رفضت عدة قوى وأحزاب مصرية اقتحام القوى الأمنية المصرية وعلى رأسها الشرطة بمساندة الجيش فجر الأربعاء عدة ميادين يعتصم فيها مؤيدون للرئيس المعزول محمد مرسي، ونددت بما سمته "المجازر" في حق معتصمين سلميين.
وتتضارب الأنباء حول أعداد الضحايا في ميداني النهضة ورابعة العدوية وميادين أخرى اقتحمتها الشرطة والجيش المصري فجر الأربعاء، إلا أن مصادر عدة تقدرهم بالآلاف بين قتيل وجريح.
فقد جدد القيادي في جماعة الإخوان المسلمين محمد البلتاجي تمسك الجماعة بالاعتصام السلمي حتى إسقاط "قائد الانقلاب" الفريق أول عبد الفتاح السيسي، محذرا من جر البلاد إلى هاوية الحرب الأهلية والإيقاع بقادة الجيش ونقل التجربة السورية إلى مصر.
وحمل البلتاجي "قادة الانقلاب" المسؤولية السياسية والجنائية عن "جرائم اليوم" داعيا الجماهير إلى الاحتشاد بسلمية في الميادين.
ودعا تحالف دعم الشرعية الشعب المصري إلى الاحتشاد في ميادين مصر والاستمرار على السلمية في مواجهة ما وصفه ب"مذبحة فض الاعتصام" مضيفا في بيان له أن "عدد القتلى تجاوز الألفين بينما وصل عدد الجرحى إلى عشرة آلاف".
وقال البيان إن الجيش تعامل مع فض الاعتصام كما لو كانوا في معركة حربية مع عدو خارجي، واعتبر أن "العدوان البشع الذي تم فيه توريط الجيش في مواجهة الشعب إنما يمثل تطورًا خطيرًا يسيء للعلاقة بين الشعب وجيشه لمصلحة قادة الانقلاب".
واتهم عضو اللجنة القانونية لحزب الحرية والعدالة جمال تاج الدين الجيش والشرطة بالتآمر على قتل أبرياء مسالمين. وأضاف "نحن نذبح ونقتل بدم بارد"، مناشدا أحرار العالم وقف الرجل (السيسي) عن قتل الشعب المصري.
ومن جهته قال نائب الرئيس المصري المؤقت محمد البرادعي الذي قدم استقالته اليوم إنه كان من الممكن تجنب إراقة كل هذه الدماء، وأن الأمور آلت إلى ما آلت إليه رغم وجود بدائل سلمية وحلول مطروحة ومقبولة البدايات تقود إلى التوافق الوطني.
وأضاف أن واقع التجارب المماثلة يؤكد أن المصالحة ستأتي في النهاية لكن المصريين سيصلونها بعد تكبد ثمن غال، مؤكدا أن الأيام ستثبت أن المستفيدين من أحداث فض الاعتصامات هم دعاة العنف والإرهاب والجماعات الأشد تطرفًا.
واستبعد عضو الهيئة العليا لحزب التيار المصري محمد عباس أن تهدأ مصر بشكل حقيقي مستقبلا، معبرا عن قلقه من تطور الأمور بأشكال أخرى.
وكانت الجماعة الإسلامية قد نددت بما وصفته ب"المجازر الدموية" التي قام بها "النظام العسكري الانقلابي" في ميداني رابعة العدوية والنهضة، معتبرة ما حدث ضد المعتصمين وضد المسيرات السلمية في المدن "سابقة لم يشهدها تاريخ مصر من قبل".
وندد حزب النور السفلي ب "المجازر الدموية". وقال المتحدث باسمه شريف طه إن الحزب حذر مرارا من خطورة فض الاعتصامات لأن ذلك "لن يحل الأزمة بل سيزيد البؤر المشتعلة".
وطالب المتظاهرين "بضبط النفس والتحلي بروح العقل والحكمة والامتناع عن مهاجمة المنشآت" وطالب الحكومة "بوقف أشكال العنف" محملا إياها المسؤولية الكاملة عما حدث.
بدوره قال مرشح الرئاسة السابق محمد سليم العوا إن "قوات الشرطة وأحيانا الشرطة والجيش يعتدون على المعتصمين السلميين" معتبرا أنه ليس هناك مخرج إلا بخروج السيسي على الشعب واعتذاره عن الدماء وما وقع من مرؤوسيه، مقللا من أهمية الرئاسة المصرية والحكومة في هذه المرحلة.
ووصف مرشح الرئاسة السابق عبد المنعم أبو الفتوح ما جرى بأنه "إجراء دموي لفض اعتصام سلمي" مشددا على ضرورة محاسبة المسؤولين عن قتل المعتصمين، وأن الأزمة الراهنة لا تعالج إلا بالحل السياسي والتفاهم.
إلى ذلك قال عضو الهيئة العليا لحزب الوسط طارق الملط "إن يوما أسود يمر في تاريخ مصر" مضيفا أن الداخلية تحولت غلى يد تضرب المصريين العزل بالرصاص.
عسكرة الدولة
ومن ناحيته برأ شيخ الأزهر أحمد الطيب ذمّته من عملية فض اعتصام أنصار الرئيس المعزول، قائلاً إنه لم يعلم بإجراءات فض الاعتصام إلا من خلال وسائل الإعلام صباح اليوم.
وأدان رئيس حزب غد الثورة أيمن نور الاستخدام المفرط للقوة و "عدم الاكتراث بالأرواح" مبديا قلقه من الاتجاه الذي "تأخذنا إليه القيادة الحاكمة" وقال إنه "لا شرعية لمن يسفك الدماء".
وقال المفكر الإسلامي وعضو هيئة العلماء في الأزهر الشريف محمد عمارة إن السلطة القائمة أنهت -بفض الميادين- آخر خطواتها لاستكمال عسكرة الدولة، بعد إعلانها أمس تعيين محافظين من الجيش.
وحذر الكاتب الصحفي وائل قنديل من استنساخ النموذج التشيلي بالتحام المؤسسة العسكرية مع المتنفذين ماليا، مطالبا الليبراليين بإعلان موقف واضح مما يجري.
وقال إن ما يجري يضع الثوريين المصريين أمام اختبار حقيقي: إما طي الثورة والعودة إلى دولة مبارك، في إشارة إلى الرئيس المصري السابق أو إكمال المسيرة الثورية وعدم الاستسلام.