سنينٌ تعدو وآمالٌ تذوب بانتظار تأشيرة سفر تجمع بين القلوب. هي حالٌ يعيشها المغتربون عن أرضهم والموزعون في أصقاع الأرض. لطالما عانى العرب الأميركيون واللاتينيون الأميركيون بمختلف انتماءاتهم مع نظام الهجرة في الولايات المتحدة الأميركية، الا أن اليمنيين الأميركيين هم الجالية الأكثر اضطهاداً وتعرضاً للمصاعب مع هذا النظام. المشكلة واسعة الانتشار في أوساط الجالية اليمنية مما دفع بمجموعة من أبناء الجالية إلى تأليف حملة خاصة عبر "الفيسبوك" تحت عنوان "ضحايا السفارة الأميركية في العاصمة صنعاء، اليمن (قضايا الهجرة المؤجلة)".
وتشير السفارة الأميركية في صنعاء أن عجزها عن تسيير معاملات تأشيرات السفر سببها عدم الاستقرار السياسي. بينما يؤكد الكثيرون أن السفارة كانت تعمل بوتيرةٍ شديدة البطء قبل الأحداث المتصاعدة ضد الرئيس علي عبدالله صالح.
ينتمي لمجموعة "الفيسبوك" 240 عضواً يتشاركون روايات متشابهة حول المحاولات التعجيزية والمحبطة للحصول على تأشيرات سفر للأزواج والزوجات وأفراد عائلتهم. وهنالك العديد من المواطنين الأميركيين من الجالية اليمنية في انتظار ما يزيد عن الثلاث سنوات لأقرانهم للحصول على تأشيرة بدت واعدة في البداية لكن الانتظار أحبطها.
يقول سال عبدالله اليمني الأميركي من ديربورن "منذ سنتين ونصف بدأت بمعاملات تأشيرة السفر لزوجتي أماني وكان من المفترض أن تحصل على موعد من السفارة في كانون الثاني (يناير) الماضي، لكنها بقيت وعود في الهواء. لجأتُ للسناتور الأميركي كارل ليفينس طلباً للمساعدة في تعجيل عملية الانتظار المؤلمة لكن الحال بقي على ما هو".
يضيف عبدالله "لا تصل معهم إلى أي نتيجة كأنك تسير في حلقة مفرغة وانه أمر مضحك مبكي. أعرف صديقاً يحاول الحصول على تأشيرة سفر لابنه، لكنهم يقولون له ان الأولوية للمواطنين الاميركيين... أنا مواطن أميركي وأحاول احضار زوجتي هنا. يدّعون أنهم سيحاولون مساعدتي وكل ما يفعلونه هو أخذ رقم ملف القضية واحالته إلى سفارة اخرى وهكذا دواليك كأن شيئاً لم يكن".
رفضت احدى أعضاء المجموعة على "الفيسبوك" وهي مواطنة أميركية من ديربورن الكشف عن هويتها خوف أن يؤثر ذلك على سير معاملات تأشيرة السفر التي ينتظرها زوجها وابنتها منذ 3 سنوات. كانت تظن أن الاجراءات ستكون مرنة لكنها تنتظر بآمال تتضاءل كل يوم، وتقول "أشعر انهم يستغلون ظروفنا القاهرة حتى يصل المطاف بنا إلى الاستسلام.. لقد نفذت مني كل المحاولات، جربت كل شيء وفي المقابل أتلقى رسائل مسجلة ووعود وهمية".
تلقى هارون مهتار، أحد مؤسسي المجموعة، رسالة في تموز (يوليو) من مكتب السناتور كارل ليفين مفادها أن المكتب قد تواصل مع السفير الاميركي في اليمن جيرالد فيرستاين حول المسائل المتعلقة بمعاناة الجالية اليمنية في ميشيغن وجاء الرد واعداً.
الا ان مهتار ينتظر منذ سنتين ونصف طلب تأشيرة سفر لزوجته في اليمن وقد رفض طلبه في مقابلته مع ليفينس. وأحيل ملف قضيته إلى سفارة أخرى بحجة أن كل السفارات تخضع للسلطة الأميركية وموكلة بمساعدة المواطن الأميركي، حتى انتهى المطاف به في السفارة الأثيوبية...
وكان سفير الولايات المتحدة الأميركية في اليمن جيرالد فيرستاين قد زار الجالية اليمنية الأميركية في ديربورن للمرة الاولى في كانون الثاني (يناير) من هذه السنة، حيث تجمع ما يزيد عن 400 عضو من الجالية للتحدث مع السفير فيرستاين وعرض قضاياهم، باعتبار أن السفير وحده القادر على مساعدة اليمنيين الأميركيين في حل قضياهم العالقة الا أنه لم يحرز اي تقدم في هذا السياق.
وخلال الاجتماع، وفيما تحدث فيرستاين عن محاربة الارهاب وادانة المجموعات الارهابية والآمال الأميركية في بناء علاقات وطيدة مع اليمن وأبناء الجالية، جعل نشطاء الجالية قضيتهم اظهار أن أبناء جاليتهم هم مواطنون صالحون وأبناء مجتمع ناجحون فيهم الأطباء والمحامين والمهندسين والمثقفين الذين يحبون أميركا ويعتزون بمواطنيتهم لهذا البلد لكن آمالهم خابت بالردود المحبطة حول قضاياهم.
في الوقت الآني، تسعى المجوعة إلى التحرك والتظاهر أمام مكتب السناتور ليفين في ديترويت لتسليط الضوء على معاناتهم والمطالبة بحل قضياهم وذلك بعد شهر رمضان في أيلول (سبتمبر) المقبل. كما سيرفع بيان عام يجمع توقيعات أبناء الجالية اليمنية تدين ليفين والسفارة الأميركية في صنعاء لمماطلتها وتقصيرها واستهتارها في معاملات تأشيرات السفر لأبناء الجالية.
تستمر معاناة اليمني الأميركي في ظل اهمال مزري لقضية طلبات تأشيرات السفر المنسية. فتحّرم عنه أبسط حقوقه الانسانية والزوجية في العيش مع عائلته. ويبقى الانتظار المضني والفراق الأليم خبزهم اليومي.