[esi views ttl="1"]
arpo28

اليمن.. برلمان 2011 يحدد مصير الانتخابات الرئاسية في 2013

تسارع ايقاع الحياة السياسية بصورة غير متوقعة بعد انتهاء خليجي عشرين، وتبخرت كل الدعوات الداخلية والخارجية لاعتبار الحوار الوطني هو الحل الأمثل للمشكلات والأزمات اليمنية مع قرار المؤتمر الشعبي العام الذهاب إلى صناديق الاقتراع في ابريل المقبل سواء بمشاركة المعارضة أو بمقاطعتها للانتخابات.

وبدت جدية الحزب الحاكم حاسمة هذه المرة بعد ادراج مشروع تعديلات قانون الانتخابات على جدول أعمال مجلس النواب ثم موافقة كتلته البرلمانية على مشروع التعديلات مع اضافة تعديلين جديدين، وكذلك صدور القرار الجمهوري بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات من تسعة قضاة.

وبقدر ما فتحت هذه التطورات السياسية السريعة المجال للحديث عن الاسباب التي دفعت الحزب الحاكم لاتخاذ هذه الخطوة المنفردة بعد تراجعه عنها في وقت سابق، بالقدر ذاته، أتاحت المجال للمراقبين والمتابعين لاحصاء كلفة الارباح والخسائر السياسية والتوقف كثيرا عند تداعياتها ومآلاتها وخيارات طرفي الحكم والمعارضة ووسائلهما للدفاع عن تلك الخيارات.

وسبق لرئيس الجمهورية أن أقدم على فرملة خطوة مماثلة لحزبه في اكتوبر الماضي بسحبه مشروع التعديلات من جدول أعمال مجلس النواب عقب لقاء غير معلن مع قادة أحزاب اللقاء المشترك، وأوحى ذلك للبعض بأن قرار تأجيل الانتخابات البرلمانية للمرة الثانية شبه مؤكد نظرا للمانع القانوني والذي لا يسمح بمعاودة طرح التعديلات على جدول أعمال المجلس في نفس الدورة التي سحب منها.

وبحسب معلومات حصلت عليها صحيفة "الناس"، فقد أثار قرار الرئيس السابق بسحب مشروع تعديلات قانون الانتخابات، استياء كبيرا في أوساط بعض القيادات المؤتمرية التي حذرته من مسألة "الفراغ الدستوري" الذي تسعى اليه المعارضة. ولفتت إلى عواقب اثارة هذه المسألة من جانب المعارضة مع احتفاظها بنفس نقاط القوة في التفاوض والحوار على قضايا الاصلاحات السياسية والانتخابية لاحقا.

ومع تأكيد مراقبون، ومنهم الكاتب والمحلل السياسي، صادق ناشر، على ضرورة اللجوء إلى ما أسماه الاحتماء بمادة الطوارئ هربا من الفراغ الدستوري، وهي ذات المادة (65) من الدستور والتي جرى بموجبها تأجيل الانتخابات البرلمانية لمدة عامين ولمرة واحدة فقط ، حيث تقول أيضا بأنه اذا تعذر انتخاب مجلس نواب جديد لظروف قاهرة ظل المجلس قائما ويباشر سلطاته الدستورية حتى تزول هذه الظروف ويتم انتخاب المجلس الجديد.

الا أن قيادات مؤتمرية أصدرت تصريحات حاسمة في هذا الصدد، مؤكدة بأن اجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المحدد في 27 ابريل المقبل التزاما دستوريا وقانونيا لا مفر منه، ونقل عن الدكتور عبد الكريم الارياني، قوله " اذا لم تجر الانتخابات في 27 ابريل القادم، فلن أرى الديمقراطية في اليمن في حياتي". مشيرا إلى ان الدساتير ليست لعبة "بينج بونج"، وأن بعض الناس ينسى ان مجلس النواب عندما عدل المادة (65) من الدستور قال ولمرة واحدة فقط.

وعادت قيادات المؤتمر مؤخرا بعد الموافقة على قانون الانتخابات بصيغته النهائية المنفردة لتؤكد على مسألة الهروب من "الفراغ الدستوري" الذي تتهم المعارضة بالسعي اليه، وذلك في اطار تبريرها للقيام بهذه الخطوة، ولكن ربما جاء القرار الجدي هذه المرة مأخوذا بتجارب انتخابية في المنطقة العربية أبرزها تجربة الانتخابات البرلمانية المصرية الاخيرة.

