قدّم الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أمس الثلاثاء، أمام مجلس الأمن في نيويورك، إحاطة حول زيارته الأخيرة إلى المنطقة، ليعود، وبعد حوالي أسبوع من إنهاء زيارته، إلى دبلوماسيته المعهودة في حديثه عن الوضع فيها، لكنّه بدا أكثر تأثراً بما رآه من دمار في غزة وأكثر وضوحاً حول ضرورة رفع الحصار عن القطاع وإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية، مقارنة مع الفترة التي سبقت زيارته إلى غزة، إذ كانت إدانته للاحتلال "أقلّ حدّة".
وركّز الأمين العام في إحاطته على حجم الدمار الذي شاهده في غزة، لافتاً إلى تأثّره بالقصص الشخصيّة التي سمعها خلال زيارته لإحدى المدارس في جباليا. وقال إنّه "لا شيء كان يمكن أن يحضرني لما رأيته في غزة. رأيت مساحات شاسعة من الدمار"، مؤكّداً أنّ هناك "أكثر من مئة ألف فلسطيني في غزة مشردون ويعيش حوالي خمسون ألفاً منهم في المباني التابعة للأونروا".
وتزداد معاناة أهالي القطاع في الوقت الحالي مع حلول فصل الشتاء والانقطاع شبه الدائم للكهرباء، والذي يصل إلى حدود ثماني عشرة ساعة في اليوم، عدا انقطاع المياه الصالحة للشرب عن بعض المناطق أيضاً.
وتحدث بان عن "تطلعه لإجراء الجيش الإسرائيلي تحقيقاً في ضربه لمنشآت تابعة للأمم المتحدة"، مؤكداً في الوقت ذاته "نيّة الأمم المتحدة تشكيل مجلس للتحقيق بتلك القضايا وبعثور المنظمة على أسلحة، في منشآت الأونروا والمنظمات التابعة للأمم المتحدة".
ووجه الأمين العام نقداً لحركة "حماس" وإطلاقها الصواريخ على إسرائيل واصفاً الوضع بين الفلسطينيين والإسرائيليين ب"الصراع المجنون". وفي موازاة تأكيد تفهّمه "حاجة إسرائيل إلى وقف التهديد الأمني ضدّها والمتمثّل بالصواريخ والأنفاق"، متسائلاً في الوقت ذاته حول "مبدأ التناسب والحاجة إلى المساءلة في ما يتعلق بالدمار الذي حلّ في غزة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي".
ورحّب بان بالعرض التركي بتقديم سفينة لتعمل كمحطة لتوليد الكهرباء بشكل مؤقت، فيما يدرس الطرف الإسرائيلي ما إذا كان سيسمح بذلك. وأشاد أيضاً بما قدّمته قطر من مساعدات والمنح التي ستُصرف حتى آخر الشهر للموظفين كمساعدات فوريّة. وتحدث عن أهمية الجهود الفلسطينية وحكومة الوحدة الوطنية هناك، وقال إن الوحدة ضرورية بغية السماح بإعادة الإعمار.
وفي ما يتعلّق بالقدس، قال بان: "طالبت الحكومة الإسرائيليّة بوقف الاستيطان، والقانون الدولي واضح بخصوص عدم قانونيّة المستوطنات"، مبدياً قلقه من الهجمات التي يقوم بها المستوطنون ضد الفلسطينيين ومن نيّة إسرائيل ترحيل سبعة آلاف فلسطيني من البدو في الضفّة، وهم في الأصل من اللاجئين. وطالب بضمان حريّة العبادة في القدس.
كذلك طالب الأمين العام الدول المانحة بالبدء بتقديم تعهّداتها المالية التي وعدت بها في مؤتمر إعادة إعمار غزة، الذي عقد في القاهرة الأسبوع الماضي، واصفاً المؤتمر بأنّه "فاق التوقعات بإعلان خمسين دولة تقديمها مساعدات لإعادة إعمار القطاع تزيد عن خمس مليارات دولار"، يحتاج إليها القطاع بصورة ماسّة، وأكثر من أربعمئة مليون دولار منها لصالح الإغاثة الإنسانيّة الفوريّة. وأكّد ضرورة التوصّل إلى حلّ دائم متمثّل بحلّ الدولتين الذي يؤدي إلى دولة فلسطينيّة مستقلّة.