نلتقيعبدالقادر علي هلال ليس باعتباره أمينا للعاصمة فقط وإنما لكونه يحمل تجارب عدة من خلال المواقع التي تدرج فيها في اليمن ابتداءً من مدير مديرية ماوية، مرورا بمديرية دمت، ووكيلا ومحافظاً ل إب وبعدها حضرموت، إلى أن تسلم وزارة الإدارة المحلية، وقد ترك في كل المواقع التي تسلمها إنجازات مهمة وسمعة طيبة.
نلتقي به -أيضاً- كونه ترأس أو كان عضوا في لجان مهمة عنيت بتشخيص مشاكل كبيرة في صعدة وفي الجنوب، وكذا قيامه بوساطات عدة أثناء الأزمة بين شخوص الأزمة.
ولذا فإن كونه جزءاً من الصور ببعدها السياسي فقد اتخذ اللقاء هذا الطابع رغم تذمر ضيفنا.
ونظرا لتعدد القضايا وتشعبها بين السياسي والهم الذي يلقيه عمله كأمين للعاصمة فقد تم تجزئة هذا اللقاء إلى جزئين الأول ربما بشقه السياسي وفي الجزء الثاني سيتم مناقشة هموم الأمين فيما له علاقة بأمانة العاصمة وتنازع صلاحيات المكاتب التي من المفروض أن تكون تابعة له إدارياً بينما هي تتلقى توجيهاتها من المركز.. إلى الحصيلة:
* دعني أبدأ معك حول ما يكرر البعض طرحه من رغبة عبدالقادر هلال بالترشح لرئاسة الجمهورية أو بترشيحهم لك.. كيف تنظر لمثل هذه المسألة وهل تمثل طموح بالنسبة لك؟
- اخي جمال كنت أتوقع وأنت شخصية صحفية مهنية أن تبدأ من هموم لها علاقة بالمجتمع خاصة وأن الناس قد أخذوا من السياسة ما يزيد عن طاقتهم، وعلى أي حال أنت تعرف أن النظام القادم على الأغلب سيكون نظاماً برلمانياً ولذا فإن هذا المنصب لن يتزاحم عليه أحد.
* وفي حالة ما لم يكن نظاماً برلمانياً هل يمثل لك حافزاً؟
- أولاً: لا توجد لديّ فكرة للترشح، وفقط أنا أجتهد وأتمنى توفيق الله في ما أكلف به من عمل.
وباعتقادي أن اليمن أكثر ما تكون حاجة إلى توافق في الفترة القادمة في كافة مفاصل الدولة بما في ذلك رئيس الدولة الذي يجب أن يكون جنوبي.
* هل تعتقد أن إثارة مثل هذا الأمر نتاج لتمني أم لتأليب الطامحين بالحكم ضدك؟
- ما يطرح ليس جديداً وإنما قديماً وفي الحقيقة في أوقات كثيرة ندفع ثمن ما يطرح، لكن أقول لك في النهاية أي مواطن يمني يحق له أن يترشح.. ولكن كجانب شخصي أرى أن أي إنسان عاقل في هذا الوقت لا يفكر إلا في سلامة اليمن، ولهذا فإني لم أفكر في مسألة كهذه لا أمس ولا ليوم ولا في الغد.
* عاتبتني حين بدأت أسألك فيما له علاقة بالجانب السياسي مع معرفتك أن السياسة في اليمن بالذات تنعكس على كل الجوانب الإدارية والمالية، بما فيها بدرجة أساسية التنمية، والتجربة ما زالت ماثلة
ولذا سأكمل مابدأته سياسيا، وأسألك عن الحوار الوطني وأنت أحد أعضائه، وقد مضى عليه ما يزيد عن عشرة أيام.. هل تعتقد أنه يحقق شيئا وبالذات ما له علاقة بقضية صعدة والقضية الجنوبية وما يطرحه المؤتمرون من خطابات التنفيس ؟
- قياسا بالتراكمات والتعقيدات الحاصلة في البلد وقياسا بالإرث الكبير لمشاكل الشمال والجنوب سابقا وبما أفرزته ثورات الربيع العربي أستطيع القول إن الرسالة الأولى من خلال الأيام التي انعقد فيه الحوار هي رسالة تبعث على التفاؤل بأن اليمنيين قد غلبوا لغة الحوار وقبلوا ببعضهم وبسماع كل منهم الآخر في محاولة جادة لتشخيص المشكلة.
* حتى وإن كان ذلك في ظل غياب الممثلين الحقيقيين للحراك الجنوبي ولا أقول الجنوب؟
- صحيح أنه كل ما كان التمثيل أشمل لكل المكونات كلما كان ذلك أجدى وأفضل ولكن مايمكن قوله إن جهودا كبيرة قد بُذلت من قبل اللجنة الفنية للحوار ومن لجان التواصل ومن القيادة السياسية والأحزاب، ولكن المتصلب لا يمكن لأحد أن يغير رأيه، وكما تابع الجميع فإن الدعوة لهؤلاء ما زالت مفتوحة.
* ولكن اليوم وحتى من حضر وممن كانوا يحسبون أنهم قريبون من السلطة فإنهم يطرحون بوضوح مسألة الانفصال كحل وحيد؟
- معروف أن الحوار لا يتم إلا بين المختلفين، والإخوان الذين طرحوا مثل هذه القضايا أو غيرها طالما وأن ذلك يتم من خلال الحوار فإن كل شيء قابل للنقاش والاتفاق.
* الكل يتحدث عن حوار بينما السلطة هنا لم تقدم رسالة تطمين واحدة لهؤلاء لدفعهم للمشاركة حتى النقاط العشرين التي توافق الجميع عليها لم يتم تنفيذها مع مطالبة أغلبية المؤتمرين.
* أتفق مع من يقول إنه كلما تم تنفيذ إجراءات على الواقع لحلحلة المشاكل كلما كان ذلك أدعى لقدر أكبر من الثقة، وأعتقد أن ما تم الاتفاق عليه فيما له علاقة بالعشرين النقطة فإن هناك إجراءات قد تمت في بعضها من خلال اللجنة التي كلفها رئيس الجمهورية والتأخير من أي طرف سواء الحكومة أو غيرها قد يكون بسبب إمكانات مادية أو إدارية ولكن لامجال آخر غير حل القضايا.
* كنت محافظا لحضرموت لسنوات وسمعت ماجرى في الأسابيع الماضية من أحداث عنف وقتل وطرد للشماليين رغم مدنية أبناء هذه المحافظة واحترامهم للقانون .. هل كنت تتوقع أن يحدث ما حدث ولماذا باعتقادك وصل الأمر إلى هذا الحد؟
- بالتأكيد ما حدث ليس من أخلاق أو صفات أبناء حضرموت والفتن حينما تحصل ونجد من يتبناها فإن إفرازاتها في العادة تكون خارجة علي السيطرة وبالذات في ظل غياب الدولة الذي يقابله موجة من الغضب غير المتزن، وأنا متأكد أن ما حصل لا يمثل أبناء حضرموت، وقد دانوا ما حصل على المستوى السياسي والشعبي ومن جانب العلماء .