بمعنى أن الاعتبار الوحيد، وهو مسألة الشرعية المنظورة من الخارج، كسرته التجارب الانتخابية العربية وأعطت للسلطة والحزب الحاكم في اليمن مبررات وحوافز مشجعة للمضي قدما في طريق الانتخابات البرلمانية المحددة في 27 أبريل المقبل، وضرب التوافق السياسي والاتفاقيات السابقة مع المعارضة الرئيسية على الحائط.

وذلك لا يعني أن سلوك هذا الطريق خيار سهل بالمرة خصوصا في ظل ترسخ قناعة الرأي العام الداخلي والخارجي بأن المعارضة الرئيسية الممثلة في احزاب اللقاء المشترك ستكون مغيبة تماما عن الاجراءات الانتخابية المقبلة وأي شرعية تترتب عليها في حال المقاطعة، كما يتوقف ذلك على ما ستفعله هي من اجراءات احتجاجية لمنع الاستفراد بالعملية الانتخابية.

وبالنسبة لقياس كلفة الربح والخسائر السياسية، يبدو للمؤتمريين وكثير من المراقبين أن ذهاب الحزب الحاكم إلى صناديق الاقتراع ولو بشكل منفرد دون الاستجابة لشروط المعارضة في الاصلاحات السياسية والانتخابية أو في تأجيل الانتخابات البرلمانية مرة أخرى ريثما يتهيأ الجو ويتم الاتفاق لاحقا على تلك الاصلاحات، أهون وأقل كلفة من انتظار مجهول الحوار مع المعارضة وتعريض مسألة الشرعية الدستورية والقانونية للاهتزاز مجددا.

ويشير الخلاف السياسي واتساع شقته بين الطرفين إلى حقيقة أخرى مهمة وهي أن البرلمان القادم هو المعني بتقرير مصير الانتخابات الرئاسية في 2013م وهندسة الكثير من اجراءاتها وترتيباتها المعقدة خاصة لجهة عدم وضوح ملامحها بعد استنفاد رئيس الجمهورية دورتيه الانتخابيتين والحديث المؤكد عن وجود رغبة في التمديد ثم التوريث.

ولا شك بأن الخطوة المؤتمرية المنفردة، قد أصابت الكثيرين بالاحباط والتشاؤم ذلك أنها عبرت عن فشل النظام السياسي اليمني بشقيه المعارض والحاكم في زحزحة المشاكل والأزمات أو التوصل إلى اتفاق ولو في حده الادنى سياسيا بين الطرفين، فضلا عن الآمال التي كانت معقودة عليهما لقيادة حوار وطني موسع يقود اليمنيين إلى مرحلة جديدة ومستقبل أفضل.

وفيما تتجه الانظار حاليا إلى نوعية الاجراءات الاحتجاجية للمعارضة بعد دعوتها أنصارها وجميع أفراد الشعب في مختلف المحافظات إلى ما أسمته ب "هبة غضب شعبية متواصلة شاملة لا تهدأ إلا باستعادة خياراته الوطنية الديمقراطية المشروعة وحقه في التغيير وتحقيق الشراكة الوطنية".

انما لا يبدو أن هناك صورة محددة لهذه الدعوة. وبحسب القيادي بأحزاب اللقاء المشترك، محمد الصبري، "ما دعونا إليه من هبة غضب شعبية لا توجد له صورة محددة، نحن سنستخدم كل الوسائل السلمية من المسيرات والمظاهرات والاعتصامات، وكل وسائل الحشد والاتصال". موضحا أن المعارضة تعمل على "تثوير المجتمع اليمني وتحريض الناس على السلطة حتى الوصول إلى التغيير المنشود".

وطبقا للبيان الصادر عن أحزاب اللقاء المشترك وشركائه في اللجنة التحضيرية للحوار الوطني، فان خياراتهم تحددت أيضا ب " السير قدما في الحوار الوطني وعقد مؤتمر للحوار الوطني في الثلث الأول من العام القادم 2011م وبتمثيل شعبي واسع يمنحه شعبية شرعية تمكنه من تحديد آليات التغيير وتنفيذها".

كما في استمرار كتلة المشترك النيابية في الاعتصام داخل مجلس النواب حتى نهاية هذا الشهر، مطالبا الجميع "الالتحاق بالمسيرة الشعبية المتصاعدة وصولا إلى حوار شعبي شامل".

