ارتفاع وتيرة أعمال القرصنة البحرية في خليج عدن، خلال الأشهر الثلاثة الماضية، علامات استفهام كثيرة، دفعت البعض للتأكيد بأن ثمة أجندة خفية تقف وراء القراصنة الذين أوجدوا بأعمالهم الخطرة مبرراً لتكثيف الوجود العسكري الأجنبي في أهم الممرات الملاحية في العالم.
وحذر تقرير رسمي من وجود مخاطر حقيقية تُهدد سيادة اليمن على مياهه الإقليمية، وتُعرُِّض أمنه القومي للخطر بفعل الأساطيل العسكرية للدول الأجنبية التي تجوب خليج عدن وباب المندب تحت مبرر مطاردة القراصنة الصوماليين.
التقرير الصادر عن مجلس الشورى أوضح أن القرصنة صُنعت بإرادة خارجية من دول كبرى لها أطماع قديمة في البحر الأحمر، جعلت من مطاردة القراصنة مبرراً لتواجدها في هذه المياه، ومن ثم التحكم بأهم ممر ملاحي في العالم.
و جزم التقرير الذي نفذته ثلاث لجان بمجلس الشورى» اللجنة السياسية، لجنة العلاقات الخارجية، ولجنة الدفاع والأمن» بأن القرصنة وعملياتها خلال الأشهر الأخيرة ترجع إلى تواطؤ القوات الدولية التي تجوب خليج عدن والبحر الأحمر مع القراصنة، مؤكداً تقديم بعض القوات المتواجدة في المنطقة معلومات للقراصنة عن تواجد السفن المارة، وأحياناً نقلهم مع زوارقهم بعد تزويدهم باحتياجاتهم إلى أماكن بعيدة عن الشواطئ الصومالية، كما حدث مع السفينة السعودية المحملة بالبترول.
وأشار إلى أن تواطؤ الأساطيل العسكرية مع القراصنة يهدف إلى إظهارهم كقوة كبيرة، و التأثير على الممر الملاحي الذي يمتد من قناة السويس مروراً بالبحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب والعكس.
وحذر التقرير الذي كان بعنوان» القرصنة البحرية في السواحل الصومالية وخليج عدن» من التواجد الأجنبي في خليج عدن وباب المندب، قائلاً إن المشهد داخل منطقة البحر العربي وخليج عدن والبحر الأحمر ينذر بمخاطر جمة على دول المنطقة وعلى اليمن بصفة خاصة.
ودلل على وجود أجندة خفية للأساطيل العسكرية الأجنبية بقوله إن هناك شبه إجماع من قبل المحللين السياسيين والمتابعين لمسار الأحداث في المنطقة من أن عمليات القرصنة تكاد تكون محصورة في إقليم محدد من الصومال هو إقليم «بونت لاند»، وأنه من خلال ذلك يمكن عمل مقارنة بسيطة بين إمكانيات الأساطيل الموجودة في المنطقة وبين حيز جغرافي معلوم للجميع هو القراصنة، إذ بالمقارنة تتضح الأهداف الخفية وراء تلك الظاهرة الإجرامية!!
وأكد أن القرصنة حالة عبثية صُنعت اصطناعاً بإرادة خارجية تستهدف بقاء طاحونة الصراع في الصومال المشتت للجهد العربي وحتى للإسلامي، وتمُِّكن للكيان الصهيوني من تحقيق أهدافه القصيرة والبعيدة بأمان، كما أنها تلبي رغبات الدول الإقليمية والدولية التي لا ترغب بظهور حكومة ائتلاف وطني قوية في الصومال تخرج البلاد من دوامة الصراع والنزيف الدموي.
وذهب إلى خطورة التوجه الاستراتيجي الصهيوني لتحقيق موطئ قدم عند مدخل البحر الأحمر باعتباره منفذاً رئيسياً لتتدفق من خلاله صادراته المتجهة إلى إفريقيا واليابان وجنوب شرق آسيا والعكس إلى إيلات، مذكراً بأن استراتيجية الكيان الصهيوني ترتكز عل منع العرب من السيطرة على البحر الأحمر ، بل ضرورة إخضاعه لهيمنة الكيان الصهيوني ونزع صفته العربية.
وقال « ليكن واضحاً لدى العرب أن القرصنة البحرية في هذا الظرف ليس إلا رسالة سياسية مدلولها» تدويل البحر الأحمر» والذي يحمل في طياته تداعيات على الأمن القومي العربي ليس أقلها حرمان الدول العربية من السيطرة على الحركة الملاحية في هذا الممر المائي الذي تعد غالبية الدول المطلة عليه عربية باستثناء» إسرائيل وارتيريا» بل قد تكسب أطرافاً دولية أخرى حقوقاً في المنطقة استناداً لقرارات مجلس الأمن التي خولتها استخدام القوة في مواجهة القرصنة والتي تستخدم للضغط على الدول العربية في حالة تضارب المصالح مع تلك الأطراف الدولية».