* ولكن ما الذي تغير في حضرموت ؟
- لقد مر على وجودي في حضرموت سنوات لكن أقول إن حضرموت كانت منذ بداية الأحداث أكثر المحافظات استقرارا أمنيا وخدميا وسياسيا ولكن يبدو أن التفاعلات السياسية الأخيرة والتحريض الإعلامي قد أثر على المزاج العام لأبناء حضرموت ولا يقتصر الأمر عليها، فها أنت ترى محافظة الحديدة وما حصل فيها من عنف لم يكن متوقعا، ولذا فإن ما حدث أعتقد أنه نتيجة لوصول الناس إلى مرحلة الإحباط أو اليأس.
* اسأل باعتبار أنك ما زلت تحتفظ بعلاقات طيبة مع مشائخ وسياسيي حضرموت وباعتبار أن التواصل هذا ما زال قائما.. هل يمكن أن تنفصل حضرموت؟
- أستبعد ذلك في حال ما كانت حضرموت ستكون جزءا من المعالجة السياسية وبما يتوافق مع حجمها ووزنها وفي إطار التوافق الذي سيجمع عليه الناس.
* الآن وبعد ما يزيد بقليل عن عام من الثورة.. ما الذي تحقق قياسا بما كان يؤمل الناس بتحقيقه؟
- هناك من يسمي ما حدث ثورة وآخرون يسمونه تغييراً، وكلهم على حق، ولكن ما أعتقده هو أن الناس كانوا مجمعين على ضرورة إحداث تغيير وتحقيق شيء جديد وإدارة جديدة تدير شئونهم وهذه الآمال لن تتحقق في ليلة وضحاها والحوار كأحد مخرجات التغيير سيقود بالتأكيد لما يتمناه الناس ويأملون بتحقيقه.
* أين كان يقف عبدالقادر هلال أثناء الثورة؟
- أعتقد أن الحدث أكبر من أن يختزل بدور شخص وأنا كنت أحد الذين ساهموا في إيقاف الصدامات التي كان سيترتب عليها نزيف دم وسقوط ضحايا وهناك مايمكن أن يقال وآخر قمت به إرضاء لضميري ومثلما ظهر للعلن أناس عملوا في العلن هناك أناس مثلهم عملوا بصمت من أجل أمن اليمن وحقن دماء الناس، وأنا أحد هؤلاء الذين قاموا بدور متواضع من أجل وقف صدامات بطلب وتواصل من الأطراف.
* أعرف أنك قمت بدور الوساطة بين علي صالح وعلي محسن وكنت أحد ممن حملوا مبادرات غير معلنة قد تكون فشلت في تحقيق أهدافها، ولكنها ربما خففت من حدة الصراع.. إلى أي مدى صحة هذا؟
- الانتقال السلمي الآمن للسلطة هو مايمكن عده نجاحا، وأؤكد أن كثيراً من الخيرين لم تظهر أسماؤهم للعلن كان لهم الفضل في وقف الصراع من أن يتجاوز حده إلى درجة الحرب الشاملة واستبدال ذلك بالعمل من أجل تحقيق التغيير بطريقة سلمية، وكان ذلك يتم بمبادرات منا أو من أطراف أخرى مثلت كلها نواة للمبادرة الخليجية وكان في مقدمة هؤلاء الدكتور القدير عبدالكريم الإرياني واللواء غالب القمش والشيخ أحمد إسماعيل أبو حورية.
* ولكني أعرف أن من ضمن هذه المبادرات مبادرة كانت اختزلت الأزمة باعتبارها بين سنحان وحاشد حملها اللواء محمد الجائفي.. هل كنت ضمن هذه اللجنة ؟
- بالنسبة لي أنا لم أضع يوما نفسي ضمن أي اصطفاف قبلي أو جهوي وكان الاتجاه أن هناك قضية وطنية وفيما له علاقة بي كانت جهودي تصب في مصلحة الوطن ككل وبما يؤدي إلى التغيير السلمي وهذا هو نفس أساتذتنا الذي عملنا معا ولم نتعامل مع حاشد وسنحان فقط.
* يا أخي شاء القدر أن تكون جزءاً من الصورة في الأزمة والأمر ليس له علاقة بفضيلة التواضع من حق الناس أن يعرفوا على الأقل لماذا وصلت الأمور إلى حد المواجهات، وأنت كنت جزءا من السلطة وقبل ذلك محسوب على صالح وقريب من محسن؟
- كوني كنت قريباً من علي محسن أو محسوباً على علي عبدالله صالح فقد كنت في كل الأعمال التي توليتها أحاول جاهدا أن أوظف علاقاتي المختلفة مع القيادات العليا أو مع الحكومة لإنجاز الأعمال التي أقوم بها.
وفيما يخص ما حدث في 2011م فإن الخطأ لم يكن وليد لحظته وإنما بسبب عجز الدولة عن القيام بواجبها في تقييم العملية السياسية بشكل عام وما له علاقة بالوحدة والخطوات التي لحقتها وكذا القفز على أصوات كانت ترتفع شاكية في عدد من المحافظات وعدم تطبيق الدستور والقوانين وغياب العدالة في التنمية وعدم وجود رؤية فيما له علاقة بالاقتصاد وربط ذلك باحتياجات الشباب التي نالت منهم البطالة وسوء المعيشة وحصل ما حصل وهناك أسباب يطول شرحها.
* ولكن لو لم ينضم اللواء علي محسن إلى الثورة.. هل كنت تعتقد أنها ستنجح؟
- ما زلت أصر على ضرورة نقل الاسئلة إلى ماله علاقة بأمانة صنعاء.
* عفوا.. هذا جزء من تاريخ لم تنته تداعياته بعد.
- أعتقد أن رجال الثورة أعرف مني بذلك.
* لا أعتقد ولكن يبدو أن لك حساباتك وسأنتقل معك إلى موضوع أنت شاهد على كثير من أحداثه باعتبارك كنت رئيسا للجنة تحقيق السلام في صعدة وإن انتهت بطرافة حادثة بنت الصحن الشهيرة.. السؤال كيف تنظر إلى أزمة أنتجت ستة حروب؟
- أنظر إليها بأنها كانت كارثة على الاقتصاد وعلى النسيج الوطني وكما أعلن رسميا فإن نتائجها بلغت..
* عفوا أخي عبدالقادر على المقاطعة لا أسألك عن النتائج وإنما عن الأسباب؟
- أقول لك ما حصل كان مؤسفا وما كان يجب أن يحدث سواء ببداياته حين تم القيام برفع السلاح بوجه الدولة أو بمسبباته واعتقادي أن عدم استيعاب الدولة لمكونات هذا المجتمع وتنوعه الاجتماعي والمذهبي وغياب الدولة في الحد الأدنى لها وهو المديرية بما يعنيه من وجود للتربية والتعليم والصحة والكهرباء وغيرها أعطى مبررا لوجود المشاريع الأخرى وحين وجدت الدولة نفسها أمام ظاهرة كهذه لم تحسن التصرف إزاءها لأنها لم تحسن التشخيص منذ ظهور الشباب المؤمن.
