الاختيار

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - الاختيار

- 1 -
بينَ الحزنِ الرّاكعِ والموتِ الواقفِ
أختارُ الموتْ
بينَ الصمتِ الهانئِ والصوتِ الدّامي
أختارُ الصوتْ
بينَ اللَّطْمَةِ والطَّلْقَةِ
أختارُ الطلقةْ
بينَ السَّوْطِ وبينَ السَّيْفْ
أختارُ السَّيْفْ
هذا قَدَري
هذا مجدي.. هذا شوقُ الإنسانْ.

- 2 -
كانَ الحبُّ - قديماً - شمساً،
كانَ سَحابةْ
كانَ نهاراً في اللَّيلِ،
وأغنيةً تتمدَّدُ فوقَ جبالِ الحزنْ.
كانَ سماءً تغسلُ بالأمطارِ الخضراءِ
تجاعيدَ الأرضْ.
أينَ ارتحلتْ سُفُنُ الحبِّ،
وأينَ الأغنيةُ / الثَّورةُ؟
صارَ الحبُّ رماداً
صمتاً
رُعْباً في كفِّ الجلاّدينْ.
أرضاً تتورَّمُ بالبترولْ
حقلاً ينبتُ سُبْحاتٍ
وعمائمَ
بينَ الحبِّ الأغنيةِ الثَّورةِ،
والحبِّ القادمِ منْ (هوليودْ)
في أشرطةِ التسجيلْ
في رُزَمِ الدُّولاراتْ
حبِّ القَهْرِ الطَّبَقي..
ماذا تختارْ؟
- أختارُ الحبَّ.. الأغنيةَ الثورةْ.

- 3 -
كانَ الحبُّ ربيعاً لفصولِ العامْ
كانَ فتاةً قَدَماها الخضراوانِ على البحرِ
وكَفّاها للشَّمْسْ
تمتدُّ جدائلُها فوقَ تلالِ الشَّعْرِ الخضراءْ
في نهديها خبزٌ
وسريرٌ للعشّاقْ
في شفتيها خمرُ الحلمِ الأحمرِ،
شاختْ أشجارُ الحُبْ
ذَبُلَتْ عيناهُ..
احترقَتْ أوراقُ الأشعارْ.
صارتْ كلُّ فصولِ العامِ شتاءً
صارَ الحبُّ نقوداً
صارتْ كلُّ قلوبِ الناسِ جليداً
بينَ الحبِّ الصَّفْقَةِ والحبِّ الشِّعْرْ..
ماذا تختارْ؟
- أختارُ الحبَّ / الشِّعْرْ.

- 4 -
كانَ الأمسُ طبولاً،
أضرحةً
صوتاً مشلولاً
سيفاً يُثمرُ بالدَّمِ..
واليومَ عجوزٌ حبلى تتألَّمُ
طالَ مخاضُ الأيّامْ.
ماذا يُخْفي البَطْنُ المنفوخْ؟
جبلاً.. فأراً؟
بينَ الجبلِ الموعودِ، وبينَ الفأرِ الواعدِ
بينَ الأمسِ القاتلِ، واليومِ المقتولْ..
ماذا تختارْ؟
- أختارُ غداً.

29 – 2 – 1975م

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى