لم يعد شهر ذي الحجة شهر الأعراس عند اليمنيين، فالحرب غيرت عاداتهم. ولم تعد الأيام التالية لعيد الأضحى المبارك موعداً لأعراسهم، التي صارت تتغير مواعيدها وتتأجل أو تقام بشكل مختلف بعيداً عن الاحتفالات الصاخبة والكبيرة.
ويؤكد عبد الغني الكوكباني، وهو صاحب محل تزيين السيارات وتوفير الأجهزة الصوتية، بأن كثير من سكان صنعاء والمحافظات يفضلون إقامة أعراسهم في أيام العيد الكبير (عيد الأضحى) لأنها أيام فرح، وموسم الأمطار واعتدال الأجواء وعودة المغتربين أو العاملين في المدن إلى مناطقهم الأصلية، وانخفاض أسعار نبتة القات التي توزع في الأعراس. لكنه يشير إلى أن أعداد الأعراس هذا العام قليلة جدا بسبب الحرب والظروف المعيشية الناتجة عنها.
ويضيف الكوكباني: "في مثل هذه الأيام في الأعوام السابقة، كنا نضطر لتوسيع أعمالنا وزيادة العاملين لتلبية طلبات الأعراس للتزيين وتركيب الأجهزة الصوتية كما كنا نرفض الطلبات المتأخرة، لكننا اليوم بالكاد نحصل على طلبات"، مشيراً إلى أن الكثير من الشباب يؤجلون أعراسهم بسبب القصف المتواصل وانعدام المشتقات النفطية، ومن يحرص على إقامتها في موعدها يفضل إقامة الحفلات الصغيرة.
من جهته، فضل بسّام الحمّادي (24 عاماً) الاكتفاء بجمع الأقرباء والأصدقاء في جلسة مصغرة لإشهار زواجه، بعد تأجيل استمر لأكثر من عام نتيجة الحرب والمواجهات المسلحة التي تعيشها العاصمة صنعاء. ويؤكد أنه أجل عرسه أملاً منه بأن تنتهي الحرب، ليقيم احتفالاً كبيراً يدعو إليه كل أصدقائه وأقربائه في الريف والمدينة كما هي عادة الأعراس في اليمن، مشيرا إلى أنه اضطر لإقامة عرسه الأسبوع الماضي في أحد منازل جيرانه، حرصاً منه على عدم تعريض المدعوين لأي أذى، بعد تزايد حوادث استهداف تجمعات الأعراس بقذائف مقاتلات التحالف العربي.
من جانبه، حمّل مالك إحدى قاعات الأفراح والمناسبات بالعاصمة صنعاء جماعة أنصار الله (الحوثيين) مسؤولية تكبد أصحاب القاعات خسائر كبيرة، بعد عزوف الزبائن عن حجزها لمناسباتهم وأفراحهم، بعد تموقع عناصر الحوثي بالقرب من صالة الأفراح التي يملكها. وأشار المالك الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن الحوثيين "يعرّضون الممتلكات الخاصة للخطر عندما يقومون بتخزين الأسلحة فيها أو اتخاذها أو مواقع بجانبها أماكن لاجتماعاتهم، ويعرضون المدنيين للخطر، وكذلك يمتنعون عن إقامة أعراسهم فيها".
وأوضح المالك بأن أغلب أعراس النساء اليوم تقام في المنازل بسبب الحرب، وإن أولياء الامور يمنعون نساءهم من الذهاب إلى صالات الأفراح والمناسبات بعد أن استهدف تنظيم القاعدة صالة أعراس نسائية بصنعاء.
في السياق، استهدفت طائرات التحالف في يوليو/تمّوز الماضي صالة الخيول بالعاصمة صنعاء وأدت إلى تدميرها بالكامل مخلفة عدداً من القتلى والجرحى. بينما نفى المتحدث باسم التحالف العربي أحمد عسيري أي هجوم نفذته مقاتلات التحالف العربي على حفل زفاف في صالة أعراس في مدينة المخا (جنوب غرب) الذي خلف نحو 130 قتيلاً وجريحاً على الأقل معظمهم من النساء والأطفال.
يجدر الذكر بأن الأعراس الجماعية التي لطالما حرصت الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاقتصادية في اليمن على إقامتها كل عام، خاصةً للفقراء والأيتام، قد غابت نتيجة الظروف التي فرضتها الحرب.