أعلنت كوريا الشمالية أمس قطع كل علاقاتها مع كوريا الجنوبية، وهددتها بعمل عسكري ردا على ما تقول إنه انتهاك من الجانب الكوري الجنوبي لمياهها الإقليمية. وجاء هذا فيما حثت سيول الصين أمس على دعم جهودها الدولية لمعاقبة جارتها الشمالية على إغراق بارجة تابعة لها.
وأوضحت وكالة الأنباء الكورية الشمالية، أن بيونغ يانغ أعلنت عزمها طرد كافة الموظفين الكوريين الجنوبيين من منطقة «كايسونغ» الصناعية الواقعة شمال الحدود والتي يديرها البلدان، وحظر تحليق الطائرات الكورية الجنوبية في أجوائها ومرور السفن في مياهها الإقليمية.
ووجه الجيش الكوري الشمالي أمس رسالة احتجاجية إلى القوات المسلحة الكورية الجنوبية كما أوردت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية. وقال إنه قبل عشرة أيام دخلت عشرات السفن الحربية الكورية الجنوبية المياه الإقليمية الكورية الشمالية. وجاء في الرسالة «هذا استفزاز متعمد هدفه إشعال نزاع عسكري جديد في البحر الغربي (الأصفر) الكوري وبالتالي دفع العلاقات الحالية بين الشمال والجنوب التي وصلت إلى أدنى مستوياتها نحو مرحلة الحرب». وأضافت الرسالة أنه في حال استمر انتهاك المياه الإقليمية فإن كوريا الشمالية «ستقوم بتفعيل إجراءات عسكرية عملية للدفاع عن مياهها كما سبق وأوضحت وسيعتبر الجانب الجنوبي مسؤولا بالكامل عن كل العواقب المترتبة على ذلك».
لكن متحدثا باسم وزارة الدفاع الكورية الجنوبية نفى أن تكون أي سفينة دخلت المياه الإقليمية الكورية الشمالية. ودبلوماسيا، قال مسؤول في وزارة الخارجية الكورية الجنوبية عقب محادثات بين المسؤول الصيني البارز وو داوي ووزير خارجية كوريا الجنوبية في سيول يو ميونغ - هوان، إنه «يبدو أن الصين تفهم خطورة الوضع». وأول من أمس، أعلن رئيس كوريا الجنوبية لي ميونغ باك عن مجموعة من الردود الانتقامية بعد أن خلصت لجنة تحقيق دولية برئاسة كوريا الجنوبية إلى وجود أدلة تثبت أن طوربيدا كوريا شماليا أدى إلى انشطار البارجة البالغة زنتها 1200 طن في 26 مارس (آذار) الماضي في البحر الأصفر مما أدى إلى مقتل 46 من بحارتها.
وأوقف لي العلاقات التجارية وغيرها من التعاملات مع الجارة الشمالية ومنع السفن التجارية الكورية الشمالية من استخدام الخطوط البحرية لبلاده. كما قال إن بلاده سترفع مسألة إغراق السفينة إلى مجلس الأمن الدولي.
وتكثف سيول جهودها الدبلوماسية للحصول على التأييد الدولي في هذه الأزمة. ولكن وعلى عكس العديد من الدول، رفضت الصين تحميل بيونغ يانغ المسؤولية علنا عن إغراق السفينة، ودعت مجددا إلى الحوار. وتتعرض الصين، التي يمكن أن تصوت بالنقض ضد أي إجراء يمكن أن يتخذه مجلس الأمن لفرض عقوبات جديدة على بيونغ يانغ إلى ضغوط من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي تزور بكين حاليا لحثها على اتخاذ إجراءات أقسى ضد كوريا الشمالية. وأعربت بكين أمس عن استعدادها للعمل مع الولايات المتحدة لحل الأزمة الكورية. وصرح نائب وزير الخارجية تشوي تيانكاي للصحافيين «نحن مستعدون للعمل مع الولايات المتحدة وغيرها من الأطراف والبقاء على اتصال وثيق بشأن الوضع في شبه الجزيرة الكورية».
