قال خبراء يمنيون إن عوامل عديدة أدت إلى تحسن المؤشرات الاقتصادية في اليمن خلال العام الجاري، ومن بينها ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي في البنك المركزي اليمني والتي بلغت 6.2 مليارات دولار، إلى جانب استقرار التضخم عند 5.8% خلال الربع الأخير من عام 2012، مقارنة بنسبة 23% عام 2011.
ويرى الباحث سعيد عبد المؤمن في حديث للجزيرة نت أن التحسن في بعض المؤشرات الاقتصادية يدل على أن الاقتصاد اليمني في طريقه إلى التعافي، وعزا ذلك إلى السياسات الاقتصادية الحذرة التي اتبعتها حكومة الوفاق التي شكلت عقب تنحي الرئيس السابق علي عبد الله صالح في نوفمبر/تشرين الثاني 2011.
وأشار عبد المؤمن إلى أن سياسة الحكومة ارتكزت بشكل أساسي على الحد من الإنفاق، ومحاربة الفساد، وعودة إيرادات النفط إلى الحكومة بعدما كانت تذهب إلى جيوب عدد من رموز النظام السابق.
وأضاف أن "مشكلة اليمن تكمن في أنه بلد مستورد لكل شيء, وفتح الباب أمام كل من يريد لاستيراد ما يشاء، لذلك أصبحت المنشآت الإنتاجية اليمنية تعاني من صعوبات جمة وعدم القدرة على المنافسة، كما أصبح الاستثمار المحلي ضعيفا وهربت رؤوس الأموال إلى الخارج".
من جانبه رأى الخبير الاقتصادي علي الوافي أن عدة عوامل أدت إلى زيادة حجم الاحتياط النقدي لدى البنك المركزي، من أهمها ارتفاع معدل الأسعار العالمية للنفط بمتوسط يزيد عن 100 دولار للبرميل الواحد، وهو ما انعكس إيجابا على الإيرادات العامة رغم وجود انخفاض في الإنتاج النفطي الذي تدنى إلى 220 ألف برميل يوميا نتيجة التفجيرات التي تتعرض لها أنابيب النفط في مأرب وشبوة منذ العام 2011.
وأشار الوافي في حديثه للجزيرة نت إلى أن العامل الثاني يرجع إلى الوديعة النقدية السعودية في البنك المركزي اليمني والتي تصل إلى مليار دولار، والتي قدمتها الرياض لصنعاء في سياق دعم اليمن للخروج من أزمته في إطار الالتزام بتعهدات المانحين بدعم الانتقال السلمي للسلطة وفقا للمبادرة الخليجية.
أما العامل الثالث فيعود إلى انخفاض حجم الاستيراد خلال العامين الماضيين خاصة على صعيد السلع الاستثمارية، وذلك للتوقف الكبير للاستثمارات العامة والخاصة بسبب الأحداث الأمنية والمواجهات العسكرية.
فقد تراجع حجم الاستثمار إلى أقل من 8 مليارات دولار في عامي 2011 و2012، بعدما وصل إلى أكثر من 10 مليارات خلال عامي 2009 و2010.
كما لفت الوافي إلى وجود تدفقات نقدية من الخارج والداخل كانت تصل إلى أطراف الصراع خلال العامين الماضيين، واعتبر أن كل تلك العوامل أدت إلى تحسن سعر صرف الريال اليمني بصورة غير معهودة وغير متوقعة منذ ثمانينيات القرن الماضي، حيث استقر سعر صرف الريال عند 214 ريالا مقابل الدولار منذ بداية العام 2012.
في المقابل يرى الخبراء أنه رغم تحسن مؤشرات الاقتصاد اليمني فإن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ما زالت سيئة ومتدهورة، بسبب ضعف أداء الاقتصاد الكلي وتراجع حجم الناتج المحلي الإجمالي.
ورأى الوافي أن الأمر يتطلب ضخ مليارات الدولارات للاستثمار في القطاعات الواعدة مثل النفط والغاز والأسماك والتعدين والسلع الخفيفة والسياحة، وهو ما يوجب على الحكومة توفير مناخ استثماري جاذب على صعيد البيئة الأساسية والأمنية والاقتصادية، في ظل نجاح التسوية السياسية في البلاد.
وعبّر عن الأمل بأن يشهد اليمن حراكا سياسيا يسرّع من نقل السلطة بشكل كامل، وإنهاء المرحلة الانتقالية في موعدها المقرر وهو 21 فبراير/شباط 2014 بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وقبله الخروج من الحوار الوطني بتصور لشكل الدولة والنظام السياسي ووضع دستور جديد.