* بمعنى أوضح هل وجود الحوثيين هو نتاج لضرورة مذهبية أم بسبب غياب الدولة؟
- أعتقد أن من حق أي مواطن أن يعتنق حزباً أو مذهباً ولكن من خلال المواطنة التي تمنحه حقوقا وتفرض عليه واجبات، الحوثيون قدموا أنفسهم اليوم كمشروع سياسي متمثل بأنصار الله كما أُعلن وكما قدموا أنفسهم في الحوار.
* ولكنهم حتى الآن بدون حزب وأشبه بحركة أو جماعة؟
- الدستور القادم سيفرض عليهم وعلى غيرهم الطريقة التي يجب أن يقدموا أنفسهم من خلالها، والحوثيون قد يقولون إن شأننا شأن آخرين موجودين وفق سياسة الأمر الواقع.
* من تقصد بالآخرين؟
- جماعات وفئات موجودة.
* تقصد بعض جماعات السلفيين والصوفيين؟
- عليهم يمكن أن يتم القياس.
* في ظل وجود مثل هذه الحركات أو الجماعات القائمة على أساس مذهبي أو قبلي أو غيره.. هل تعتقد أن الفيدرالية ستستوعب مثل هذه التوجهات أم أنها ستضاعف من المشكلة؟
- أغلب السياسيين ورجال الدولة يتفقون على أن شكل النظام الحالي لم يعد مناسبا لإدارة اليمن وأنه لا بد من البديل الذي يحقق الاستقرار والذي يجب أن يتوافق عليه الجميع.
* اسأل بطريقة أخرى إن كانت الفيدرالية ستجزئ البلد أم أنها ستكون عامل استقرار؟
- ما أخاف منه هو أن تتم المعالجة بدون تشخيص موضوعي لأن إيجاد البدائل مهما كانت بدون تشخيص فإنها لن تؤدي إلى استقرار اليمن كما أن النظر إلى المشاكل الموجودة وفق رؤية سياسية فقط دون معرفة استحقاقات شكل نظام الدولة (المركزية - الفيدرالية) هذه كلها نظم لها استحقاقات. والبديل للنظام الحالي لا بد أن يشترك في وضعه الجميع دون تفريق أو إقصاء . والقضية الجنوبية هي اليوم المدخل لحل قضايا الشمال والجنوب، ولا بد أن تحل بالتوافق وما يطرحه البعض من آراء حول الفيدرالية من إقليمين أو من ستة أو غيره أو من خلال الحكم المحلي هي في الأخير تهدف إلى تحقيق مبدأ المواطنة والعدالة المتساوية وتكافؤ الفرص والمشاركة السياسية، وما يحقق هذه الأهداف هو في الأخير ما يريده الناس.
* ما قلته قد يعد تنظيرا ولكن أسألك باعتبار تجاربك السابقة منذ كنت مديرا لمديرية ثم محافظا ثم وزيرا للإدارة المحلية، ومن خلالها اشتغلت على الحكم المحلي وتوقف المشروع وعلى أساس ما يجري اليوم في صعدة والجنوب والآن محافظات أخرى.. هل يمكن أن تكون الفيدرالية عاملا لتقوية النزعات الانفصالية؟
- المركزية هي التي أدت إلى كل ماحصل ويحصل وقد ألحقت بالغ الضرر في الجسد اليمني ومما لا شك فيه أن اللا مركزية هي أسلوب من أساليب استقرار البلدان، ولذا أعتقد أن اللا مركزية هي التي ستحقق استقرار اليمن.
* يا أخي يبدو أنكم كلكم في شمال الشمال لا يناسبكم الفيدرالية وتتحدثون عن اللامركزية باعتبار مفهومكم عنها؟
- أولا أنا يمني قبل أن أكون من شمال الشمال.
* أركز على موضوع كهذا باعتبار ما رشح من علي محسن وعلي صالح وصادق وحميد واليدومي مع خلافاتهم يكادون يتفقون على مسألة رفض الفيدرالية، ربما خوفا على ضياع هيمنتهم على الوطن كله؟
- الأمور لا تؤخذ بهذا الشكل وأنا قانوني أقول لك هناك دول ليست فيدرالية كإيطاليا وفيها نظام فيدرالية واسع وهناك دول كألمانيا بسيطة وليست مركبة ومع ذلك فإن سلطة المقاطعات لها صلاحيات غير منقوصة إلى درجة أنها من تبت فيما له علاقة بإنشاء المطارات والموانئ وغير ذلك، وكما قلت ما سيتوافق عليه الجميع هو ما سيحقق الاستقرار وحين قلت اللامركزية ليس لأن لديّ حساسية من الفيدرالية فإذا كانت ستحقق الاستقرار فأهلاً بها.
* حتى مع ظهور هذه النزعات المذهبية والجهوية؟
- يجب أن ندرس أولا تجارب الدول التي أخذت بهذا النظام حتى نستفيد.
* عفوا على المقاطعة أين وجه المقارنة بين اليمن وعالم متقدم كالدول الغربية.. مايفرقنا عنها عدة سنوات ضوئية؟
- أطرح ذلك باعتبار أن الدول الفيدرالية التي تزيد عن ثلاثين دولة لا يوجد فيها نظام يشبه الآخر كل دولة تضع النظام الذي يتوافق مع ظروفها، وهكذا يجب أن تأخذ اليمن بالنظام القادر على تحقيق الاستقرار ويلبي طموحات اليمنيين في مختلف مناطقهم.
* حينما كنت وزيرا للإدارة المحلية اشتغلت على مسألة الحكم المحلي الواسع أو الكامل الصلاحيات.. ما الذي أوقفه آنذاك؟
- هذا الموضوع تجاوزناه الآن.
* نعم ولكن لنعرف كيف يتم إهدار الفرص؟
- كانت الاستراتيجية قائمة على أساس السلطة المحلية فحصلت معركة بسبب أننا غيرنا التسمية من الحكم المحلي إلى السلطة المحلية، وأتذكر أنه في إحدى جلساتنا مع أعضاء مجلس الشورى برئاسة المرحوم الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني وشرحنا لهم كيف أنه وبنص الدستور يمكن إقامة شرطة محلية وموارد محلية وشخصية اعتبارية تمثل الإقليم، قال عدد من الإخوة إن هذا سيفتت اليمن حينها عدت للمنصة، وقلت: إنه في حال ما استمر الوضع بهذا الشكل فإنه الذي سيفتت اليمن، وحصلت مقاومة شديدة من الجهات الحكومية، وشاء القدر أن أغادر الوزارة ولم ننته بعد من المناقشة.
* في كل مرة يتم معاودة الحديث عن تقرير (هلال - باصرة) باعتباره دلالة على عدم جدية السلطة السابقة بحل قضية الجنوب.. هل يمكن أن تطلع القراء على خلفية هذا التقرير؟
- أولا هذا ليس تقرير (هلال - باصرة) لوحدهما هو تقرير جاء نتيجة جهد مجموعة من الزملاء في الحكومة آنذاك وهم بالإضافة إلى باصرة وهلال وزير الخدمة المدنية حمود خالد الصوفي، ووزير الثقافة الدكتور أبو بكر المفلحي ووكيلي جهاز الأمن القومي والسياسي والشيخ يحيى قحطان.
