رباعيّة من مقام الدَّم والزَّعتر

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - رباعيّة من مقام الدَّم والزَّعتر

مفتتح:
أسوداً - كانَ - لونُ الأغاني
ومحترقاً - كانَ - وجهُ البكاءْ
شجرُ الأَرْزِ يخلعُ أثوابَهُ عندَ بابِ الكآبةِ،
وجهُ الربيعِ الذي جاءَ في عامِنا المتوحِّشِ
كانَ الشتاءْ.

- 1 -
شَقَّقَ الملحُ وجهي
غداةَ الرَّصاصُ المعمَّدُ بالعارِ شَقَّقَ وجهَكِ،
يا امرأةً علمتْنا الكتابةَ بالنارِ،
في نهرِ أحزانِنا غسلَتْنا
وكانتْ تسافرُ، والنهرُ في دَمِنا
تتفتَّحُ في الكلماتِ - المواقفُ،
تطلعُ منْ عطشِ الأَرْزِ
تخرجُ منْ زعترِ الضوءِ؛
لا تحزني..
تبدأُ الرِّحْلَةُ الآنَ،
بالكلماتِ وبالسيفِ تبدأُ
منْ جوعِ صنعاءَ
منْ قاسِيُونَ،
ومنْ نخلةٍ تتوجَّعُ فيها عظامُ الحروفْ.

- 2 -
حينَ يهبطُ في حارةِ الفقراءِ كتابي
وتصطدمُ الكلماتُ بعينيكِ مذعورةً
كعصافيرِ يافا..
أتقرأُ كفُّكِ وجهَ سؤالي؟!
يقولونَ: إنَّ الحروفَ الرَّصاصَ
- غدا ً- سوفَ تفصلُنا!
بينَ قلبي وقلبِكِ،
بينَ الحجارةِ في قريتي
والحجارةِ في شاطئيكِ؛
يقومُ كتابُ الهوى
والأغاني التي زرعَتْها على النَّبْعِ (فيروزُ)
تسكنُنا،
تتجوَّلُ في شجرِ (البُنِّ)،
في قمرِ اللَّيلِ يرسمُ (جبرانُ)
نخلتَنا في البلادِ البعيدةْ!

- 3 -
زهرةَ النارِ والدَّمِ صِرْتِ
وكنتِ لنا زهرةَ الكلماتْ،
صارَ وجهُكِ وجهينَ
أو هكذا يحلُمُ اللَّيلُ:
- وجهٌ لنا يرتدي لونَ أحزانِنا،
ويغني لفيروزَ،
- وجهٌ لهم...
هل تريدينَ غيرَ الذي ترتدينَ؟!
وهل يثمرُ الدَّمُ أجنحةً للحجارةِ؟
لا تركعي،
ها هيَ الأرضُ يا أختَنا ترتدي
حزنَ عينيكِ،
يرسمُ أطفالُنا باسْمِكِ الصَّلَواتِ
على جرحِ أعمارِهم،
فاخرجي منْ دخانِ الحروفِ الغريبةِ،
منْ بنطلونِ الرَّصاصْ.

- 4 -
لم تكنْ وَلَدَتْ - بعدُ - بيروتُ
كانتْ منَ الشوقِ حبلى
وهذا الصَّهيلُ المحاصرُ في موسمِ النارِ،
منْ يوصدُ النارَ منْ خَلْفِهِ؟
منْ يمزِّقُ أخشابَ أكتافِهِ؟
آهِ.. منْ يثقبُ الجسدَ - الكلماتِ
يقدِّمُهُ في بساطٍ منَ الدَّمِ،
يخلعُ عنهُ هُوِيَّتَهُ؟
منْ رأى جُثَّةَ الأبيضِ المتوسِّطِ
تلعقُ جثةَ بيروتَ،
تشربُ ماءَ الرَّمادِ،
وتأكلُ خبزَ الدِّماءْ؟

ختام:
أسوداً - كانَ - لونُ الأغاني
ومحترقاً - كانَ - وجهُ البكاءْ.
شجرُ الأرز يخلعُ أثوابَهُ عندَ بابِ الكآبةِ،
وجهُ الربيعِ الذي جاءَ في عامِنا المتوحِّشِ
كانَ الشتاءْ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى