أرشيف الرأي

عدن عاصمة لليمن .. مجرد إيماءة!‏

قضية نقل عاصمة الجمهورية اليمنية إلى مدينة عدن.. لا أدعي أنني أول من يطرح ذلك، ‏لكنني أتذكر جيدا ويتذكر معي كثير من السياسيين والكتاب والمتابعين أن فكرة كهذه طرحت ‏أكثر من مرة، وفي أكثر من تناولة ومناسبة عبر سنوات إعادة توحيد اليمن الأرض ‏والإنسان... ‏

والقضية أو الفكرة على سطحيتها – كما يحلو للبعض النظر إليها - تعتبر من نواح عديدة ‏فكرة تستحق الوقوف عندها، والبحث في مردوداتها ونتائجها الايجابية على مختلف المستويات ‏الرسمية والشعبية، بالإضافة إلى انعكاساتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولنا أن نجتهد ‏في سرد بعض تلك المردودات والنتائج الايجابية لهذه الخطوة.. حيث لابد من تأكيد الأسباب ‏الوجيهة لهكذا فكرة أو مقترح... ‏

ومما نجده من الأهمية بمكان الإشارة إليه انه من الطبيعي جدا الحديث عن نقل العاصمة ‏السياسية لأي بلد ما في أي مكان في العالم من مدينة إلى أخرى، وحدث ذلك دائما وكأمر ‏طبيعي لا يثير الجدل والمماحكة ولا الحساسية المفرطة ولا المناطقية المقيتة، كما هو الحال ‏في عالمنا العربي النامي والمتخلف.. ‏

‏– في ظل مرض المناطقية والجهوية المروج له، والمعلن عنه من قبل البعض أحيانا بدون ‏مؤاربة - نحن اليمنيين ندعي ونزعم - لفظا - بأن عدن عزيزة علينا وغالية كما هي صنعاء أو ‏تعز أو المكلا أو الحديدة أو أبين أو عتق أو إب أو أي مدينة يمنية أخرى حتى لو كانت مدينة ‏حديبو القابعة في ذلك الأرخبيل اليمني الغالي.. وهو ما يجب علينا أن نؤمن به إيمانا راسخا - ‏لا إدعاء – وشتان بين الادعاء والإيمان الراسخ والثابت المعبر عن الانتماء الحقيقي والواقعي ‏لكل ذرة من تراب هذا الوطن العزيز والغالي. ‏

الأمر الثاني ظلت عدن العاصمة الاقتصادية والتجارية لليمن منذ انبلاج العهد الوحدوي.. ‏لكنها لم ترق إلى ذلك العنوان والمستوى الذي كان يتمناه كل اليمنيين بفعل فاعل أو عجز ‏عاجز، مع أنها مثلت الجانب السياحي بشكل أقوى ربما.. كما نتذكر أنها اعتمدت ذات مرة ‏مقرا شتويا للأداء الحكومي والرسمي لسنوات أعقبت إعلان الوحدة. ‏

الأمر الثالث مدينة عدن ثغر اليمن الباسم على البحر العربي هي عاصمة عبر حقب تاريخية ‏عديدة وهي لنا اليوم عاصمة لكننا منحناها صفة الاقتصادية والتجارية.. فما المانع لان تكون ‏العاصمة السياسية لليمن الموحد، وربما نعيد لها شيئا من رونقها المحلي والعربي والدولي ‏وقبل ذلك هي تحتاج منا إعادة اعتبار لأنها تستحق من كل اليمنيين المحبين اعتبارها قبلة ‏الوطن الأولى، ومناط فخر الوطن اليمني تجاه العالم القديم والحديث... فهل تستأهل عزيزتنا ‏عدن الجميلة لأن تكون عنوان الوطن اليمني الجديد الباحث عن التغيير ؟ وأنعم به من تغيير ‏نعم انه تغيير حقيقي، ولا أشك انه التغيير الحقيقي الذي سينعكس على كثير من جوانب حياتنا ‏اليمنية، نعم تغيير سيلمسه كل اليمنيين الذين ما زالوا يبحثون عنه في زوايا وخبايا خاوية ‏ربما ما زالت تبحث له عن عنوان – وأدعي أنني وجدته في هذا المقترح، ولكل مجتهد ‏نصيب. ‏

الأمر الأخير في هذه التناولة بان موضوعا كهذا يحتاج إلى قرار سياسي ووطني شجاع ‏وأتمنى أن يجد مكانه من الدراسة والبحث على مختلف المستويات الرسمية والشعبية وفي ‏مختلف الفعاليات والتظاهرات الوطنية. ومنها الحوار الوطني الجاري. ‏

ثم إنني لا أجد في الموضوع سوى انه قضية وطنية - ربما ملحة -.. يجب تقبلها وبحثها ‏بروح يمنية خالصة.. كما لا يجب النظر إليها من أي زاوية أخرى... كقضية مكانية أو جهوية ‏أو تغيير شكلي.. لكني أؤكد وجوب النظر إليها كقضية هامة للغاية، ترتبط بها أيضا حلحلة ‏كثير من القضايا الوطنية العالقة والشائكة المؤثرة سلبيا على مسار الأحداث في الوطن.

زر الذهاب إلى الأعلى