وقد قمنا بعد تكليفنا من الرئيس السابق بالنزول إلى عدد من المحافظات الجنوبية لمناقشة القضايا العالقة آنذاك والمتمثلة بقضايا الأرض والمبعدين من وظائفهم المدنية والعسكرية وقد خلصنا إلى تشخيص للمشاكل المالية، الإدارية، السياسية، الاجتماعية وللحقيقة فإن الأوضاع اليوم قد تجاوزت التقرير، وهي مشكلة تتكرر دائما حين نتأخر في المعالجات نجد أن ما كان ممكنا في الأمس قد اصبح متعذرا اليوم، والتقرير في حينه تمت صياغته بناء على ما سمعناه من الناس وأصحاب القضايا واستنبطنا منها الحلول التي قدمتها من خلال تصور عالج كافة القضايا إلا أننا بعد تقديمها لم نعلم أين ذهبت أو ما تم فيها بعد ذلك.
ولكن هناك قضايا تم حلها مثل العمالة التي تم وقف مرتباتها في الشركات المختلطة حيث أقر مجلس الوزراء صرف مرتباتهم إلا أني لا أعلم إن كان تم الصرف لهم أم لا.. وفي موضوع المتقاعدين العسكريين آنذاك اتخذت اللجنة قرارات بإعادة ما يقارب 23 ألف جندي وصف وضباط وهم مجموع الذين وصلوا إلى اللجنة الرئيسة واللجان المنبثقة عنها، وعلمت من قيادات عسكرية أنه تم إعادتهم إلى الخدمة إلا أني لا أملك وثيقة تؤكد عودتهم أو صرف مرتباتهم، ولكن الأيام ستثبت ذلك.
* ولكن في قضية الأراضي ما الذي تم تحديدا؟
- حددت اللجنة اتجاهات لعملها أولا ما يخص الأراضي التي عليها منازعات بين الأشخاص فقد أوصينا المحاكم بضرورة الاستعجال في الفصل بين المتنازعين وفق صرف الأرض والشخصيات والقيادات العسكرية والوزراء الذين استولوا على أراضي وهؤلاء تم تحديد أسمائهم والأسماء كلها موجودة عند رئيس اللجنة الدكتور باصرة حرصا منا على عدم تسربها وحتى نستطيع أن ننجز فيما يخصها وتم رفعها إلى الرئيس السابق آنذاك كما قمنا بتحديد أسس جديدة لصرف الأراضي، ومنها أن تعود ملكية الأرض إلى المجالس المحلية وفي حال ما رأت بيعها يتم عرضها في المزاد العلني وعملنا توصية بضرورة إصدار قرار يتم على ضوئه تحديد الجهة المعنية بالصرف على أن يكون البيع بالمزاد العلني لأنه وبدون ذلك فلا بد أن تلحق عملية البيع فساد بسبب أن ما يتم دفعه للدولة لا يساوي عُشر المبلغ الذي يمكن أن يتم بيعها بعد ذلك، وهو ما يجعل المشتري يضحي بجزء من ذلك المبلغ بدفعها كرشاوى من أجل الحصول عليها.
* ولكن ما الذي حدث بعد رفع التقرير إلى الرئيس السابق وبالذات ما له علاقة بما تم الاستيلاء عليها من القيادات العسكرية والنافذين؟
- أولاً إن التوصيات التي رفعناها فيما يخص تنظيم بيع الأراضي ربما كانت أهم من الأراضي التي تم الاستيلاء عليها، وقد صدرت توجيهات عليا لتنفيذ التوصيات وسحب الأراضي من القيادات العسكرية وشكلت لجنة كنت أنا فيها وقيادات عسكرية عليا.
* أعتقد أنها كانت برئاسة النائب آنذاك..؟
- نعم.. وحين بدأنا بالتنفيذ وفعلا قمنا بهدم بعض الأسوار تم استدعاء اللجنة بشكل مفاجئ ربما بسبب معلومات خاطئة تم رفعها عن سير عمليات التنفيذ.
* وانتهى كل شيء وعاد إلى أصله؟
- بعدها أنا غادرت وزارة الإدارة المحلية ولا أدري ما تم بعد ذلك.
* بصراحة: هل وجدتم آنذاك تجاوباً من القيادات العسكرية للتنازل عما بأيديهم؟
- إذا ما وجدت إرادة سياسية ليس هناك ما هو صعب على الدولة إلا أن هذه الإرادة للأسف تتعرض في أحايين كثيرة لأساليب مكر ودسائس توقف أي تغيير.
* طيب.. ماذا عما يُقال إنك أحد المسئولين على أراضٍ في عدن.. ماذا تملك بالضبط؟
- أملك قطعتي أرض.
* اشتريتهما أم صرف من الدولة؟
- صرفت من الدولة إلا أنه بعد ذلك ظهر من ادعى بملكيتها من بيت مكي وقمت بشرائها منهم.
* وماذا عن أراض تملكها في حضرموت؟
- أتحدى من يثبت أن لي ولو قطعة واحدة في حضرموت، وأدعو عبر "الوسط" كل من يدعي أن له أرضاً أنا أخذتها أن يختار أية شخصية من عدن أو أبناء المحافظات الجنوبية كحكم، وأنا أسلم أية أرضية يمكن أن يدعي بها عليّ لأن البعض يقول إن لدي 61 قطعة أرض في البلوك 11، وهو كلام مغرض وكاذب.
* لماذا برأيك؟
- تسريبات من بعض الناس الذين يعتقدون أنهم سيهربون من تسليم ما بأيديهم من مساحات كبيرة ممن شملهم التقرير.
* ولكن كم مساحة قطعتي الأرض؟
- 25/25م، و30/30م.
* كنت مصرا على أولوية الحديث عن التنمية بدلاً عن السياسة، وهانحن وصلنا وأسألك حين ناديت بضرورة إخراج المعسكرات من المدن، وهو أمر له علاقة بمصلحة الناس في العاصمة، ومع ذلك تم تسييس الموضوع وتمت مهاجمتك، والآن ما زال الوضع على حاله.. ما الذي يمكن تحقيقه من تنمية أو استقرار في ظل الوضع المتاح، الحصبة ما زالت متوترة تملؤها المتاريس، جنود الفرقة ما زالوا محتلين نادي الشعب الرياضي، ومؤسسة الاسمنت تحولت إلى مركز أمني خارج إطار الداخلية؟
- لو نظرنا إلى أيام الأزمة والمتاريس والأسلحة في الشوارع وحالة الناس فإنه يمكن الحديث عن شوط كبير قطعناه بفضل الله وبتعاون المجتمع والسياسيين، حيث انتقل الناس إلى اهتمامات أخرى لها علاقة بالكهرباء والمياه والبحث عن مصادر للرزق وهموم أخرى لها طابع تنموي، ولأن الناس في طور التعويضات، وما يهمنا هنا هو الاستقرار النفسي للناس وإعادة اللحمة في الأحياء.
