كشفت وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، في تقرير، زيادة الإصدار النقدي الجديد لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة بمبلغ 251 بليون ريال يمني (1.17 بليون دولار) بين كانون الثاني (يناير) وأيار (مايو) الماضيين، في مقابل 55 بليون ريال للفترة نفسها من 2014. واقترنت الزيادة بركود تضخّمي ساهم في مزيد من التدهور لقيمة العملة الوطنية.
وارتفعت كلفة سلة الغذاء 30 في المئة في تموز (يوليو) الماضي مقارنةً بها قبل الأزمة الأخيرة. ولفت التقرير إلى أن الزيادة الحادّة في معدّل التضخّم جعلت التضخّم المحلي أكبر من معدّل التضخّم الخارجي، وبالتالي ضعفت ثقة الأفراد في العملة الوطنية وتدهورت قيمتها، وكذلك انخفض سعر الفائدة الحقيقي الذي أصبح سالباً. وتعاني سوق الصرف شحّاً في توافر الدولار منذ كانون الثاني.
وفي بداية آب (أغسطس) الماضي، ارتفع سعر صرف الدولار في شكل حاد حتى بلغ 255 ريالاً خلال أسبوع، وبنسبة 13.3 في المئة مقارنةً بما كان عليه نهاية تموز، ليفقد الريال 18.6 في المئة من قيمته في أقل من خمسة أشهر، قبل أن يتراجع في الأسبوع الثاني من آب إلى 240 ريالاً.
وفي نيسان (أبريل) الماضي، ارتفع سعر الصرف في السوق السوداء من 215 ريالاً إلى 225 ريالاً للدولار، بسبب المستجدات الأمنية وتسابق المودعين على سحب ودائعهم بالعملات الأجنبية من المصارف. ولحماية العملة الوطنية، أصدر المصرف المركزي اليمني إجراءات تلزم المصارف بوقف التعامل في النقد الأجنبي، وأتاح للزبائن سحب أرصدتهم بالريال اليمني فقط.
وساعد هذا الإجراء، إلى جانب تدنّي الواردات وانخفاض الإنفاق العام والخاص، في احتواء سعر الصرف عند 225 ريالاً للدولار.
وأشار التقرير إلى انخفاض سريع في احتياطات المصرف المركزي اليمني من النقد الأجنبي إلى مستويات لم يسبق أن شهدها منذ العام 2011، ما أضعف بالتالي قدرة المصرف المركزي على التدخّل لحماية سعر الصرف. وأفاد بأن من بين الأسباب الاقتصادية لأزمة سعر الصرف، «التدنّي الشديد في موارد النقد الأجنبي، وأهمها صادرات الدولة من النفط والغاز التي تراجعت إلى 22.1 مليون دولار في الربع الثاني من 2015، مقارنةً بـ594 مليون دولار في الربع الثاني من 2014، وبنسبة 96.3 في المئة». ولم يغفل التقرير الإشارة إلى «ضعف القاعدة الإنتاجية، وعدم تنوّع الصادرات، ووجود اختلالات هيكلية في الحساب الجاري والرأسمالي، واختلال في المالية العامة للدولة».
ولفت إلى «عوامل سياسية وأمنية ونفسية لأزمة سعر الصرف»، أهمها «حدوث زيادة مفاجئة في الطلب على الدولار في سوق الصرف عقب قرار تعويم أسعار الوقود، وانتشار الإشاعات عن وضع محافظ المصرف المركزي تحت الإقامة الجبرية، وتعليق دعم المانحين مشاريع التنمية والموازنة العامة للدولة، ووجود بيئة طاردة للاستثمارات المحلية والأجنبية، وزيادة المخاوف المستقبلية حول مناخ الأعمال».
وكشف أن 46 في المئة من أصحاب المنشآت الكبيرة خطّطوا لنقل أعمالهم خارج اليمن، ما يعني اتجاههم إلى تسييل أصولهم الثابتة وتهريبها إلى الخارج في شكل عملات أجنبية، وأن 79 في المئة من أصحاب المنشآت لديهم توقّعات متشائمة أو غموض حول مستقبل أعمالهم، وبالتالي تفضيلهم حيازة العملات الأجنبية.
وأشار التقرير إلى «توقّف الاستثمارات الخارجية إلى اليمن، وجمود النشاط السياحي مسبّباً انخفاض عرض النقد الأجنبي، والتشاؤم في شأن مستقبل التنمية في اليمن، وضعف الثقة في العملة الوطنية، ما زاد الطلب على العملات الأجنبية (الدولرة)، وبالتالي زاد تدهور قيمة الريال».