يكتسب الحوار مع الدكتور عبد العزيز بن صالح حبتور أهميته لا من كون الرجل رئيساً لجامعة عدن اليمنية إحدى أبرز الجامعات في اليمن ولكن لأنه شخصية شاركت في مختلف المراحل وساهمت في صنع كثير من الأحداث وبحكم ما تعيشه اليمن بعد أن هبت عليها رياح الربيع العربي.
حوارنا معالي الدكتور عبد العزيز بن صالح بن حبتور رئيس جامعة عدن ونبدأ من ملف العملية السياسية في اليمن وسؤالنا كيف تنظرون معاليكم إلى المشهد اليمني عقب الانتخابات الرئاسية التي جاءت ترجمة للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة؟
مستقبل اليمن تركز في المبادرة الخليجية
بداية أشكر صحيفة (الجزيرة) الغراء على اهتمامها باليمن والتي نقرؤها في كل مدينة يمنية وعبر مواقعها الإلكترونية نظرتنا إلى الأحداث على النحو الآتي أولاً اليمنيون قد وصلوا إلى مرحلة اللا عودة في مسالة تطبيع الأوضاع وهي الأوضاع التي صنعوها من خلال التأزيم إلى جانب مشكلات موضوعية خارجة عن وعيهم صنعت هذه الأحداث بالإضافة إلى دور بعض الشخصيات التي تبحث لها عن مواقع في الخارطة السياسية الوضع الآن يتجه بشكل تدريجي إلى التطبيع بعد المبادرة التاريخية الهامة التي قدمتها دول مجلس التعاون الخليجي وبمباركة دولية شعر اليمنيون أنهم تنفسوا الصعداء وأنهم وصلوا إلى نهاية النفق بل إنهم شارفوا على الخروج منه، كلنا تابع طبيعة الأزمة السياسية وطبيعة التعقيدات وطبيعة المطالب الحيوية الهامة التي خرج بها الشباب من أجل مستقبل أفضل من أجل نقد الفساد ونقد التسلط والهيمنة وأيضاً الممارسات القمعية التي تحدث هنا وهناك كل ذلك تم تركيزه في المبادرة الخليجية بطريقة محكمة وهي اختراع عربي خليجي حفظ لليمنيين ألا ينزلقوا في مزالق خطرة وألا يتيهوا في متاهات الصراعات الحزبية والعسكرية والحروب الأهلية المدمرة التي شهد العالم مآسيها في أكثر من قطر عربي وأيضاً أجنبي.
هذا هو المطلوب من الأحزاب السياسية لإنجاح الحوار الوطني
بعد الانتخابات الرئاسية التوافقية هناك خطوات تمت وهذه الخطوات هي بمثابة الإجراءات التي توصلنا إلى تطبيع الأوضاع نحن الآن مقبلون على مسالة مهمة تتعلق بموضوع الحوار الوطني وهو كما ورد في المبادرة من الأهمية بمكان بحيث نعطيه مساحة أكبر لأن مخرجات هذا الحوار هي المعول عليها في بناء الدولة اليمنية الحديثة ودون الدخول في هذا الأمر بشكل جدي وتدخل كل القوى السياسية إلى غرفة الحوار وعلى مائدة الحوار وهي بعقل منفتح على الآخر دون تغييب أو اجتزاء الآراء الأخرى دون مصادرة الحقوق الفكرية أظن أننا سنؤسس لدولة يمنية عصرية حديثة واليمنيون قادرون على فعل ذلك بكفاءة عالية، لكن إذا دخلنا إلى هذه العملية التي سنناقش فيها مستقبل الوطن دون القبول بالآخر فنحن نؤسس لمشكلة قد تحدث بعد عشر سنوات أو عشرين سنة لا سمح الله، يكفينا تجارب يكفينا آلام يكفينا جرعات ثورية أوصلت اليمن إلى نقطة اللا استقرار، لذلك مطلوب من الكل أن يتجه إلى الحوار بهذه النفسية.
هناك شرعية واحدة في اليمن ولا أحد فوق القانون والدستور
المسألة الأخرى هناك بعض القوى السياسية والعسكرية والقبيلة تعتقد خاطئة بأنها هي التي تملك الحل وهي التي ورثت كل التقاليد كي تصمم دساتير ونظم الدول هذا الكلام خطير كل القوى السياسية معنية بشكل عام في أنها هي التي تقرر مستقبلها وليس هناك من لديه الحق بشكل مستثنى عن بقية الشركاء الموجودين في الساحة اليمنية هناك قضايا كبيرة هناك تعقيدات وتحديات كبرى لكن لابد من الدخول فيها لدينا القضية الجنوبية وهي قضية ساخنة وقوية ومهمة جداً ولدينا قضية الحوثيين لابد من مناقشتها ولدينا قضية بناء الدولة والمواطنة المتساوية بشكل عام على مستوى اليمن هذه الموضوعات هي موضوعات المرحلة القادمة وبإذن الله نتوصل إلى معالجتها وكما قلت ليست هناك جهة فوق القانون أو فوق الدستور وبعد أن انتخب الشعب الرئيس التوافقي عبد ربه منصور هادي على الكل أن يلتزم بقراراته.