* أنت تتحدث في مجال المقارنة بين السيئ والأسوأ لتحسين الواقع وأنا أنقل الواقع كما هو موجود.. هل أنت مسيطر على الحصبة أو غيرها.. هل يستطيع قسم شرطة هناك أن يطلب أحداً للتحقيق؟
- اسأل عن هذا الأمر وزير الداخلية، واسمح لي، حالة الناس الذين كانوا يعيشون في خندقين مختلفين انتهت والناس توجهوا للبناء والخدمة، وفي الحصبة عادت الحياة وعاد الناس يشتغلون على مصالحهم.
وملاحظاتك الأخرى ما أنا متأكد منه هو أن اللواء علي محسن هو أكثر الناس انضباطا واستجابة لقرارات اللجنة العسكرية.
* والدليل على ما تقول نادي الشعب ومؤسسة الاسمنت أذكر ذلك باعتبار ما توحي به المظاهر من أن الأزمة لم تنته بعد؟
- أعتقد أن الكل يعلم أن المعادلة اختلفت وهناك توازن يضم قوى سياسية وحوار يضم مكونات المجتمع بمختلف توجهاته.
* لم تجُب، ولكن سأنتقل إلى مسألة التعويضات، ولعلك ذكرت في تصريحات صحفية أنه تم رصد مبالغ التعويض لمن تضرروا في الحرب إلى درجة الحديث عن تعويض بيت الأحمر بعشرة مليارات والسؤال.. هل تم صرف تعويضات ومن صاحب الأولوية؟
- الحصر الذي شكلت له لجان متعددة كان يستهدف تعويضات المباني فقط وليس المنقولات مثل الأثاث والبضائع وقد قدمنا إلى رئاسة الوزراء نتائج هذا الحصر واستوعبنا للمرة الثالثة ملاحظات أعضاء مجلس الوزراء، ومن أن هناك مباني يجب تضمينها وأخيرا قبل أسبوعين أقرت الحكومة التقرير وكلفت وزير الأشغال بالمراجعة والصرف والآن الملف بين يدي معالي وزير الأشغال وقد اطلع على عينات عشوائية للتأكد من صدق ما ورد في التقرير ومن حق رئاسة الحكومة أن تراجع بعد أمانة صنعاء.
* كم المديريات المستهدفة؟
- ست مديريات.. مديريات (الثورة - شعوب- التحرير - معين- وصنعاء القديمة وبني الحارث) وجزء من مديرية الوحدة.
* كم المبلغ الذي رُصد؟
- ثمانية مليارات قابل للزيادة أما تعويض المشائخ فهذا غير صحيح ولعلمك فإن اللجنة ربما لم تحصر منازل من ذكرت أنت، وهي حصرت المتضررين من عامة الناس وقد فتحنا باب التظلم لمن لم تصله اللجنة، وأعلنا ذلك، وبإذن الله تفي الحكومة بما وعدت به.
* وعلى علاقة بالموضوع أسأل عن مصير التعويضات التي تم الإعلان عنها بخصوص ضحايا الطائرة في حي الزراعة والذي كانت مجرد فرقعات إعلامية؟
- سوف أسلمك ملفاً من أن لجنة الحصر قامت بعملها ابتداء من اليوم الرابع وأنهت عملها في ظرف أسبوع وقدمنا الملف إلى رئيس الجمهورية الذي أحاله بدوره إلى الحكومة وهي قامت بإحالته إلى وزير المالية الذي توقف الملف عنده، وهو مسافر، وهذا ما له علاقة بتعويضات المباني والبضائع والسيارات أعتقد أنها أربع سيارات وبلغت إجمالي التعويضات الذي وجه بها الرئيس حو إلى 52 مليون ريال.
وفيما يخص أمانة صنعاء وبإمكاناتها المحدودة جدا جدا فقد قدمت إسعافات أولية وهو أقل من واجبنا وقدمت 500 ألف ريال لكل شهيد، ومائتي ألف لكل جريح، وأيضا استأجرنا بيوتاً للمتضررين لمدة ستة أشهر وسلمنا إيجاراتها كاملة، وقامت كل الجهات بدورها بحسب إمكاناتها.
في هذا الجزء نستكمل اللقاء مع الأخ عبدالقادر علي هلال أمين العاصمة حول مشاكل العاصمة إلا أن السياسة أيضا رمت بثقلها على اللقاء في جزئه الأخير ربما لأن في اليمن يصعب ان تفصل السياسة عن التنمية والإدارة والاستقرار.. فإلى الجزء الثاني من اللقاء..
* أيضا في ما له علاقة بمستقبل الأمانة هناك في شارع الخمسين توجد لوحة مكتوب عليها أن التلال محجوزة متنفس للعاصمة بينما تم توزيعها أراض وبمعدل لبنتين للجنود غير أولئك النافذين الذين حصلوا على مساحات أكبر، وهو ما شوه آخر متنفس كان يمكن للعاصمة، ومع علمنا أن هذا تم قبل أن تتولى العاصمة.. لكن هل هناك أمل في حل؟
- أنا لا أملك إلا أن أكرر ندائي ورجائي للقائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس الجمهورية من أن صنعاء محرومة جدا من المتنزهات والحدائق، وأن ما يحصل من تصرفات سواء في شرق صنعاء أو في شمالها أو في غربها من تصرفات بالأراضي حتى من قبل أن أتولى العمل فإن ذلك سيؤدي إلى القضاء نهائيا على كل متنفس ممكن للعاصمة، وأتمنى عليه أن يصدر قرارا باعتبار كل التلال المحيطة بالأمانة متنفسات، وأن ينقل المعسكرات إلى أماكن أخرى
* بصراحة.. هل ستصطدم صلاحياتك كأمين عاصمة بمراكز النفوذ العسكرية القبلية؟
- يجب أن تعرف أننا في ظل مرحلة انتقالية سواء في صنعاء أو في أية محافظة أخرى، وأن الواقع يعاني من تعقيد شديد ولكن في النهاية الإنسان إذا ما اجتهد وعمل بروح الفريق الجماعي بمساعدة المجلس المحلي وأعضاء مجلس النواب والشخصيات الاجتماعية القادرة فإنه يمكن أن يتحقق شيء ولكن في الأخير هناك اختصاصات لأمانة العاصمة هي مسلوبة لجهات مركزية سواء أكانت مالية أو إدارية أو أمنية أو خدمية، وهو جزء من تعقيدات الوضع في البلد.
* ولكن الرئيس كان تنبه لهذا الوضع وتحدث عن صلاحيات الأمانة وعدم تدخل النافذين في عملها.. هل انعكس ذلك واقعا؟
- ما زلنا نحاول ونكابد ولا يزال النزوع المركزي يؤثر على كثير من أعمالنا.
* ماذا عن المشاريع المتعثرة مثل مستشفى الكويت وغيره.. ما أسباب هذا التعثر؟
- المجلس المحلي وقف أمام المشاريع المتعثرة وبدأنا فيما له علاقة بحياة الناس مثل الطرقات وبالذات الشوارع التي تعاني من الازدحام وباشرنا العمل فيها وأيضا ما له علاقة بالصرف الصحي والتعليم المهني، وهذه المشاريع ستعود إليها الروح ومنها مستشفى الكويت والهلال الأحمر فقد جلسنا مع جامعة صنعاء ووقعنا محضراً بأن تستلم الأمانة هذا المبنى وتعمل مخالصة مع المقاول والملف الآن بين يدي وزير الأشغال، وبالنسبة للهلال الأحمر فقد التقينا الأخ وزير الصحة ورئيس جمعية الهلال الأحمر اليمني واتفقنا مع جامعة صنعاء على تشغيل المبنى الموقف منذ سنوات.
