أثار وصول آلاف اليمنيين الذين تم ترحيلهم من السعودية إلى بلادهم في إطار حملة المملكة على العمالة المحالفة، قلقا كبيرا في اليمن، الذي أعلن أن عدد مواطنيه المرحلين من هناك بلغ أكثر من 60 ألف شخص، وسط توقعات بارتفاع العدد إلى مئات الآلاف.
وتحدث عدد من العمال اليمنيين المرحلين عن "سوء المعاملة من السلطات السعودية أثناء الملاحقة والحجز والترحيل"، وقال محمد العنابي -أحد اليمنيين الذين تم ترحيلهم- إن حرس الحدود السعودي "يعتدي على المرحلين بالضرب والشتم ويحشرهم في الحجز بالمئات في غرف صغيرة".
وأكد العنابي في حديث للجزيرة نت "لم يختلف الأمر عندما وصل المرحلون إلى منفذ الطوال اليمني، فلم توفر السلطات اليمنية أي خدمة للتخفيف من معاناتهم"، داعياً الحكومة اليمنية إلى "توفير فرص عمل مناسبة تستوعب العمالة اليمنية حتى لا يتعرضوا للذل والمهانة في دول الجوار".
بحثا عن الرزق
أما الشاب قديمي علي يعقوب المرحل أيضا، فيقول إنه حاصل على شهادة هندسة ميكانيكية إلا أنه لم يحصل على فرصة عمل في اليمن فاتجه للعمل بالمملكة حيث عمل لعام ونصف العام، مضيفا أنه مكث في الحجز أربعة أيام قبل ترحيله وأنه شاهد "ثلاثة من حرس الحدود السعودي يعتدون بالضرب المبرح على أحد المرحلين".
وانتقد العديد من المرحلين السفارة اليمنية لدى المملكة وقيادة الجالية هناك ووزارة المغتربين، مؤكدين أنها لم تقدم أي شيء للمغتربين قبل وأثناء حملات الترحيل، واتهموها ب"الفساد وابتزاز المغتربين".
غير أن وكيل وزارة المغتربين لقطاع الجوازات والرعاية عبد القادر عايض نفى تلك الاتهامات، وأكد أن الوزارة مهتمة بالموضوع منذ فترة طويلة وأنها رفعت الموضوع لمجلس الوزراء في أكثر من تقرير قبل بداية الترحيل.
وأضاف أنه تم تشكيل لجنة نزلت لمنفذ الطوال الحدودي بالتزامن مع وجود لجنة من مجلس النواب، وتبين لها أن "أعداد المرحلين انخفضت لتبلغ حوالي 200 شخص في اليوم فقط، في حين بلغ إجمالي المرحلين منذ بداية الحملة بالمملكة قرابة 62 ألفا معظمهم رحلوا عبر حرس الحدود".
ودعا عايض السلطات السعودية إلى "تقدير وضع العمالة اليمنية كون ذلك يعود بالفائدة على البلدين وعلى السعودية بشكل أكبر"، كما طالب الحكومة اليمنية بوضع قضايا المغتربين ضمن أولوياتها، وخاصة عند مناقشة العلاقات مع الدول التي يوجد فيها المغتربون بغرض تصحيح أوضاعهم وطمأنتهم بأن هناك من يرعاهم ويتابع قضاياهم.
انتقادات
من جانبه أشار مساعد الأمين العام لـ"المجلس الأعلى للجاليات اليمنية حول العالم" في الرياض خليل السفياني إلى أن المجلس قدم بعض التسهيلات والمساعدات للمغتربين و"لكن بطرق شخصية، كون ذلك من مهام واختصاص السفارة اليمنية وقيادة الجالية بالمملكة، بالإضافة إلى عدم تكاتف قيادات المجلس الذين لا يهتم معظمهم إلا بمصالحهم".
وقال للجزيرة نت "لم نلمس أي تجاوب من السلطات اليمنية رغم تقديمنا تقارير سابقة عن وضع المغتربين والكارثة التي ستحل بترحيل معظم العمالة اليمنية في حال تطبيق قانون العمل الجديد بالمملكة".
بدوره قال رئيس منظمة "يمانيو المهجر" نجيب العديني إن القانون السعودي لا يخص اليمنيين فقط، ولكنهم "الأكثر تضرراً كونهم الجالية الأكبر هناك"، منتقدا تأخر الحكومة اليمنية في التعامل مع الأمر قائلا "كان بإمكانها أن تقدم الكثير بهذا الشأن وتحل القضية من دون حصول هذه الكارثة".
واعتبر العديني أن ترحيل مثل هذا العدد الكبير -الذي يتوقع أن يصل إلى أكثر من 300 ألف- يمثل كارثة اقتصادية، في الوقت الذي تعيش فيه اليمن أزمة خانقة، متوقعاً حدوث كارثة أكبر إذا ما تم ترحيل التجار ورؤوس الأموال اليمنية من المملكة.
ويشاركه الرأي مدير تحرير مجلة "الإعلام الاقتصادي" محمد الجماعي الذي يرى أن ترحيل العمالة اليمنية من المملكة "له تأثير كبير على الاقتصاد اليمني من عدة أوجه، أهمها ما يمكن أن ينعكس على أوضاع ونفسيات أسر المرحلين"، معتبراً أن "ترحيل العمالة له علاقة بما يدور في كواليس السياسة والاقتصاد، كون المغتربين هم ترمومتر العلاقة بين البلدين".