قوى استئصالية وقوى ذات نكهة مذهبية
* هناك تجارب سابقة لليمنيين في الحوار الذي كان يزيد القضايا تعقيداً وتأزما فما هي ضمانات الحوار القادم وماذا عن أنصار الشريعة أو القاعدة؟
- بالنسبة لمن يسمون القاعدة أو أنصار الشريعة كما يدعون أنا أتكلم عن قوى سياسية حية موجودة في الواقع أما هذه القوى فهي تريد أن تستأصل الكل وتعيد إنتاج النظم المتخلفة الموجودة في بعض التجارب مثل طالبان وغيرها وهي ليست مرحباً بها في الساحة بل هي محط إجماع واتفاق كافة القوى السياسية على محاربتها ولذلك نحن لا نعول على هؤلاء لأنهم أطراف قياداتها أصلاً في الخارج وغير مرئية بعضها في الكهوف وبعضها في مدن عصرية وتحركها قوى عتيدة وهناك قوى أخرى لا تقل خطورة وهي قوى سياسية ذات نكهة مذهبية تتعدى حل المشكلات السياسية القائمة إلى مسائل أخرى مثل تحديد العلاقة مع إيران والحوزات العلمية وتدخل شبابنا في متاهات بعيدة عن الدين وتحتاج مننا إلى وقفة وطنية تجاوز التكتيك السياسي إلى الإستراتيجية وندين جملة وتفصيلا كل ما تقوم به هذه القوى.
لن يتحقق الاستقرار إلا بتعافي الاقتصاد
* ما هو المدى المنظور لتطبيع الأوضاع وبالذات عودة الاستقرار الاقتصادي هل ترون أن ذلك ممكن قبل الحوار أم أن الأمر مرهون بمخرجات الحوار.
- الأمور بدأت تتطبع من يوم تمت الانتخابات في 21 فبراير 2012 الناس توافقوا على قضية سياسية كبرى وهي الرئيس الجديد بعدها اشتغلت اللجنة العسكرية واشتغلت بقية اللجان الإعلامية الأمنية وأنتم تلاحظون أن هناك تهدئة في كل الجبهات تمت إزالة المتاريس وفتح الشوارع المغلقة أمور كلها يتم تجاوزها بشكل تدريجي وهناك بعض الصعوبات مازالت تكتنف المشهد السياسي اليمني لكننا متفائلون من خلال المعطيات على أرض الواقع فالكل بدأ يتجه نحو الحل السياسي والجانب الاقتصادي هو المفصل المهم الذي بدونه ممكن أن نتكلم في السياسة وننتظر سنين لكن لن نحقق شيئا من الاستقرار دون الجانب الاقتصادي.
مطالب الشباب يجب أن تبلور في برامج الأحزاب
* هناك بعض القوى تريد ترحيل قضايا كبرى إلى ما بعد الحوار مثل استكمال هيكلة الجيش بينما يصر الشباب في الساحات على الهيكلة أولاً فكيف ترون ترتيب الأولويات؟
- القضية سياسية وحزبية بامتياز والقوى السياسية قد توافقت في المملكة العربية تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين جزاه الله ألف خير وجزا الله المملكة حكومة وشعباً عن اليمن خيراً في استضافتهم للقادة السياسيين اليمنيين وتوافقوا على وثيقة هي المخرج الوحيد، وأبناؤنا الشباب الذين نعول عليهم كثيراً هم موجودون في الجامعات وفي الساحات وفي الطرقات أو في منازلهم يجب أن تعكس تطلعاتهم في شكل برامج للأحزاب دونها سيظل هؤلاء يغردون خارج السرب القضية الكبرى الموجودة بعض القوى الموقعة على اتفاق الرياض مازالت رجل في الحكومة ورجل في المعارضة وهذا خطأ إستراتيجي يمكن أن ينعكس سلباً على الكل ونصيحتنا أن يتجه الكل إلى مساعدة حكومة الوفاق الوطني، مساعدة فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي على تجاوز كل الأزمات والتحديات.
