جاء رأي الأهرام في افتتاحيتها يوم أمس الخميس ليخلط أوراق الدور المصري في اليمن.. ذلك الذي استبشرنا به خيراً ولم ندخر في أنفسنا شيئاً من الحذر، لعلمنا أن الدافع من التحرك المصري ليس حباً في سواد عيون اليمن، بل البحث عن دور..
وإذا كان الدافع هو مجرد البحث عن دور، بالتالي أمكن لصاحبه أن يخلط الأوراق متى يشاء..
قالت الأهرام: "الحسم العسكري في صعدة أمر مشكوك فيه":
هذه العبارة بالضبط كشفت أن مصر لا تحيط جيداً بملابسات الميدان، وجعلت الكثير من "أبي حنيفة" يمددون أرجلهم ولا يبالون..
ناقضت "الأهرام" نفسها في أقل من نصف شهر، حيث ذكرت في نفس الزاوية يوم 9/10 أن "لا خيار أمام اليمن سوي الاستمرار في هذه المواجهة للقضاء علي هؤلاء الحوثيين خصوصا بعد أن فشلت كل الوساطات التي جرت بين الحكومة والحوثيين".
ويبدو أن أزمة التمرد في صعدة ليست جوهر الخلاف بين القاهرة وصنعاء، بل قضية الحراك في الجنوب.. ونتفق مع مصر في أن الحوار مع ممثلي الحراك في المحافظات الجنوبية أياً كانت شعاراتهم هو أولى وأجدى من الإهمال والتجاهل.
لكن ليس موفقاً أن تسعى مصر للتلاعب في ملف صعدة للضغط من أجل نفاذ رؤيتها للحل في الجنوب، ففي ذلك خيانة لدماء عشرات الآلاف من الجنود من أبناء مصر الذين رووا بدمائهم الزكية تراب اليمن، من أجل أن يتحرر من أسر الجهل والكهنوت والاستعباد الذي يريد الإرهاب الحوثي إعادته في اليمن عن طريق الدجل والقتل.
كان بإمكان القاهرة أن لا تستعجل في نشر غسيل خلافاتها (في الفروع) مع صنعاء على حبال الصحافة. ولم يكن وزير خارجية اليمن الدكتور أبوبكر القربي موفقاً حينما جعل الباب مفتوحاً مع الحوثيين إذا رضخوا للشروط، وأغلقه في وجه الحراكيين في جنوب اليمن الذين هم في حقيقة الأمر أكثر وحدوية من كثيرين يتنطعون باسم الوحدة.
ليس لائقاً بمصر أن تعتاش على هامش الجراح في اليمن، وليس لائقاً لليمن أن تقابل أفكار مصر ومقترحاتها للحل بالرعونة والفجاجة.
لا نزال ننتظر دوراً مصرياً أكثر رصانة مما هو اليوم.. وبإمكان مصر أن تحذو حذو الإخوة في المملكة العربية السعودية الذين رغم تعاطيهم اليومي سياسياً وإعلامياً مع الأزمة اليمنية إلا أن لهم موفقاً شديد الوضوح وأكيد المسؤولية.
مواضيع متعلقة