* إلى أي مدى تمكنتم في الأمانة من الاستفادة من الدعم الذي وفره المانحون؟
- بفضل الله وجهود الإخوة في الأمانة كانت أمانة العاصمة هي الأولى في الجمهورية باستخدام المتاح من الميزانية الحكومية والخارجية، ولذلك حصلت صنعاء على دعم جديد من الصندوق العربي لأنه تم استخدام ما هو مخصص في جميع المجالات بحسب ما هو مخطط وأفضل، ولذلك ستبدأ المرحلة الثانية من السائلة ابتداء من الحصبة إلى الكلية الحربية إلى المطار وباشرنا العمل ويتم تسليم ثلاثة جسور أهمها جسر دار سلم الذي يربط صنعاء بتعز وعدة محافظات وتم اعتماد جسور جديدة، وأهم من هذا محطة المعالجة الجديدة التي ستمكن كل الأحياء المحرومة من الصرف الصحي في شمال وجنوب وشرق العاصمة من الصرف الصحي.
* ماذا عما تسببه المسالخ من مشاكل للسكان؟
- نفكر الآن بتسليم المسلخ للقطاع الخاص في كل مديريات العاصمة.
* هل هناك تكامل بينكم كممثلين للحكومة والقطاع الخاص؟
- في الحقيقة الدولة ارتكبت خطأ جسيماً لأنها لم تتح للمحليات أن تشارك مع القطاع الخاص الكفء والمقدر في إنشاء وتشغيل الخدمات (الكهرباء - المياه - أسواق وغير ذلك). وما يخص القطاع الخاص فإننا نحاول أن نقدم تجربة جديدة فيما يخص كهرباء ومياه صنعاء وهناك حماس كبير وهذا المشروع فيه جدوى اقتصادية للدولة وللقطاع الخاص فمثلا الدولة تدفع ما يقارب الثلاثين مليون دولار لدعم الديزل للمولدات الخاصة والحصر تم للشوارع الرئيسة فقط، والدولة تولد 110 ميجا في صنعاء بكلفة مضاعفة.. إذاً لماذا لا ننشئ كهرباء خاصة في صنعاء، وهي تجربة تمت منذ أربعين سنة وكانت المياه والكهرباء والنفط شركات مختلطة والآن المجلس المحلي يناقش إنشاء شركة مساهمة فيها اكتتاب عام ويقودها القطاع الخاص.
* ماذا عن عمال النظافة.. عاد الإضراب من جديد؟
- أولاً لقد تم حل ما يقارب الـ80% وبقي عندنا عمال الزراعة والحدائق واختلفنا مع المالية فيما يخص كبار السن ممن تجاوزوا السن القانونية وفي الحقيقة يصعب تجاوزهم وسنناقش الأمر مع وزارة المالية وبخصوص الإضراب في صنعاء وهو بقصد التضامن مع عمال النظافة في المحافظات الأخرى التي حدثت فيها إشكالات ولم يتم تثبيت عدد منهم.
* لكن لماذا تراجعت وتيرة العمل في مسألة النظافة مقارنة حين تم تعيينك وحتى أن التركيز يتم على المناطق الراقية فقط بينما في أحياء بالعاصمة تظل القمامة أسابيع بدون نقل؟
- قد لا يصدقني القراء الكرام أن الأمانة لم تحصل على دعم إضافي ولو ريال واحد، وهي خرجت من حرب ومن أزمة وهناك أضرار في البنى التحتية وفي الطرق وغيرها، نحن نشتغل بالإمكانات الذاتية وزاد الأمر سوءاً أن عدداً من المؤسسات لم تعد تقوم بالتوريد مثل الاسمنت والكهرباء، ولذا فإن إيرادات الصندوق في تناقص، إذاً فالضرر له علاقة بالجانب المادي أما الحماس فأنا أطمئنك بأنه ما زال على نفس الوتيرة ولكن الأعباء كبيرة وتصور أن أطراف العاصمة بلا اعتماد ونحلها بإمكاناتنا الذاتية، عندنا نقص كبير في المعدات والعمال وعندنا خلل في إدارة العملية وأنا ما زلت غير راض عن مستوى النظافة، وما زلنا نبذل جهوداً وسيلمس الناس فرقاً، والأحياء عندنا كلها سواء.
* إذاً لماذا لا تنموا إيراداتكم الذاتية مثلا، وهل أنت راض عما تتسلموه من ضرائب القات، وهل ما يتم توريده هو نفس ما يجبى؟
- ضرائب القات والعقارات والنقل لا نتحصل منها سوى50% وأقل، وبدأنا بضرائب القات فرفعنا الإيراد من مائتي ألف إلى خمسة ملايين في اليوم، وما زالت قليلة، وهنا أعلن لأول مرة أن كل ضريبة القات سوف تعود إلى حساب خاص لعمل حصاد لمياه الأمطار حفر برك لتجميع مياه السيول، ربما أن القات استهلك أكبر كمية مياه فضريبة القات تعود إلى هذا المشروع وأقر المجلس المحلي حفر عشر برك كبيرة ربما تستوعب أكثر من مليون ونصف متر مكعب من المياه بكلفة حو إلى مليار ريال.
وما يخص الخلل الإداري سنعمل تغييرات إدارية وإنشاء عمل محاسبي، وبدأنا بضريبة القات وسننتقل إلى ضريبة العقار وضريبة النقل.
* بخصوص التعليم هناك من يطرح أنه محاصصة حزبية جرت في ما له علاقة بمدراء المدارس والمراكز التعليمية في أمانة العاصمة، إلى أي مدى هذا صحيح؟
- الحقيقة أنه حدث تفاهم مع وزير التربية أثمر عن اتفاق في أن نجعل الأولوية للكفاءة، والتغيير سنة الحياة ونحن في فترة الكل فيها شركاء وليست محاصصة بقدر ما كانت تقديم أفضل ما لدى الجميع من كوادر، والعملية خاضعة للتقييم.
* إلى أي مدى تصطدم الأمانة حين تتبنى مشاريع مبتكرة بالمركزية؟
- نحن نمر بفترة تغيير ونحاول أن نستفيد من هذا التغيير، ولذا نحن في أمانة العاصمة نحاول أن نقدم أنموذجاً جديداً في إدارة الخدمات في المياه والمسالخ والكهرباء وفي موضوع السكن أيضا وفي التعليم بحيث نقدم روح جديدة وصلاحياتنا أصلا هي في القانون ولكنها كانت معطلة وإن شاء الله نقدم تجارب تكون ناجحة. وبصراحة ما تزال هناك مقاومة من بعض الجهات بحيث يتم التعامل مع المحليات باعتبارها ما زالت قاصرة، يجب أن تكون تحت الرعاية والوصاية.