وكانت الخارجية الصينية جددت دعواتها أمس إلى ضبط النفس. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية جيانغ يو خلال مؤتمر صحافي «نأمل حقا أن تحافظ جميع الأطراف المعنية على هدوئها وأن تتحلى بضبط النفس» مضيفة «نعتقد أن الحوار أفضل من المواجهة». وقالت إن السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية وفي المنطقة هو في صالح جميع الأطراف، مؤكدة أن الصين لن تتسامح مع أية أعمال يمكن أن تهدد السلام.
وفي سيول قال وزير الخارجية للمسؤول الصيني البارز وو داوي، إنه يجب التعامل مع إغراق السفينة بشكل جديد حرصا على السلام الإقليمي. وقال وو إنه «درس بدقة» تقرير المحققين، حسب ما نقلت وكالة «يونهاب» للأنباء عن مسؤول في الخارجية.
ودعمت الولايات المتحدة بقوة الإجراءات العقابية التي اتخذتها سيول وأعلنت أنها ستجري مناورات ضد الغواصات وغيرها من المناورات الحربية.
بدوره، دعا الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف أمس إلى ضبط النفس لمنع تصعيد الأزمة بين الكوريتين. وقال الكرملين في بيان إن ميدفيديف اتصل هاتفيا بنظيره الكوري الجنوبي لي ميونغ باك وقدم تعازيه في ضحايا غرق البارجة في 26 مارس والتي قتل فيها 46 ملاحا. وقال البيان إن «ميدفيديف أعرب عن أمله في ضبط النفس ومنع مزيد من التصعيد في التوتر في شبه الجزيرة الكورية رغم صعوبة الوضع». ولم يكشف البيان ما إذا كانت روسيا توافق على اتهام سيول لبيونغ يونغ بإغراق البارجة.
وتقول كوريا الشمالية إن جارتها الجنوبية زورت الأدلة بشأن ضلوعها في إغراق البارجة كجزء من خطة لإشعال النزاع في المنطقة. وهددت ب «حرب شاملة» ردا على الإجراءات العقابية. وقالت وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية في تعليقها «إن موقفنا الثابت هو أننا سنرد باتخاذ العديد من الخطوات القوية من بينها شن حرب شاملة فورية ردا على أي نوع من الانتقام أو العقوبات (من قبل كوريا الجنوبية)».
وقالت مجموعة «التضامن الثقافي الكوري الشمالي»، وهي مجموعة من المنشقين الكوريين الشماليين تتخذ من كوريا الجنوبية مقرا لها، إن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ إيل وضع جيشه في حالة تأهب. وقالت أجهزة الاستخبارات الكورية الجنوبية إنها تحقق في هذه المعلومات التي أدت إلى تراجع عملة الوون بنسبة ثلاثة في المائة مقابل الدولار. وتراجعت بورصة سيول، فيما انخفضت أسعار الأسهم في أنحاء آسيا.
وتعاني كوريا الشمالية الفقيرة من مشاكل اقتصادية. وسيؤدي الحظر التجاري الذي فرضته كوريا الجنوبية عليها إلى خسارتها مئات ملايين الدولارات سنويا، حسب مجموعة أبحاث في سيول أشارت إلى أن بيونغ يانغ حققت فائضا تجاريا مقداره 333 مليون دولار بفضل تجارتها مع جارتها الجنوبية العام الماضي.
وفي إطار الإجراءات العقابية بدأت سيول أمس نصب مكبرات صوت على طول الحدود المتوترة مع الشمال استعدادا لاستئناف البث الدعائي بعد توقف دام ستة أشهر. وهدد جيش كوريا الشمالية بفتح النار على المتحدثين عبر هذه المكبرات. ويتوقع أن تكرر سيول دعوتها بكين إلى دعمها عند وصول رئيس الوزراء الصيني ون جيا باو يوم الجمعة المقبل لإجراء محادثات. وسيعقد وين لقاء ثنائيا مع لي قبل القمة الثلاثية التي ستعقد في عطلة نهاية الأسبوع بين الزعيمين ويشارك فيها رئيس الوزراء الياباني يوكيو هاتوياما في جزيرة جيجو في كوريا الجنوبية.