[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

عفواً أميركا.. شكراً قاعدة!

انتهى عهد الرئيس الأميركي الديمقراطي بيل كلينتون، والعلاقات الأميركية- اليمنية تتأرجح بين الثبات والاهتزاز، بانفجار المدمرة "يو إس إس كول" في 12 أكتوبر – تشرين الأول 2000م..

إلى أن ثبتت بوضوح ملامح التعاون الأمني بين البلدين في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر - أيلول 2001م في عهد الرئيس الجمهوري جورج بوش، وتشاطر البلدان الجهد في الحرب الدولية على الإرهاب داخل اليمن إلى الحد الذي ضاق فيه الطرفان بأسلوب بعضيهما المعبر عن حساسية الذاتية اليمنية من عدم مبالاة القوة الأميركية بها، وتجلى ذلك بتصريح الرئيس علي عبدالله صالح لإحدى الصحف الأميركية وقوله: "إن بوش كاوبوي"!

وبخروج "الكاوبوي" من دائرة الحكم الأميركي، واستيطانه في التاريخ العالمي "أسوأ رئيس للولايات المتحدة الأميركية" ثم تولي الديمقراطي باراك بن حسين أوباما زمام القيادة، والمبادرة إلى تحسين صورة أميركا، لم يخرج التعاون المشترك بين البلدين عن إطاره الأمني، بل دلف مرحلة جديدة من التعاون ب"فضل" محاولة إرهابية فاشلة من قبل تنظيم القاعدة جعلت أوباما يكشر عن أنيابه ويعلن عن نفسه شريكاً جديداً لليمن في الحرب على الإرهاب، معززاً بذلك نهج سلفه بوش!.

نجاح تنظيم القاعدة بتفجير مركز التجارة العالمي بنيويورك في 2001م أسهم في توسعة آفاق التعاون الأمني الأميركي- اليمني، وحينما فشلت أيضاً بتفجير طائرة الرحلة نورث ويست 253 أواخر العام الماضي زادت نوايا توسعة الشراكة أكثر حسبما ورد من كلمات الرئيس أوباما في خطابه أول العام الجديد بعد إخفاق المحاولة الانتحارية.

يجوز هنا استعارة عبارة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون من مذكراتها كسيدة أولى "تاريخ عشته": أحوال بعض البلدان لا تحتاج إلى المزيد من الكلمات. ليلتقي مع ما ختم به المستشار السياسي لرئيس الجمهورية اليمنية د.عبدالكريم الإرياني حديثه لجريدة النهار الكويتية عن الأصدقاء الأميركيين أنهم "خير من يتحدث ولكن دون فعل".

وعلى هذا النهج سار كثير من الناس عرباً وغرباً، وأولهم السفارة الأميركية والسفارة البريطانية إثر دعوة قادة بلادهم إلى دعم اليمن فيما يغلقون سفاراتهم فيها حتى إخطار آخر وأجل غير مسمى بتأثير تهديدات "قاعدية"!

عوداً إلى ضرر القاعدة الجالب للنفع؛ تختلط الأمثال والشواهد هذه اللحظة: "رب ضارة نافعة" أو "المصائب يجمعن المصابينا"، فواقع الحال أن تضرر مصلحة أميركا من نشاط القاعدة، ثم نمو مصلحتها في القضاء على القاعدة (أو شرعنة استمرار نشاطها!!) أتى سبباً لتعاون وثيق مع الحكومة اليمنية التي أودت ببعض معاقل القاعدة وأردت رموزها المطلوبين بعمليات نوعية في أبين وأرحب وشبوة، بعدما تضررت وكل الشعب اليمني، من نشاط القاعدة الخارجة (أو السائرة) على النص والدور المحدد والمرسوم لها منذ نشأتها!

ولكن.. هل يقتضي الإنصاف الموضوعي تقديم الاعتذار للأصدقاء الأميركيين على عدم توجيه الشكر لهم بحرارة عالية توازي قدر ما تتزود به الحكومة اليمنية والجيش اليمني من معونات لحماية المصالح المشتركة تضاعفت لأجله أخيراً المساعدات العسكرية عن المساعدات التنموية!!..

ولأننا سنزجي الشكر لأعداء الإنسانية والتعايش السلمي: القاعدة، على نجاحهم في جعل اليمن محط اهتمام العالم والإسراع لعونه مِن شر مَن كان باعثاً للخير عليه (أي القاعدة)، وإن تسببوا بتهديداتهم في إغلاق سفارتي الداعمتين العظميين!.

فهل يصح القول:
عفواً أميركا..
شكراً قاعدة!
___________
[email protected]*

زر الذهاب إلى الأعلى