من الأرشيف

اليمن تفقد أحد مؤرخيها الأعلام

سبأنت:
غيب الموت مساء اليوم المؤرخ الكبير القاضي إسماعيل بن علي الأكوع عن عمر ناهز السابعة والثمانين عاما أمضى جله في خدمة الوطن ملتزما محراب العلم مجتهدا في مجال البحث التاريخي، فطاف قرى اليمن ومدنها، سهولها وجبالها، ووديانها وسواحلها، جامعا محققا، باحثا ودارسا وممحصا، موثقا ومؤلفا للعديد من الكتب التي هي اليوم من أهم المراجع في التاريخ والثقافة في اليمن.

- والفقيد الراحل ولد في مدينة ذمار يوم الأربعاء الحادي عشر من جمادي الأخرى سنة 1338ه الأول من مارس سنة 1920، وفيها نشأ وترعرع.


- تلقى علومه الأولى في ( المدرسة الشمسية ) في ذمار، وكذلك في ( مسجد عمرو) عند بعض كبار علماء ذمار آنذاك، ومنهم والده. كما درس أيضاً في ( رباط الغيثي ) الضاحية الغربية من ( مدينة إب ) لدى أخيه القاضي محمد بن علي الأكوع، ودرس كذلك في ( معهد الحزر ) في مدينة إب لفترة قصيرة.


- اشتغل بالسياسة منذ أن التحق بحركة الأحرار اليمنيين في سن مبكرة من عمره، فسجن مرتين : أولاهما في آخر شوال سنة 1363ه 1944م، بأمر من الإمام يحيى حميد الدين و الأخرى عقب فشل الثورة الدستورية في العام 1948م، وتم إطلاق سراحه بعد ثلاث سنوات.


- سافر إلى عدن عقب إطلاق سراحه بأمر من الإمام أحمد لغرض التداوي والعودة إلى تعز، لكنه آثر البقاء في عدن بعيداً عن مجال نفوذ الإمام أحمد وسطوته، مستأنفاً نشاطه الوطني في إطار ( الاتحاد اليمني ) الذي أنشئ متأخراً ليحل محل (الجمعية اليمانية الكبرى) التي أسسها الأستاذ / أحمد محمد نعمان، والأستاذ/ محمد محمود الزبيري.


- عمل في تدريس أبناء الأحرار في مقر الاتحاد اليمني في عدن.


- سافر إلى مصر بعد مجيء الأستاذ / محمد محمود الزبيري إليها من باكستان مواصلاً نشاطه السياسي معه.


- سافر إلى سورية ( دمشق ) للإشراف على الطلاب اليمنيين الذين جاءوا إلى سورية وهناك شهد قيام وحدة مصر وسورية في كيان واحد هي: الجمهورية العربية المتحدة.


- سافر إلى موسكو بأمر الإمام مع رفيق له سنة 1961م، لفتح مفوضية لليمن فيها، وبقي هناك حتى قامت الثورة 1962م، فعين قائماً بالأعمال في موسكو، ثم وزيراً مفوضاً، ثم سفيراً غير مقيم، فنائباً لوزير الخارجية.


- عاد إلى اليمن في آب 1968م، بعد تولي القاضي / عبد الرحمن الإرياني الحكم في اليمن في نوفمبر 1967م، وأسندت إليه حقيبة وزارة الإعلام في حكومة الفريق / حسن العمري.


- أسس الهيئة العامة للآثار ودور الكتب 1969م، وتولي رئاستها حتى أواخر 1990م، وتفرغ بعدها للتأليف.


* وللفقيد الراحل عدد من الكتب والبحوث الفريدة في بابها، والتي لم يسبق لأحد قبله تناولها حيث صدر له من الكتب:
الأمثال اليمانية في مجلدين، المدارس الإسلامية في اليمن، تاريخ أعلام أل الأكوع، تحقيق كتاب (مجموع بلدان اليمن وقبائلها ) للقاضي محمد بن أحمد الحجري اليماني، البلدان اليمانية عن ياقوت، هجر العلم ومعاقله في اليمن، خمسة مجلدات، المدخل إلى معرفة ( هجر العلم ومعاقله في اليمن )، الإمام محمد بن إبراهيم الوزير وكتابه ( العواصم والقواسم في الذب عن سنة أبي القاسم )، نشوان بن سعيد الحميري، والصراع الفكري والمذهبي في عصره، أعراف وتقاليد حكام اليمن في
العصر الإسلامي، الزيدية نشأتها ومعتقداتها، سدود اليمن أبرز مظاهر حضارتها القديمة، أئمة العلم المجتهدون في اليمن، مخاليف اليمن، الدولة الرسولية في اليمن.


كما أنجز عدد كبير من البحوث نشرتها العديد من الدوريات العربية والعالمية، منها : الأفعول، وما جاء على وزنه من أسماء القبائل اليمانية، أبرز الآثار الإسلامية في اليمن، تداخل الأنساب في القبائل اليمنية، صنعاء ومعالمها التاريخية، صنعاء عند المؤرخين، الكنى والألقاب والأسماء عند العرب، وما انفردت به اليمن، اللغات اليمنية القديمة، ومدى صلتها وارتباطها باللغة العربية الفصحى، وما لها من خصائص انفردت بها، كلمات تركية مستعملة في اليمن، مخاليف اليمن عند الجغرافيين المسلمين، تاريخ حمامات صنعاء، الأسباب الحقيقية لمقاومة أهل اليمن
للحكم العثماني.


- وله دراسات نقدية وتعقيبية وتصحيحية لعدد من الدراسات والكتب التي تناولت تاريخ اليمن وتراثه الفكري والحضاري نشرت في عدد من الدوريات.


* والقاضي الأكوع كان عضوا في المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية في الأردن، ومجمعي اللغة العربية في عمان ودمشق والمجمع العلمي العراقي وعضو المجمع العلمي الهندي وعضو اتحاد المؤرخين العرب وعضو معهد الآثار الألماني في برلين.


شارك في العديد من المؤتمرات والندوات في عدد من البلدان. ونال عدد كبير من الجوائز والأوسمة، واحتفلت بتكريمه مؤسسات علمية محلية وعربية ودولية، وكان من آخر هذه التكريمات تكريم المعهد الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية له بصنعاء في العام 2006، وإصدار المعهد كتاب بمناسبة بلوغه السنة الخامسة والثمانين حينها.


هذا وسيشيع جثمان الفقيد الراحل إلى مثواه الأخير بمقبرة حدة بعد الصلاة عليه في جامع التوحيد بمنطقة حدة جوار المستشفى اللبناني عقب صلاة الظهر ليوم غد الأربعاء.


                             تغمد الله الفقيد الراحل بواسع رحمته،وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.


                                                                    إنا لله وإنا إليه راجعون

زر الذهاب إلى الأعلى