arpo27

عضو هيئة علماء اليمن الشيخ نمران: الزكاة تدفع للدولة وبدونها لا تبرأ الذمة

قال عضو جمعية علماء اليمن الشيخ أمين سيف سعيد نمران إن الزكاة ركن من أركان الإسلام لا يتم إسلام المرء إلا بتأديتها ولا تقبل صلاته أيضا إلا بأدائها.

وأضاف نمران لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) " إن القصد من فرض الزكاة معالجة كثير من المشاكل المادية والروحية "، مؤكدا أهمية دفع الزكاة للدولة فقط ولولي الأمر وانه لا مبرر ولا مسوغ على الإطلاق لعدم دفعها للدولة وان ذمة المزكي لا تبرأ حتى يدفعها للدولة هو مقرر شرعا.

وبين أن الممتنع عن أداء الزكاة المنكر والجاحد لوجوبها، يعتبر مرتدا وتجري عليه أحكام المرتدين، كما أن الممتنع عن دفعها لبخل أو بحجة أن الإمام ليس عادلا ونحو ذلك من الأعذار، على ولي الأمر أن يأخذها منه قهرا ويعزره عند جمهور الفقهاء، فيما الممتنعين الخارجين عن قبضة الإمام أو رئيس الدولة، فهم بغاة وللإمام أن يقاتلهم عليها باعتبارهم عصاه لا كفرة ما دام أنهم مقيمون على أصل الدين.. وإليكم نص الحوار:-

سبأ: ما أهمية فريضة الزكاة ؟
نمران: الزكاة ركن من أركان الإسلام لا يتم إسلام المرء إلا بتأديتها تأدية كاملة على الوجه المطلوب في الشرع، كما ان المسلم لا يكون معصوم الدم والمال إلا إذا أدى الزكاة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله" رواه الشيخان البخاري ومسلم..

ولقد كانت الزكاة من الأمور التي يبايع عليها من يريد الدخول إلى الإسلام كما جاء في حديث جرير بن عبدالله البجلي قال:" بايعت رسول الله عليه الصلاة والسلام على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم" رواه البخاري ومسلم، ويحق للدولة أخذها ممن يمتنع عن دفعها بالقوة لما رواه البخاري ومسلم عن خليفة رسول ابو بكر الصديق رضي الله عنه قوله:" لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، والله لو منعوني عناقا،- وفي لفظ للإمام مسلم لو منعوني عقالا- كانوا يدونها لرسول الله لقاتلتهم على منعها ".

ولم يجعل الله تع إلى الزكاة قرينة بالصلاة في الشريعة الإسلامية فحسب وإنما جعلها فرضا كالصلاة في كل الأديان، حيث يخبر الله تع إلى عن إسماعيل عليه السلام في سورة مريم إنه كان يأمر أهله بالصلاة والزكاة قال تعالى" وأذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا، وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا"، وقد جعل الله تع إلى الزكاة في الإسلام قرينة للصلاة لتلازم الفريضتين ووجوب الأداء قال تع إلى "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين" وقال عز وجل " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون".

سبأ: ما الحكمة من مشروعية الزكاة؟

نمران: مقصد الشارع الحكيم من فرض الزكاة معالجة كثير من المشاكل المادية والروحية وهي تطهير المزكي من الخطايا والذنوب لقوله تع إلى في محكم التنزيل" خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها" وكذا ان المسلم المزكي يؤمن بالغيب ويوقن بصدق الثواب والتطهير من الله تبارك وتعالى، لقوله " ذلك الكتاب لا ريب فيه، هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون"، إضافة إلى أن الله فرض الزكاة نماء للمال وبركة، فان المقدار الذي يدفعه المزكي يعود عليه بأصناف كثيرة من الخير في المال والحفظ له من الضياع ونوازل الدهر قال تعالى" وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المفلحون".

كما أن تأدية الزكاة استجلاب للرزق وسبب لنزول الغيث وفتح بركات السماء والأرض لقوله تعالى" ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض"، والبركة من السماء المطر، وبركات الأرض نبات الزرع وصلاح الثمر، كما ان في منعها حلول القحط وإجداب الأرض وعدم نزول المطر، كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنه مرفوعا إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام قوله " خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله ان تدركوهن وذكر منها " وما منعوا الزكاة، إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا".. رواه ابن ماجه وصححه الألباني في صحيح الجامع، وهناك الكثير والكثير من الحكمة في مشروعية الزكاة .

