arpo37

قلب القاهرة ينزف ومساجدها تحتضن مزيدا من الجثث

"نداءات جابت..صلوات قامت..مسيرات زحفت..كر وفر..هرج ومرج..غاز مسيل للدموع..حجارة.. قناصة..جثامين ممدة في المساجد.. منازل وكنائس..حرائق..شوارع مغلقة..أجهزة شرطية...كباري تنتفض..ونيل يغلي. وإعلام ينقل".

ذاك هو مشهد العاصمة المصرية القاهرة، وتحديدا في قلبها حيث ميدان رمسيس، في يوم جديد يدخل تقويم المصريين بعد الثماني والأربعين يوماً الفائتة التي كانت تطالعهم يومياً بما يدور على مسرح ميداني "رابعة العدوية" و"النهضة" المؤيدين للرئيس المصري المعزول محمد مرسي، واللذين فضّا في الأمس القريب على أيدي قوات الأمن، في صباح سالت فيه دماء من كلا الطرفين.

صباح الأربعاء، الذي وصفه القوم المستهدفون (أنصار الرئيس مرسي) ب"الدموي" كان كفيلاً أن يحول هذا اليوم، إلى جمعة ثائرة في حياة المصريين في جمهوريتهم الكبيرة التي لا أحد فيها يغادر الحدث.

وتكاد أعين بقية الـ85 مليون مصرى ممن لم ينزلون في هذه الجمعة، يتعلقون بشاشات التلفاز التى راحت تتابع المسيرات الغاضبة على زوال "الشرعية" و"سيل دماء الميادين" والتي خرجت ن لحظة بلحظة، والكل يقول في نفسه "استر يارب ".

من يشاهد القاهرة بشوارعها وأحيائها وجسورها، يكاد يوحى إليه بأن اليوم أشبه بأن يكون "اليوم الفاصل" في المشهد السياسي على الساحة المصرية، ف"الحرائق تنتشر في أكثر من مكان، والقتل يقع في صفوف الشرطة والمتظاهرين، وعمليات كر وفر تنبئ عن اصرار يصل إلى حد العناد من جانب المتظاهرين في الدفاع عن "شرعيتهم" ومواجهة قوات الأمن التي تصر على الحفاظ على أمن منشآت الوطن، متسلحة بقرار سلطاتها العليا بالتدخل.

بعض المسيرات سُمع منها إطلاق أعيرة نارية من فوق "كوبرى" (جسر) 15 مايو (الذي يربط محافظتي الجيزة والقاهرة) وسط، وذلك في وقت لا تزال فيه الأحداث في مبتدئها، فصلاة الجمعة أعقبها خروج الناس بالآلاف من المساجد، والوجهات غير معلومة.

ودار حديث بين جموع لا يمكن تصنيفهم على حساب جهة معينة، يدعون إلى احتلال ميدان "التحرير" وسط القاهرة، وهي الدعوة التي جابهها أنصار مرسي بقولهم "امنع امنع..وجهتنا رمسيس" في اشارة منهم لمنع الزحف للتحرير والبقاء في "رمسيس" المكان الذي حدده التحالف الوطني لدعم الشرعية والمقرب من الرئيس مرسي لتمركز مسيرات "الغضب" لهذا اليوم.

هذه الجموع التي يمكن وصفها ب،"مثيري الشغب"، دعت أيضاً إلى إحراق قسم "الأزبكية" بحي رمسيس، وعندما قوبلت دعواتهم بالرفض من قبل المتظاهرين، انقضوا عليهم وهاجموهم.

هناك، قوات الامن تقف تشاهد ما يجري، لكنها في وقت يحتدم فيه القتال بين المتظاهرين وأولئك مثيري الشغب، تتدخل مستخدمة قنابل الغاز المسلة للدموع، والرصاص الحي في الهواء.حسب مراسلة الاناضول.

هناك أيضاً، حيث مسجد "الفتح" وسط الميدان، أقام المتظاهرون من أنصار مرسي "مستشفى ميداني" لاستقبال الجرحى وتقديم العلاج اللازم لهم فيما تراصت الجثث واحدة تلو الأخرى داخل المسجد في مشهد ذكر بما حدث قبل يومين في ساحة رابعة العدوية حين تراصت الجثث أيضا في مسجد الإيمان القريب من الساحة في انتظار من يتعرف عليها أو يدفنها.

وفي خضم هذا المشهد الثائر، تحوم مروحيات تابعة للجيش المصري، وتجوب سماء القاهرة وضواحيها، ترصد ما يجري على الأرض.

الشوارع الظاهرة للعيان السائر، وللمشاهد الجالس، تحولت في ساعات تشتد فيها حرارتها، إلى مسرحٍ للأحداث، فالهرج والمرج اشتد وطيسه مع تفريق قوات الأمن لجموع المتظاهرين، ولعل ما يشهده ميدان "رمسيس" من كر وفر بين الطرفين والأنباء الواردة من هناك عن سقوط قتلى، خير شاهد على هذا المشهد.

حواف كورنيش نيل القاهرة، هي الأخرى، مياهها تغلي من "غضب" الساحة التي يتواجه فيها مدنيوها من أنصار الرئيس مرسي مع قوات الأمن التي أخذت تتمركز في أنحاء متفرقة من العاصمة.

زر الذهاب إلى الأعلى