* ماذا عن إيرادات العقارات.. هل تورد إلى ميزانية الأمانة؟
- ما زالت بعض الجهات تستلب أو تأخذ إيراداتنا في أكثر من جهة وتصور أن مسألة ترخيص معارض بيع السيارات، وهي تسبب مضايقة للشارع وللمشاة، يتم من الإدارة العامة للمرور بالإضافة إلى رسوم الجوازات والأحوال المدنية وبعض إيرادات الأوقاف والاتصالات كما أن العاصمة لا تستفيد شيئاً من إيراد مطار صنعاء مع أننا نتحمل أعباء كبيرة فيما يخص نظافة المطار والإنارة والمياه
ولذلك فإنه وحتى وفقا للقانون الحالي ما زالت أمانة العاصمة محرومة من الكثير من إيراداتها ونحن نناضل لاستعادتها، وأعطيك مثالا أعلى إيرادات لصندوق الطرق هو من مبيعات البترول وأعلى المبيعات هو من العاصمة صنعاء ومع ذلك لا نحصل سوى على 30%، كما أن صندوق النشء والشباب والصندوق الزراعي والسمكي وصندوق التدريب المهني لا تتحصل العاصمة منهم ولو على ريال واحد كإيرادات، ولولا أن وزير الإدارة المحلية بدأ يعطينا الدفعة الأولى والآن الدفعة الثانية قادمة ربما أن الحال سيكون أسوأ.
* كم تبلغ ميزانية أمانة العاصمة؟
- ميزانيتنا لا تزيد عن 13 ملياراً و600 مليون، وهي نصف أو ربع ميزانية بعض المحافظات في الجمهورية.
* وبالنسبة للإيرادات التي تتحصلونها؟
- أعلى دخل لنا من الزكاة ما يقارب 8 مليارات ريال وهو في طريقه للزيادة.
* لو عدنا إلى السياسة أو قريب منها قليلا يلاحظ تنامي الحراكات واتساعها إلى أكثر من محافظة هناك وصابين وعتمة - الحراك التهامي، كيف تفسير اتساع الحراكات؟
- السبب أن روح المركز كانت طاغية، وهو ما ألغى التنوع الثقافي والاجتماعي وحتى في التراث وفي اللهجات وهو السبب الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه، والأصل أن هذا التنوع هو قوة للأوطان، وبالذات إذا ما سمح له أن يعبّر عن ذاته في إطار الوطن الواحد والعكس صحيح عندما لا يجد هذا التنوع ذاته فيما مصالحه غير محمية، فإنه يتحول إلى نزعات انفصالية، واليوم يجب أن يتم الاعتراف والقبول بهذا التنوع، بحيث يمكن لأي كان أن يعتز بقبيلته، بمحافظته، بكيانه دون أن يكون مصدر اتهام بالتآمر على الوطن الكبير.
* ولكن هل تغير شيء بتغير النظام؟
- الآن تمكن كل كيان أو فئة أن تعبر عن نفسها وهو ما أوجد هذه الحراكات التي تنطلق بعضها أو دعني أقول لك أغلبها من إحساس ظل يتعاظم بالظلم، وقد يكون هذا الظلم طابعه ناتجاً عن استبعاد سياسي أو اجتماعي أو حقوقي أو بسبب التهميش أو الإلغاء، ولذا أتمنى أن ينظر لما يحدث باعتباره من حق التعبير، وأن يتم تأطير هذه التحركات في إطارها الصحيح والعمل أولاً على بحث البواعث ومعالجة القضايا ورفع المظالم وإشراك الجميع في إدارة البلد.
* لماذا برأيك صبر هؤلاء أكثر من ثلاثين عاما وانتفضوا اليوم ليعبروا عن أنفسهم واحتياجاتهم؟
- لا يمكن نزع هذا الامر عما حدث من ثورات في العالم العربي.
* لكن ظهر أيضا النفس المناطقي في هذه الحراكات كما في حراك تهامة وأيضا وصابين وعتمة الذين وبحسبة بسيطة، وجدوا أن منطقتهم وعدد سكانها مليون ومائتي ألف لم يمثلوا في أي لجان للحوار، كما أنه ليس لديهم في الدولة مدير عام واحد.
- دعنا نأخذها على سبيل التفاؤل من أن هذه الحراكات ستؤدي في نهاية المطاف إلى قيام توازن اجتماعي وسياسي ومناطقي بما يؤدي إلى المشاركة الفاعلة دون إقصاء.
* هناك اتهام أنه ومنذ تولى عبدالقادر هلال أمانة العاصمة وجد الحوثيون موطئ قدم وتمددوا وأصبح لهم وجود وكيان إلى حد أن هؤلاء حملوك أيضا مسألة السماح بقيام فعالية الحوثيين الكبيرة بمناسبة المولد النبوي.. كيف ترد؟
- أكلمك بصراحة أنا مؤمن من أن مسئول الدولة يجب أن يكون مظلة للجميع مثلما يجب أن يكون على مسافة واحدة من الجميع، وأن يرعى الكل وينظر إليهم بعين واحدة، الحوثيون لم يصلوا صنعاء عن طريقي ولكن عن طريق الساحة وقد قلت هذا الكلام لبعض الإخوة في المشترك الذي ينتقد التواجد الحوثي وقد كانت علاقتي بمختلف التكوينات الحزبية في كل مراحل عملي ابتداء وأنا مدير مديرية في ماوية تعز ومرورا بدمت في إب وكانتا أهم مراكز الصراع والتنافس السياسي آنذاك حتى وأنا محافظ في حضرموت كانت علاقتي بكل المكونات تنطلق من تحقيق مصلحة المنطقة والمحافظة التي أنا مسئول عنها، وكانت النتيجة أنه تم تحقيق مصالح الناس في هذه المناطق ولكن ليس من عملي أن أخذ بندقاً وأذهب للتخندق لمواجهة الآخرين وقد أثير هذا اللغط بسبب أن الحوثيين قاموا برفع لافتات بشعارات، ومن وجهة نظري أن هذه اللافتات تشوه منظر العاصمة سواء من الحوثيين أو من غيرهم. وكان الخلاف ينحصر في أني كنت أقول يجب أن نواجه هذه الأمور من خلال المفاوضات والحوار درءاً لما هو أفدح وأسوأ بينما هناك من كان يفضل الخيار الأمني بأن تنزع هذه الشعارات بواسطة الأطقم العسكرية. وأخيرا توصلنا إلى نزع هذه الشعارات بأقل الخسائر مع أنها لم تنته كلها والحقيقة أن الشعار أثار اللغط وأيضا الاستفزاز.
* استفزاز حزبي أو مجتمعي؟
- مجتمعي باعتبار أن هناك من قال إن هذا الشعار يثير المشاكل ولذا فإن علاقتي بالحوثيين أو غيرهم بحكمها القانوني، أما الدعم السياسي فإن الحوثيين ليسوا بحاجتي فقد كان أول ما رفع الشعار وتم الاحتفال بالغدير في الساحة.