سبأ: لمن تدفع الزكاة.. هل للدولة أم للفقراء مباشرة؟

سبأ: ينبري كثير ممن لا علم عندهم لإقناع العامة بعدم دفع الزكاة للدولة بحجة التشكيك في وصولها إلى مستحقيها أو بادعاء الفساد أو الظلم ويوعزون إليهم بدفعها إما عبر أشخاص أو جماعات بعينها، وهذا خلاف ما استقر عند أهل العلم من الصحابة والتابعين، إذ أن الدولة تصرف على التعليم والصحة والجيش ومرتبات شبكة الضمان الاجتماعي، وفي مجال البنية التحتية وولي الأمر وحدة هو من أناط به الشرع الحكيم توزيع الزكاة على مصارفها الثمانية، ولا يجوز للمسلم المزكي الخروج عن الطاعة، ولا تبرأ ذمته إلا بدفعها للدولة، والسنة أثرت هذا الجانب حيث أخرج الإمام عبدالرزاق الصنعاني في" المصنف"عن معمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال:"اجتمع عندي مال فذهبت إلى ابن عمر وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وسعد بن أبي وقاص فأتيت كل رجل منهم وحدة، فقلت: إنه اجتمع عندي مال، وإن هؤلاء يضعونها حيث ترون يقصد الولاة وإني قد وجت لها موضعا فكيف ترون؟ فكلهم قالوا: أديها أليهم أي إلى الولاة "، وعن عبدالرزاق الصنعاني أيضا ما جاء في المصنف عن معمر عن قتادة قال:" جاء رجل يسأل بن عمر عن زكاة مال، فرد عليه عبدالله بن عمر: أدها إلى ولاتك وان تمزقوا لحوم الكلاب على موائدهم"، بهذا يتضح لكل ذي لب وبصيرة انه لا مبرر ولا مسوغ على الإطلاق لعدم دفعها للدولة وان ذمة المزكي لا تبرأ حتى يدفعها للدولة طاعة لله ورسوله وولي الأمر كما هو مقرر شرعا.

سبأ: ما حكم من أمتنع عن الزكاة ؟ ومن يخرجها بأقل من مقدارها الشرعي؟

نمران: الممتنع عن أداء الزكاة على ثلاثة ضروب، الأول: الممتنع المنكر الجاحد بوجوبها، يعتبر مرتدا وتجري عليه أحكام المرتدين، الثاني الممتنع عن أدائها لبخل أو بحجة ان الإمام ليس عادلا ونحو ذلك من الأعذار، على الإمام أو ولي الأمر عند جمهور الفقهاء ان يأخذها منه قهرا ويعزره، ويرى الإمامين يحيى والهادي ان الإمام يأخذها قهرا منه وشطر من ماله عقوبة له وتغريما، فيما الضرب الثالث من الممتنعين فهم الخارجين عن قبضة الإمام أو رئيس الدولة، وهم هنا بغاة وللإمام أن يقاتلهم عليها باعتبارهم عصاه لا كفرة ما دام أنهم مقيمون على أصل الدين، وقال الإمام الشوكاني رحمه الله:" فأما مانعوا الزكاة المقيمون على أصل الدين فإنهم أهل بغي ولم يسموا كفارا وان كانت الردة أضيفت إليهم لمشاركتهم في منع بعض ما منعوه من حقوق الدين".

ومن يخرج زكاة ماله بأقل من المقدار الشرعي فهذا ضرب من الخيانة وعدم الصدق مع الله وهو القائل سبحانه:" والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون"، فالزكاة حق الله في ماله ليس له من يتصرف فيها وفق أهوائه ولا ان ينتقص من مقاديرها، وقد اخرج الإمام احمد بن حنبل في المسند والإمام بن حبان في صحيح ابن حبان، والحافظ الإمام ابو بكر بن ابي شيبة، من حديث انس بن مالك رضي الله عنه قال:" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له ".

سبأ: متى تخرج الزكاة؟ هل في شهر رمضان فقط؟ أم في أي شهر من السنة؟

نمران: عن ابن عمر رضي الله عنه ان النبي عليه الصلاة والسلام قال:" لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول"، فإذا حال الحول على الأموال تجب الزكاة عليها وإن لم يدخل شهر رمضان، وليس شرطا ان تكون الزكاة في رمضان وهذ1ا يعني سائر الأموال باستثناء الحبوب والعنب والتمر والثمار، فإنها تزكى عند حصادها وصلاحها و لا علاقة لها بالحول البتة، وأما الخلط الذي وقع فيه البعض فهو ما ورد عن رسول الله عليه الصلاة والسلام " انه كان في الجود كالريح المرسلة وكان أجود ما يكون في رمضان" نقول لهم ان هذا كان في صدقة التطوع حيث يطلب من الميسورين والتجار كثرة الصدقات من أموالهم في شهر رمضان تأسيا واقتداء برسول الله، لكن الزكاة واجبة وفرض شرعي.

سبأ: ما هي الحكمة من فريضة الصيام ؟

نمران: الحكمة من فريضة الصيام، هي التقوى ومشاركة الفقراء والمعوزين والمساكين ومن تمسهم الفاقة طوال العام، وفي رمضان يدرك الناس ما يصيب هؤلاء من البلاء ليمدوا لهم يد العون والمساعدة، والصوم مدرسة لتهذيب وتقييم السلوك، ولا بد من صوم الجوارح والابتعاد عن الكذب والغيبة والنميمة والنظر إلى ما حرم الله وعدم السب والشتم وقد اخرج الإمام بن ماجه في السنن والحافظ المنذري في الترتيب والترهيب وصححه الألباني من حديث أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" رب صائم ليس له من صيامه الا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه الا السهر"،

واخرج الإمام الطبراني في المعجم الكبير من حديث ابن عمر مرفوعا إلى النبي، واخرج أيضا الإمام احمد بن حنبل في المسند، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في السنن، من حديث أبي هريرة ان أبي هريرة وعبدالله بن عمر سمعا النبي صلى الله عليه وسلم قال " رب قائم حظه من قيامه السهر، ورب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش"، واخرج الإمام البخاري في صحيحة واحمد في المسند وأبو داود والترمذي في السنن من حديث أبي هريرة أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال:" من يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".

زر الذهاب إلى الأعلى