كانت المملكة ملكاً وحكومة وشعباً حاضرة في أزمة اليمن
* في هذه المرحلة الراهنة والفاصلة في تاريخ اليمن كيف تقيمون علاقتها بالمملكة العربية السعودية؟
- العلاقات بين الأشقاء في السعودية واليمن أثبتت الأيام أنها طوق النجاة الكبير لمعضلات كلا الجانبين فعندما برزت الأزمة في اليمن فيما يخص التعقيدات السياسية والأمنية والعسكرية كانت المملكة العربية السعودية بشعبها بمليكها بحكومة حاضرة قدمت مساعدات كبيرة في المجال النفطي وفي مجال الغذاء وفي المجال الطبي كل ذلك في الحقيقة ساهم مساهمة كبرى في التخفيف من الأعباء على اليمنيين وسيذكر اليمنيون ذلك الجيل الحالي والأجيال التي ستأتي سيتذكرون هذا الفعل والصنع الجميل الذي قدمه الأشقاء في المملكة إضافة إلى ذلك المبادرة ذاتها التي قدمت حل المشكلة الكبرى جنبت اليمن الاقتتال والاحتراب والتشظي لكن المبادرة خلقت التقارب بين اليمنيين وللمملكة اليد الطولى في رعايتها وإخراجها إلى حيز الوجود وأنا كمواطن يمني أولاً أقدم شكري الجزيل لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله وأشقاءه وفي مقدمتهم ولي عهده الأمين وبقية أصحاب السمو الملكي الأمراء الذي كانوا سنداً حقيقياً لليمنيين يركنون إليهم عند الشدائد وأشكر الشعب السعودي الشقيق الذي يؤازر اليمنيين ومن ضمنهم طلابنا في الجامعات السعودية ليس فقط في جامعة الملك سعود ولكن في بقية الجامعات كانت لليمنيين أحضان دافئة في الجانب العلمي في الجانب الاجتماعي وأظهروا أشياء جميلة كما شرح لنا أبناؤنا الطلاب وسعدنا كثيراً بهذا الأمر.
تبادل الزيارات بين الأكاديميين والطلاب والمشاركة في الاختبارات
* هل بالإمكان تسليط الضوء على زيارتكم الحالية للمملكة وفي أي إطار تتم؟
- نحن أتينا في زيارة رسمية لجامعة الملك سعود لدينا اتفاقية تعاون تم توقيعها عام 2010 هذه الاتفاقية بموجبها تقدم الجامعتين أفضل ما لديها للجامعة الأخرى طبعاً هناك نقاط قوة وضعف في كل جامعة في العالم نحن ينقصنا موضوع التأهيل والتقنيات تنقصنا آخر الأبحاث وجامعة الملك سعود من أعرق الجامعات العربية ولها حضور دولي أكاديمي فلذلك لقاؤنا بمعالي الأستاذ الدكتور عبد الله العثمان مدير الجامعة وإخوته الكرام العمداء ونوابهم كان للتقييم إلى أين وصلت هذه الاتفاقيات من حيث التنفيذ وكنا جدا مسرورين أنا وإخواني أعضاء الوفد بأن حصلنا على أشياء أكثر مما كنا نتوقع من أشقائنا في جامعة الملك سعود.
* ماذا عن الرحلات الطلابية؟
- بحكم الاتفاقية هناك وفود من الأساتذة من الجامعتين ذهاباً وإياباً يشترك الأساتذة في التقويم الأكاديمي في الاختصاصات ويشتركون في تقويم الدراسات أكانت الماجستير أو الدكتوراه ويشتركون في الامتحان الخارجي لبعض الاختصاصات العلمية إضافة إلى ذلك زيارة الوفود الأكاديمية عمداء ونواب عمداء أيضا تبادل طلاب الامتياز الذين حصلوا على فرص في جامعة الملك سعود طلاب طب الأسنان والطب البشري والصيدلة والآن تم إضافة كلية الهندسة والحاسوب إلى جانب تبادل الكتب والمطبوعات ما بين الجامعتين وهناك علاقات واسعة في مجالات عديدة بالإضافة إلى الزيارات التعارفية للطلاب بين الجامعتين. وهذا التعاون بين الجامعتين بشكل ثنائي خارج التعاون العام بين وزارتي التعليم العالي في كلا البلدين.
* هناك مكتب تمثيل لجامعتكم في إطار السفارة اليمنية في الرياض والقنصلية في جدة هل خدمات هذين المكتبين مقتصرة على الجالية اليمنية فقط أم أنها متاحة لكل من يريد؟
- بالأساس هذه المكاتب وجدت لخدمة الطلبة اليمنيين في الخارج لكن هذا لا يمنع من تقديم الخدمة لأي طالب كان طبعاً هناك بعض الانتقادات توجه لنا أننا انحصرنا على الطلبية اليمنيين لكن في الحقيقة نحن منفتحون على الجميع وبالنسبة للسعوديين لابد أن تكون هناك موافقات من الجهات الرسمية السعودية ونظام التعليم عن بعد معمول به عالمياً ولم تخترعه جامعة عدن وهو نظام أوروبي أمريكي بدأ من السبعينات في القرن الماضي نتيجة لحاجة موضوعية ولها رؤية وفلسفة واضحة ونحن ملتزمون بالشروط الأكاديمية.