* ولكن هل تصلك تقارير عن وجود مخاوف أمنية من تواجدهم في العاصمة؟
- الإخوة الحوثيون أو أنصار الله إن كانوا مع المشروع الوطني فسيستمرون ولكن إن وقعوا في استدراج ليكونوا مجرد حامل لمشروع غير وطني وغريب عن ثقافتنا وتعايشنا المنفتح والمتسامح فإنهم سيتعبون ويتعبون البلد والناس.
* أكرر.. هل هناك تقارير أمنية من أنهم يمثلون خطورة أو أنهم يكدسون السلاح داخل العاصمة؟
- الامن في صنعاء مركزي وقد تفاجأ من أنني لست رئيس اللجنة الأمنية كما في باقي المحافظات، ولذا فأنا أقرأ نفس ما تقرأه في الصحف.
* يعني ألا تصلك تقارير أمنية عما يجري في العاصمة وأنت أمينها؟
- تصلني فقط التقارير الجنائية حوادث تحصل ولكن ليس كما هو مفترض أن نشارك ونطلع على حقيقة الحالة الأمنية وربما أن صفقات الأسلحة التي ظهرت هنا أو هناك تلقي بظلالها على المشهد الأمني في صنعاء.
* يعني مدير أمن العاصمة لا يتبعك إداريا؟
- هيكلة الداخلية الجديد عالج عوامل قصور كبيرة نقطة الخلاف الأصلية والمتسبب في الإرباك هو تعدد الجهات الآمرة في المسألة الأمنية وهذا يكلف الدولة والمجتمع الكثير. مثلا عندما تم خطف الفلنديين من قلب صنعاء في التحرير كان المفترض أن هناك غرفة عمليات واحدة توجه بإغلاق الطرق ولكن ما حصل أن عمليات الأمن تعمل لوحدها وكذلك عمليات اللجنة وهكذا جهات عديدة لا تكاد تتفق مع بعضها إلا وقد تمكن الفاعلون من الفرار.
وتصور أن كل دورية في العاصمة تتبع الجهة التي تعمل معها دورية النجدة تتبع قيادة النجدة وكذا دورية الأمن وهذا الاختلال المتوارث ما زال العمل به جاريا مع أن الظرف الأمني والسياسي قد اختلف وكان يفترض أن تتغير معه أسلوب إدارة الأمن في كل المحافظات.
* لماذا لم تطرح كل هذه الاختلالات على طاولة الداخلية أو رئاسة الحكومة؟
- الهيئة الإدارية للمجلس المحلي قدمت تقريراً برؤيتها في هذا الموضوع للجنة العسكرية التي هي مشرفة على هيكلة القوات المسلحة والأمن وأنا متفائل لوجود مؤشرات مشجعة.
* ماذا عن الخلاف الحدودي بين أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء.. إلى أي مدى عدم حسم هذا الأمر أوجد إرباكا وما الذي تم فيه؟
- لدينا نقاش لمشروع وحدوي / يضحك / هذه القضية ورثناها ممن سبقونا، وهي تنم عن اختلال إداري مخيف يلقي بأعباء كبيرة على المواطن فيما له علاقة بالتنازع القضائي وفي التخطيط الحضري وأيضا ما يمكن استغلاله من البعض في مكاتب الدولة حين يرمي كل بالتبعات على الآخر أو في التداخل في مسألة من يحق له أن يرخص للبناء باعتبار أن عدم حسم تبعية هذه الأرضية للأمانة أو للمحافظة، ولكن هناك تفاهماً مع محافظ محافظة صنعاء وأشكره لأنه خلق أجواء من التفاهم، وصحيح أن القضية قد لا تكون حلت ولكنها هدأت وخلقت أرضية تفاهم تمكنا من خلاله على ضبط الجانب الأمني وضبط الموارد والإيرادات على قاعدة أننا نعمل ضمن دولة واحدة وحتى يحسمها مجلس الوزراء باعتبار أنها لا تخصني ولا تخص المحافظ بصورة شخصية.
* لمن لا يعرف.. أين هي حدود العاصمة؟
- بحسب قانون إنشاء الأمانة فإن حدودها من الجنوب (قرن الوعل) بعد المحاقرة، وشرقا جبل براش بعد سعوان، وغربا الصباحة وشمالا آخر حدود بني الحارث بعد المطار جبل الصمع، لكن الواقع يقول: إن صنعاء ما زالت بلا مركز أو عاصمة فكل المكاتب الإدارية مقرها في صنعاء.
* في نهاية المطاف أسأل عبدالقادر أن يستدعي كل خبراته الماضية ويحدّث القراء إلى أي مدى هو متفائل، ولكن أرجوك أن لا تبيع الوهم أو الأحلام التي يكتشف زيفها؟
- أولا ليس أمامنا من خيار إلا أن نكون متفائلين وقد كان الأصعب هو المواجهة المسلحة والمخاوف من اندلاع حرب أهلية والآن هناك تفكير بالخروج من ذيول الأزمة وهناك حوار الناس التفوا على طاولته باختلاف مشاربهم وارتضوا أن تمثل نتائجه حلا لمشاكلهم.
* ولكن هل هذا ينطبق على شخوص الأزمة علي صالح، علي محسن، أولاد الأحمر، هل تعتقد أن الجليد بدأ يذوب؟
- أعتقد أن الاحداث تجاوزت الأفراد.
* ولكن هؤلاء ما زالوا محور هذه الأحداث؟
- من سيضع نفسه مع استقرار اليمن قولا وعملا سيكون مع الناس.
* هل قمت بمحاولة التقريب بين الرجلين؟
- بعد تحقيق المبادرة الخليجية وصلت إلى قناعة أن الأهم قد تم وبالذات بعد انتخاب رئيس جديد من خارج حلقة الحكم توافق عليه الشعب، وبعد أن تمكن الرئيس عبدربه هادي من إدارة عجلة التغيير وصولا إلى مؤتمر الحوار.
* هل تعتقد بحسب معرفتك بالعليين أن هناك مجالا للتقارب بينهما وخلافاتهما؟
- اسألهما.
* طيب من وجهة نظرك.. هل تعتقد أن حل الخلاف بينهما هو لمصلحة البلد؟
- والله هناك قانون المصالحة الوطنية سيحتوي الجميع.
* ولكن أحدثك عن قضية ثأر هي التي تحكم شخوص الأزمة؟
- أخي جمال الجميع اليوم يتكلمون عن يمن جديد وأنت تعيدنا إلى مربع الأشخاص.
* ربما لأنني أتكلم بموضوعية وأنت بدبلوماسية أكثر، إذ أن الأشخاص هم اليوم أكثر حضورا.
- مقاطعا هناك يمن جديد يتشكل ولو عشت يوما واحدا داخل لجنة الحوار سترى ملامح جديدة لمستقبل يتم رسمه.
* ربما يرسم ولكن كل فريق بألوانه؟
- أختلف معك لأن معادلة جديدة بدأت تتكون.
* أخي.. على خلاف العادة من أن الضيف هو من يختم الحوار فسأختمه انا وأقول إن هؤلاء الشخوص هم أساس أزمة البلد حين كانوا متفقين وفي خلافهم بعد ذلك وأدعو الله أن ينعكس تفاؤلك على الناس.