وأشار التقرير إلى أن التواجد الكبير لهذه القوات في هذه المنطقة الحيوية وفي واحد من أهم الممرات الدولية في العالم وفي هذا الوقت بالتحديد يدفع إلى شعور بالخوف والقلق معاً إزاء ما تتعرض له هذه المنطقة من الأخطار المحتلمة «نحن في اليمن يحق لنا قبل غيرنا أن نشعر بهذا القلق باعتبار أن مسرح عمليات القرصنة يدور بالقرب من مياهنا الإقليمية».
وقال إنه من غير المستبعد أن تكون هناك مؤامرة تقودها جهات بهدف الإضرار بالدول العربية المطلة على البحر الأحمر بشكل خاص، ودول شبه الإقليم بشكل عام، مدللاً بأن القراصنة ليسوا مجموعة صغيرة من الإرهابيين الذين يعملون لصالح أنفسهم ، فالبعض منهم يعملون لصالح جهات هدفها التأثير على المنطقة واستهداف طريق سير التجارة العالمية من خلال استخدام طريق رأس الرجاء الصالح بدلا من باب المندب وقناة السويس.
وأوضح أنه من خلال متابعة عمليات القرصنة في الآونة الأخيرة يمكن القول إن أهم العمليات التي قام بها القراصنة تم التخطيط لها على أساس من المعلومات التي تم جمعها مسبقاً عن السفن والناقلات المستهدفة، باستخدام نظام تحديد المواقع والهواتف التي تعمل بالأقمار الصناعية بالإضافة إلى شبكة نشطة من الجواسيس ترصد السفن المستهدفة، وقد قدرت منظمة بحرية متمركزة في كينيا عدد القراصنة المنتشرين على طول السواحل الصومالية بنحو 3200فرداً موزعين في ثلاث مجموعات ومعظمهم ممن يعمل في خفر السواحل الصومالية سابقا، بالإضافة إلى بعض القراصنة من اريتريا العاملين في المياه الإقليمية قبالة السواحل الصومالية، ويتمركز القراصنة في الشمال تحديدا في إقليم بونت لاند شبه المستقل ذاتيا، ويقع فيه ميناء «ايل» معقل القراصنة الرئيسي.
وجدد تقرير مجلس الشورى تأكيده بأن الوجود العسكري الأجنبي في البحر الأحمر أصبح ضمن الاستراتيجيات الكبرى للقوى الدولية الطامعة وبالذات الكيان الصهيوني، وهنا تبرز إلى حيز الواقع اهتماماتها، وأنه هناك ثمة أجندة حقيقية تقف وراء قرار مجلس الأمن الدولي، لأن أعمال القرصنة موجودة في أكثر من منطقة بحرية من العالم، ولا يتعامل معها مجلس الأمن الدولي ولا الدول الغربية بالطريقة التي جرى التعامل بها مع القرصنة في القرن الإفريقي وخليج عدن.
وأبدى التقرير خشيته من أن تتغير مهمة القوات الأجنبية من ملاحقة القراصنة إلى تهديد الأمن القومي للبلدان المطلة على البحر الأحمر وخليج العرب، وربما إلى مكافحة الإرهاب وملاحقته حتى داخل أراضيها، فضلاً عن أن الوجود الأجنبي سيضاعف من المشاكل وسينتهك سيادة المياه الإقليمية للبلدان المطلة، كما أن وجود قوات أجنبية في المياه العربية تحت ستار مكافحة القرصنة يشكل خطراً على الأمن القومي ، وقد يصبح كابوساً يمارس الضغط على الأمة العربية ويزيد من التدخل في الشئون الداخلية العربية بما فيها فرض تسهيلات عسكرية لأساطيلهم.
يحيى اليناعي
مواضيع متعلقة:
قراصنة بيض يلاحقون قراصنة سود.. اليمن: سفينة في مهب القراصنة
الإستراتيجية الإسرائيلية لإحتلال مضيق باب المندب
جزيرة سقطرى الإستراتيجية هدف للتواجد الدولي في المياه الإقليمية
تقرير يكشف عن مساندة القوات الدولية للقراصنة في خليج عدن
تمهيد أمريكي لاحتلال خليج عدن بمبرر متابعة عمليات القرصنة
تساؤلات عن تفشي القرصنة بخليج عدن رغم الوجود الغربي
صالح يعلن دعم اليمن للسفن الروسية في محاربة القرصنة
أميرال أمريكي: يتعين العمل مع اليمن بشأن القرصنة الصومالية
بحر العرب.. بين الدور الإقليمى الغائب وغموض أهداف التحرك الدولي
محللون: القرصنة بخليج عدن بررت الوجود العسكري الأجنبي
________
الصحوة