع دم الحوثي بين اليمنيين. ومن تبقى منهم يعيش بسلام تحت راية الثورة والجمهورية. بدون ذلك فلتقدموا أبناءكم قرابين لبقائه سيدا ولتقتلوا كل بؤر الإحساس لديكم لأنه سيمتهن كرامتكم في كل وقت وحين.
عناوين ذات صلة: