arpo28

محمد القاضي: زعيم "تيار المستقلّين" في اليمن

جاء رحيل النائب اليمني، محمد عبدالإله القاضي، يوم الجمعة الماضي بشكل مفاجئ، ليشكل صدمة في الأوساط السياسية، بعدما كان له دور بارز في دعم ثورة التغيير الشبابية في اليمن عام 2011، وصار بعدها بمثابة زعيم لتيار المستقلين العريض. وتوفّي القاضي عن 46 عاماً، متأثراً بجلطة في الدماغ داهمته في منزله بالعاصمة صنعاء عصر يوم الأربعاء، نقل على إثرها إلى المستشفى، وخضع لعملية شفط للدماء، جراء انفجار شريان في الرأس، لكن الرجل فارق الحياة.

ويُعد القاضي من أبرز السياسيين اليمنيين الذين أدوا دوراً في تأييد ثورة الشباب السلمية في عام 2011 والتي انتهت بتنحي الرئيس علي عبدالله صالح وتولي نائبه عبدربه منصور هادي في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه. وكان انضمام القاضي للثورة ضد صالح حدثاً كبيراً؛ لأن الرجل كان ينظر إليه أنه بمثابة أحد أفراد ما يمكن وصفه بالعائلة الحاكمة في اليمن، والتي كانت حاصل تحالف بيت صالح مع بيت القاضي. وينتمي القاضي إلى قرية بيت الأحمر التي ينتمي إليها الرئيس السابق صالح، وأبوه هو أحد أبرز القادة العسكريين الذين أرسوا نظام صالح منذ توليه الحكم في 1978، وحاربوا مناوئيه في أكثر من منعطف. وتولى والده عبدالإله القاضي قيادة محور العند الذي يضم قاعدة العند الجوية جنوب البلاد، وانضم مع ابنه محمد إلى الثورة ضد صالح في نفس اليوم.

كما أنّ القاضي يرتبط مع اللواء علي محسن الأحمر، المستشار العسكري والأمني للرئيس، بصلة قرابة؛ كونهما جميعاً من بيت القاضي. وقد قامت وحدات تابعة لوزارة الداخلية بإطلاق النار على منزل القاضي بداية ثورة الشباب، فانتقل إلى القرية الواقعة في مديرية سنحان جنوب شرق العاصمة صنعاء، لحشد تأييد القبائل فيها للثورة ضد صالح، ونجح في ذلك إلى حد كبير، ولم يعد إلى منزله في صنعاء إلا بعد تنحي صالح.

وعلى الرغم من موقفه المؤيد للثورة، فإن صالح ظل يكنّ احتراماً لمحمد القاضي، واستدعاه للقاء به فور عودته من العلاج من السعودية نهاية 2011، بغرض المصالحة.

ويقول مقربون من القاضي إن علاقته الشخصية بصالح كانت قوية، وإن السبب في تأييده الثورة ضده كانت بسبب خلافه مع أحد أنجال شقيق صالح، بالإضافة إلى اعتراضه على العديد من سياسات النظام في الجانبين الاقتصادي والسياسي.

واستطاع القاضي، خلال عمله كعضو في مجلس النواب، أن يحشد كتلة برلمانية من أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يقوده صالح، تهاجم سياسات الحزب وتكشف صفقات فساد في قطاعي النفط والغاز، ما حدا بصالح للقول في مقابلة مع قناة "الجزيرة" 2006 إن سبب انتقادات القاضي تعود إلى كونه يبحث عن نصيبه من "الكعكة"، والمقصود كعكة السلطة.

شغل القاضي مناصب عليا في حزب صالح؛ إذ كان نائباً عن الدائرة 17 بأمانة العاصمة، منذ أبريل/نيسان 2003، وعضواً في اللجنة العامة عن أمانة العاصمة، لكنه استقال إبان تأييده للثورة في 2011، مكوّناً مع عشرات البرلمانيين المستقيلين معه ما أطلق عليه "كتلة الأحرار" التي رأسها زميله النائب عبده بشر. وقبلها كان القاضي قد أسّس مع الشيخ حسين بن عبدالله الأحمر "مجلس التضامن الوطني" الذي ضم وجهاء قبليين من كافة الأحزاب. وشغل القاضي رئيس هيئة شورى المجلس، ثم انسحب منه حينما تحول المجلس إلى حزب برئاسة الأحمر.

وقد ذاع صيت القاضي إبان رئاسته لاتحاد كرة القدم، ووصل في فترته منتخب الناشئين إلى نهائيات كأس العالم، بعد حصوله على لقب الوصيف على مستوى قارة آسيا. وبعد الاتحاد تفرغ الرجل للبرلمان والعمل التجاري، مستفيدا من دراسته كحاصل على بكالوريوس في إدارة الأعمال من الولايات المتحدة الأميركية.

كان العديدون يتوقعون منصباً كبيراً للقاضي بعد تنحّي صالح من السلطة وصعود هادي، ولكنه لم يحظَ بأي تعيين في أي منصب، وأصبح منزله منذ صعود هادي ملتقى للشخصيات السياسية المستقلة والتي لم تجد حظها ضمن تقاسم السلطة بين تحالف أحزاب اللقاء المشترك وحزب المؤتمر، الأمر الذي صار بسببه يعرف ب"زعيم حزب المستقلين". ويعزو البعض سبب تجاهل هادي تعيين القاضي في منصب بارز، لكون الأخير يعارض كثيراً من السياسات التي اختطها هادي بعد صعوده للحكم، ومنها معارضته التقسيم الفيدرالي للبلاد، وتكريس المحاصصة السياسية والجهوية في الوظائف العليا.

زر الذهاب إلى الأعلى