آراء

في اليوم العالمي للمرأة: لن أشارككم الاحتفال

د. لمياء الكندي تكتب في اليوم العالمي للمرأة: لن أشارككم الاحتفال


غالبا ما يلجأ العالم الى استحداث مناسبات خاصة تؤرخ للحدث بشكليه المأساوي والبطولي مهما كانت عواقب تلك الأحداث تأصيلا لرفض الحدث حينا والتذكير بمساوئه وشرارته القاتلة، أو أن يتخذ من الحدث الذي تم ربطه بتاريخ معين محفزا لانتصار الإنسانية لقيم العدالة والمساواة والحقوق العامة.

يأتي الثامن من مارس من كل عام لتلتفت انظار العالم صوب المرأة محتفلا بإنجازاتها وجراحاتها وانتصاراتها ومأساتها كلا حسب بيئته وحالته ورؤيته تجاه المرأة والعالم المحيط بها.

كانت مناسبة انطلاق هذا اليوم الذي قرر أن يكون يوم المرأة العالمي مأساوية لكنها كانت حافزا لتجاوز حالة المأساة هذه وكسر سلطة الاستغلال والتهميش التي عاشته المرأة.

مائة وعشرون عاما كانت كفيلة بكل أحداثها أن تؤسس للاحتفال العالمي بالمرأة الذي تعود بداياته الى 1910، على إثر حركات الاحتجاج النسوية في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية.

تغيرت بعدها خارطة العالم الثقافية والفكرية والسياسية والتشريعية وتغيرت قواعد العمل وأدوات وأشكال الممارسات ضد المرأة التي أصبحت محاطة بسياج قانوني ودستوري يمنع استغلالها وممارسة العنف ضدها ويطالب بأن تتحمل السلطة الرسمية في الدولة مسؤولية حمايتها وتعزيز مبادئ الشراكة والتعاون ومنحها حقوق مساوية تماما للرجل.

للعالم الحق أن يحتفل بالثامن من مارس كيوم عالمي للمرأة والاحتفال بإنجازاتها وليس لنا الحق بأن نشارك العالم هذا الاحتفال ولا أن نستقبل التهاني حوله أقصد نحن اليمنيين واليمنيات.

إن فكرة مشاركة العالم الاحتفال باليوم العالمي للمرأة في اليمن فكرة ساذجة لأن لا شيء يمكن أن تحتفل به المرأة اليمنية، وهنا أتكلم عن المرأة التي تعيش بعيدا عن صالونات الثقافة ومآدب العشاء والغداء في السفارات ولقاءات وأنشطة المنظمات فلهؤلاء احتفالاتهن التي لا تنقطع.

أما المرأة اليمنية العاملة والمرأة اليمنية الفلاحة والمربية، الأم والأخت والابنة والزوجة في بلادنا اليوم، لا مجال ولا فسحة في حياتهن للاحتفال بيومهن العالمي.
المرأة اليمنية اليوم تكافح من أجل البقاء فهي مهددة بشكل دائم بفقدان حياتها وحياة أبنائها وأقاربها بالموت والقتل في هذه الحرب.

المرأة اليمنية اليوم تنام وتصحو وهي تحمل هم لقمة العيش واسطوانة الغاز وحزمة الحطب.
سمعنا أخباراً عن حالات الوفاة بين العديد من النساء في القرى التي قضين آجالهن وهن يصارعن آلام المخاض "الولادة" لأنه ليس ثمة من وسيلة نقل لاسعافهن للمستشفى في المدينة بسبب منع الحوثيين دخول المشتقات النفطية إلى مناطق سيطرتهم.

المرأة اليمنية تبات وتصحو مهمومة مغمومة فتكلفة الحياة ونفقاتها جعلتها تتمنى أن لا يكون في حياتها لا عيد فطر ولا أضحى ناهيك عن عيد المرأة.
المرأة اليمنية مكلومة وجريحة تضطر كل يوم لزيارت المقابر لتسقي الزرع الأخضر على قبر فقيدها.

أو تقضي أيامها وهي وتحاول ترميم ومساندة جريح لها طريح الفراش لا تجد ما يساعدها على تقويته والتغلب على جراحاته.

المرأة اليمنية تبحث عن وسيلة ما تتمكن من خلالها أن تصل إلى أخبار عن ابن أو أخ أو زوج أو أب محتجز لدى سلطات المليشيا الحوثية تبحث عن مصادر مالية وفدية لإخراجه أو أن تسمع أخبارا تفيد أنه ما زال على قيد الحياة.

المرأة اليمنية اليوم تعول أسرة كاملة بدون أي مقوم للحياة ولا مساند لها تحملت أعباء الرجل المغيب إما في ساحة الحرب أو معتقلات المتحاربين أو شهيدا وفقيدا.

المرأة اليوم مهددة بفقدان بيتها وضياع أبنائها واستلاب عفتها وشرفها وبقائها. إنها تعيش عصر الإمامة، عصر الحوثية المقيتة التي تجعلها دائما عرضة للاعتقال والتعدي والابتزاز والتهديد من قبل مليشيات عنصرية وسلالية توظف كل إمكاناتها لمسخ هوية المجتمع وسلبه أمانه وحياته الطبيعية..

ولكن ومع كل ذلك أرجع وأقول لكل امرأة تعاني: كل عام وأنتن بخير وكل عام وأنتن ماجدات خالدات. ولابد ليومكن النسوي اليمني الخاص أن يأتي فنحتفل بمقاومتكن وانتصاركن ودمتن بخير.

اقرأ أيضاً: يوم المرأة العالمي: فعالية يمنيات بلا وطن تستعرض المعاناة وآمال الخلاص

زر الذهاب إلى الأعلى