تردد اسم اليمن كثيرا خلال الاسبوعين الماضيين باعتباره ملاذا آمنا لتنظيم القاعدة، بحسب عدة تصريحات وتقارير غربية، وبالتزامن مع تصريحات المصادر اليمنية الرسمية بشأن القاء القبض على الممول المالي لتنظيم القاعدة في السعودية واليمن، وعضو اخر سلم نفسه طواعية للاجهزة الامنية.
كما يأتي ذلك، فيما لايزال الغموض يلف حادث اختطاف تسعة اجانب، ومقتل ثلاث نساء من بينهن، ولم يستبعد مراقبون من وقوف تنظيم القاعدة وراء الحادث، خصوصا ان عملية القتل تحمل بصمة التنظيم.
وفي تطور لافت، قال منسق مكافحة الارهاب في الاتحاد الاوروبي ان اليمن مهددة بأن تسير في درب أفغانستان فتكون ملاذا امنا للمتشددين.
ورغم نفي اليمن صحة الانباء التي اشارت إلى انتقال عناصر في القاعدة من باكستان وافغانستان إلى اراضيه، وتشديد المصدر اليمني التأكيد على ان اليمن لن يكون الملاذ الآمن للقاعدة.
قال جيل دي كيرشوف منسق مكافحة الارهاب في الاتحاد الاوروبي انه "أوصى بأن يصنف اليمن بتصنيف باكستان والصحراء الكبرى كمناطق تضم تهديدات للمصالح الاوروبية." مضيفا "كنت في اليمن قبل شهر. انها دولة تحتاج بالفعل للمساعدة. تواجهها تحديات كثيرة وعلينا أن نتجنب أن يصير اليمن ملاذا امنا اخر أو أفغانستان أخرى."
واصفا اليمن "انها دولة ضعيفة.. لذا فنحن بالتأكيد بحاجة إلى تعبئة المجتمع الدولي من أجل تجنب حدوث ذلك." كما نقلت وكالة رويترز عن محللون أمنيون اعتقادهم، بأن بعض متشددي القاعدة الباحثين عن قواعد جديدة لعملياتهم بعد اخراجهم من السعودية والعراق يتجهون إلى اليمن.
وبدوره، قال تقرير أمريكي ان حادث اختطاف الاجانب، وتصفية ثلاثة منهم، يسلط الضوء على تزايد أنشطة تنظيم القاعدة في اليمن. ويرى تقرير شبكة "ABC" الأمريكية أن القاعدة تستعيد زخمها من دعوات الانفصال في الجنوب، وحركة الحوثي في الشمال، مما " يترك القليل تحت سيطرة الحكومة اليمنية، لا يتعدى سوى بقليل حدود العاصمة صنعاء، مما يجعل اليمن الملاذ الأمثل لـ"القاعدة في شبه الجزيرة العربية - الفرع الإقليمي لتنظيم القاعدة."
التقرير الذي اوردته شبكة "سي ان ان" الأمريكية نقل تحذيرات رئيس الاستخبارات القومية الأمريكية، دينيس بلير، في فبراير وقوله من "أن اليمن هو الملاذ الآمن الجديد المرتقب للحركة، حيث تنحدر أصول زعيمها السعودي، أسامه بن لادن، من هناك." وأضاف "اليمن تنبثق مجددا كساحة حرب للجهاديين، وكقاعدة إقليمية محتملة لعمليات القاعدة للتخطيط لهجمات محلية وخارجية، وتدريب الإرهابيين، وتسهيل تحركات الخلايا العاملة."
وطبقا للتقرير، فقد رأى خبراء بأن تصفية ثلاث رهائن ضمن التسعة الاجانب المختطفين يحمل بصمة القاعدة، حيث قال محمد حيدر، باحث في مركز سبأ للدراسات الإستراتيجية ان :"المؤشر الأول على مسؤولية القاعدة، هو جنسية الضحايا وطبيعة وظائفهم.. فهي تابعة لمنظمة مسيحية، ويعمل الضحايا الثلاثة ضمن منظمة إغاثة ألمانية متعاونة مع الكنيسة."
وفيما لايزال الغموض سيد الموقف حتى مساء امس الاول حول الجهة التي تقف خلف هذا الحادث، رفعت المصادر الرسمية من درجة اهمية نشاط القاعدة داخل الاراضي اليمنية بعد اعلانها القبض على كبير ممولي القاعدة في السعودية واليمن. وبعد يومين أو ثلاثة تقريبا، ذكرت ذات المصادر ان مطلوب اخر، ويدعى نايف دهيس يحيى الحربي، وهو سعودي الجنسية، سلم نفسه طواعية إلى السلطات الامنية.
وفي حين نقلت جريدة "الشرق الاوسط" يوم الاثنين الماضي عن اللواء منصور التركي المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية السعودية القول إنه لا يمتلك معلومات حول ما أعلنت عنه الأجهزة الأمنية اليمنية بشأن القبض على كبير ممولي القاعدة في السعودية واليمن، واسمه حسن بن حسين علوان. واشار إلى اتصالات تجري لذات الشأن. لكنه صرح على خلفية اعلان اليمن تسليم الحربي نفسه طواعية للسلطات الامنية، بالقول: " تسعدنا كل مبادرة للرجوع إلى طريق الصواب، ونعمل على استعادة كل مواطن موقوف خارج المملكة، وندعو كل المغرر بهم لتحكيم عقولهم، والاستجابة لنداءات وطنهم وأهليهم بتسليم أنفسهم."
وفيما ذكرت جريدة "عكاظ" ان المصدر اليمني لم يشر إلى تفاصيل تبين ظروف اعتقال حسن بن حسين علوان. غير أن سفير اليمن بالمملكة، كشف أن بن علوان ملاحق من قبل السلطات الأمنية في اليمن منذ فترة، وأنها كانت تترصده وتراقب تحركاته إلى أن تم القبض عليه أخيرا. عادا عملية القبض عليه بالإنجاز الأمني الكبير لقوى الأمن اليمنية.
من جانبه، كشف أحمد الحربي، شقيق نايف الحربي، أن الشخص الذي أعلن عنه من قبل الأجهزة الأمنية اليمنية هو شقيقه، موضحا أن عائلته قدمت للأمن السعودي كافة المعلومات التفصيلية عن شقيقه في وقت سابق.
وأضاف الحربي، بأن شقيقه سلم نفسه برغبته للأجهزة الأمنية اليمنية، مؤكدا أن عائلته تعاونت تماما مع الأجهزة ألأمنية في السعودية، وترغب في عودة ابنها. وكان مصدر امني يمني، اوضح بأن تسليم الحربي نفسه جاء بعد متابعة دقيقة له وملاحقة مستمرة في إطار الجهود المكثفة التي تبذلها الأجهزة الأمنية لمحاربة الإرهاب. ووصف الحربي بأنه من أخطر العناصر في تنظيم القاعدة، وانه أدلى بمعلومات هامة خلال عمليات التحقيق، التي أجرتها معه أجهزة الأمن، من شأنها تسهيل الوصول إلى عدد من العناصر الخطرة في تنظيم القاعدة.