وقوبل بيان المشترك وشركائه بالسخرية من جانب المؤتمر وحلفائه الذين هددوا في بيان مماثل باللجوء للشارع والاحتكام للشعب. وجاء في البيان الصادر عنهم "أن الشعب اليمني العظيم هو صاحب الحق الأول والأخير في منح المشروعية لمن يحكمه عبر ممارسة حقوقه الدستورية في الانتخابات واختيار من يمثله في السلطة التشريعية"، وأنه سيكون "بالمرصاد لأي محاولات لإعاقة أو عرقلة إجراء الانتخابات كاستحقاق دستوري وديمقراطي أو الإنقلاب على مشروعية المؤسسات الدستورية المنتخبة من قبل الشعب".

وفيما أكد البيان أن أحاديث المشترك عن الشعب إنما هي جزء من آلية الخداع والتضليل التي تمارسها تلك الأحزاب. قال رئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر، سلطان البركاني، أن المعارضة لو كانت تملك تحريك الشارع لحركته بعد الانتخابات الرئاسية عندما أطلقت التهديدات، لكنه أشار إلى أن برنامج المؤتمر الشعبي يهتم بتحريك أعضائه وأنصاره باتجاه إيقاف أي عمل جنوني أو تصرف غير منطقي والتوجه نحو الانتخابات.

مؤكدا أنه لا يمكن للشعب أن يسلم رقبته لأحزاب تقوده نحو مصير مجهول.
وينص اتفاق 23 فبراير 2009م الموقع بين المؤتمر واحزاب المعارضة الممثلة في البرلمان على ثلاثة بنود هي، بحسب الترتيب، أولا: إتاحة الفرصة للأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني لمناقشة التعديلات الدستورية اللازمة لتطوير النظام السياسي والنظام الانتخابي بما في ذلك القائمة النسبية.

ثانيا: تمكين الأحزاب السياسية الممثلة في مجلس النواب من استكمال مناقشة المواضيع التي لم يتفق عليها أثناء إعداد التعديلات على قانون الانتخابات وتضمين ما يتفق عليه في صلب القانون. ثالثا: إعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وفقا لما ينص عليه القانون.

وبموجب ذلك الاتفاق، والذي استند اليه اتفاق 17 يوليو الماضي المكون من عشرة بنود كألية تنفيذية للاتفاق السابق، تأجلت الانتخابات النيابية لمدة عامين، وكان مبرر التأجيل هو عدم توافر الوقت الكافي للقيام بالاصلاحات الضرورية الواردة في بنود اتفاق فبراير.

ومنذ ذلك الوقت، ظلت بنود الاتفاق وآليته التنفيذية، محل تجاذبات وتفسيرات متباينة، ثم اتهامات متبادلة بفشل الحوار. وبينما بدت رغبة المؤتمر واضحة في فصل مسار الحوار عن مسار الانتخابات، وهو التكتيك السياسي الذي استخدمه في التجارب الانتخابية السابقة بهدف اشراك المعارضة في العملية الانتخابية ضمن شروطه هو وتأجيل مسألة الحوار حول قضايا الاصلاحات الحقيقية إلى ما بعد الانتخابات.

تشكو المعارضة بصفة مستمرة من تنكر الحزب الحاكم للاتفاقيات معها وعدم جديته في الحوار حول قضايا الاصلاحات الجوهرية مثل شكل النظام السياسي الذي تطالب بأن يكون نظاما برلمانيا، والأخذ بنظام القائمة النسبية في الجانب الانتخابي، وكذلك بعض الاصلاحات السياسية الاخرى كتحييد مؤسسات الدولة والاعتماد على الجذر الوطني في حل المشكلات والازمات اليمنية.

وتؤكد في بياناتها أنها قررت المضي في طريق حوار وطني شامل لا يستثني أحدا، وكانت قد بدأت بتدشينه في وقت سابق. وفي الاسبوع الماضي، أعلنت اللجنة التحضيرية للحوار الوطني المنبثقة عنها عن توصلها لاتفاق مع جماعة الحوثي حول تشكيل لجنة تنسيق مشتركة بشأن مختلف القضايا الوطنية.

وبحسب ما جاء في البيان المشترك، فان الطرفين جددا التأكيد على أن حل مشكلات الوطن اليمني بمختلف جوانبها لن يتحقق إلا في إطار وطني عام ومن خلال مؤتمر وطني شامل لا يستثني طرفا ولا قضية بما في ذلك قضيتا صعدة والقضية الجنوبية، وقضية بناء الدولة وتحقيق المواطنة المتساوية، والشراكة في السلطة والثروة وحفظ وصون اليمن كيانا وهوية من كل عبث أو استهداف.

زر الذهاب إلى الأعلى