[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

ذهول الذهول

قصائد الشاعر الكبير عبدالله البردوني - نشوان نيوز - ذهول الذهول

لديه أحلى الحكايا شكول
تثير فيها عنفوان الفضول

يخبرها.. يسألها.. ينتقي..
من قصة الأشواق الفصول

وكيف؟ ينسل إليها إذا
تثاءب الباب وأومأ الدخول
وغاب في التفكير واعتاده
ظل دخاني كوجه العذول

ماذا؟ إذا لا حت له فجأة
وأنكرته واحتمت بالأفول

لا لم يغب عن بالها إنه
كان لها جاراً عطوفاً وصول

لكن أتدري أن أشواقه
كما تكب العاصفات السيول؟

ألا ترى أن اختلاجاته
أمامها شهق الحريق الأكول؟

وكان يخشى بين جيرانها
جاراً ترابي الأماني ختول

يحمحم الشيطان في صدره
وبين فكيه يصلي بتول

واستنطق الباب ومد المنى
وهو احتراق وانتظار سؤول

واستنزلتها قبضتا وهمه
فضمها قبل احتمال النزول

* * *
من ذا؟... وإذ لاحت رماه إلى
شموخ نهديها الخيال العجول

وأقبلت في موكب من شذى
ملحن الخطو طروب الذبول؟

مفاصل الممشى على خطوها
عادت صنوجاً واستحالت طبول

ومقلتاها تغزلان الرؤى
حمائماً زرقاً وصحواً كسول

كيف يناجيها؟ ألا تنطوي
أحرفه تحت اصفرار الذبول

فينحني خجلان لكنها
حسناء يرضيها اللهيف الخجول

ماذا يلاقي؟ شعلة بضة
من الصبا والكبرياء الملول!

دفئاَ وإشراقاَ كما يرتمي
فجر الربى فوق اخضرار السهول

يحبو على أهدابها موعد
طفل ويسترخي عليه الخمول

في أي زاه من تهاويلها
يرسو وفي أي اخضرار يجول

يذهلة عن بعضها بعضها
فما الذي يغوي؟ و ماذا يهول؟

* * *
وعاد يحكيها لناي الهوي
ويسأل الأشباح ماذا يقول؟

هل يخبر الأشواق عنها كما
يخبر عن (جنات) عدن الرسول

ووجهة أسئلة حوم
ظوامي يمتصهن النحول

يخفقن كالأوراق يسألن عن
روائح الأنثى رياح القبول

* * *
وكان يطوي شارعاً جوة
غاب كثيف من زنود (المغول)

كالنعش يستلقي عليه الدجى
وتعجن السحب عليه الوحول

وساءل الدرب التفات الحصى
من ذلك الآتي؟ كطيف الطلول!

يمد رؤياه إلى لا مدى
ويذرع الأوهام عرضاً وطول

عهدته مر عشاء وفي
عينيه من أطياف (قيس) فلول

وزار داراً بين جدرانها
صيف نبيذي الجنى والحقول

مضى إليها ذاهلاً وانثنى
عن بابها وهو ذهول الذهول

فبراير سنة 1964م

زر الذهاب إلى الأعلى