كأن كوارث الأرض لا تكفينا، فهاهي كارثة في السماء تأتي أيضا، هكذا خرجت العبارة من فمي عند سماعي صفارة جهاز الكمبيوتر الذي اعمل عليه في مؤسسة إعلامية خليجية، صعقت للخبر (ارجنت) عاجل وطارئ...
لم أتمالك نفسي... بكيت بحرقة آخر مرة بكيت فيها عندما توفيت والدتي في 1994.. كانت محيطات تفصل بيننا... هذه المرة أخذ الدمع مساحة وجهي... قلت لمسؤولي المباشر وقد شاهد وضعي النفسي، لن استطيع أن أحرر هذا لخبر.. أنا في أخر نقطة للصدمة..
لم استطع أن أعود لنفسي الآن وربما لساعات، زميل آخر أخذ الخبر، غرفة الأخبار تحولت إلى حالة طوارئ، الجميع تعامل مع الخبر تحريرا، كلهم ساعدوا في جمع المعلومات..
تأتي المعلومات في الأخبار العاجلة قطرة قطرة، ثم تنهمر بعد نصف ساعة أو أكثر.. تركت الزملاء، وانزويت إلى نفسي وإلى جهاز الكمبيوتر واكتفيت بمتابعة قنوات السي إن إن والبي بي سي ومحطات إعلامية دولية، لا لكي ابحث عن الخبر فالخبر قد وقع، بل كنت ابحث عن نفسي وعن نفسية كل يماني وكل إنسان من فرنسا ومن جزر القمر بلاد رئيسها الحضرمي احمد سامبي، وعلى كل من في الطائرة اليمانية إيرباص 310 ورقم رحلتها المميز 626 .
يا إلهي ما الذي حدث، اعرف أن الطيران اليمني في السلامة الجوية في مرتبة متقدمة على الشركات العربية وعلى شركات في الطيران الأوروبي والأميركي.. ستون عاما أو أقل لا اليمنية ولا اليمدا وقعت لهما حادثة، هذه أول مرة، بهذا الحجم... ثم تابعت كيف سيتعامل الناس مع الخبر... الفرنسيون البلد المصنع للطائرة قالوا كلاما يوحي بأن الخلل يتعلق بالكادر الفني اليماني، رمي الكرة وكأن المشكلة في قدرات مهندسينا وهم الأكفاء لمن لا يريد ان يتعرف..
خرج وزير النقل الفرنسي دومنيك بروسو، وقال بأن هذه الطائرة تخضع لمراقبة تقنية منذ 2007، مشيرا إلى عدد من العيوب ظهرت فيها ولم يعط تفاصيل العيوب. ومسؤول بالمفوضية الأوروبية طلب عدم ذكر اسمه ولا اعرف لماذا يخفي اسمه والأمر ليس امنيا خطيرا ولا يحتمل إخفاء اسم، قال هذا المسؤول إن الطائرة الايرباص التي تحطمت قبالة جزر القمر وعلى متنها 153 شخصا أثارت تحقيقا في 2007 بشأن سجل الأمان بشركة الخطوط الجوية اليمنية...
وفي كلامه هذا محاولة لإلقاء التهمة على اليمنية ومهندسيها ولكي لا تتهم إيرباص بأن الخلل أصيل في التصنيع ربما، (يعني قذف المشكلة على ظهر اليمنية)، تعجل في التصريح لم يكن صائبا.. هذه الأمور لا تقال إلا بعد التحقيق.. السي إن إن ذكرت أن الطائرة دخلت مسار الهبوط ولكن الطائرة، نتيجة للعواصف ارتفعت بعيدا قبل الهبوط لشدة العواصف وعادت في دورة ثانية ربما حتى، تجد ثغرة هادئة عن بعد من اندفاع العواصف ومن ثم تهبط بسلام على نفس المسار في مطار موروني احدى الجزر المكونة لجمهورية القمر..
والعواصف لم تكن في مسار مؤخرة الطائرة أو مقدمتها كانت تأتي جانبية من جانب الجناح الأيمن حسب خريطة الطقس التي عرضتها السي إن إن..بالتاكيد الحقائق ستظهر.. لكن الذي آلمني هذه الحفلة الحاقدة من بعض اليمانيين والعرب الذي يشاركون في تعليقات على الخبر في موقع العربية نت والجزيرة نت... إذ يجعلون من أنفسهم خبراء تقنيين، مقررين أن الخطأ سببه انعدام كفاءة المهندسين اليمانيين، وهم لا يعرفون شيئا عن تقنية وحالة الطائرة وتقلبات الأحوال الجوية..
ونشط بعضهم في تحويل الأمر إلى تشويه سمعة اليمنية وعمالها من فنيين وإداريين وغيرهم.. هذا حقد غير مبرر.. أعرف أن الحوثيين سيقولون ذلك والذين يريدون شراً باليمن من الحراك سيقولون ذلك.. هؤلاء يفرحون بالجثث (أمراض زادهم الله مرضا)... ليس هذا وقت التشفي وكتابة خواطر عن، ما السبب ؟؟... الآن على كل اليمانيين ان يضمدوا جرح بعض وان يواسوا بعض وأن يسالوا الله اللطف، وأن يتخلوا عن الأحكام المسبقة.. ولمَ العجلة.. فلابد أن يعرف الجميع ما الذي حدث للرحلة 626... لا يجب أن نبقى شعبا غريبا حتى في هذه..
رحلة الطائرة
انطلقت من صنعاء الساعة التاسعة إلا خمسا وأربعين دقيقة مساء أمس الاثنين
الرحلة عبر جيبوتي.. يعني توقف مؤقت..
واصلت الطائرة الرحلة فوق المحيط الهندي غربا إلى الجنوب
اختفت من الرادار بعد محاولة الهبوط في الساعة الثانية تقريبا بعد منتصف الليل...
اليمنية هي شركة الطيران الوحيدة التي تسير رحلات إلى جزر القمر..
إيرباص التابعة للخطوط الجوية الفرنسية والتي سقطت قبل شهر بعد أن غادرت البرازيل هي من نفس نوع اليمنية إيرباص 310.
ربنا أدخل على النفوس المضطربة السكينة والطمأنينة وارحم اللهم عبيدك في السماء وفي الأرض..