عجيب أمر إيران، فعداوتها لدول المنطقة لا تقف عند حد معين، فقبل أيام هاجم الرئيس الإيراني السعودية، واليوم تهاجم جهات إعلامية محسوبة على الحرس الثوري الإيراني، اليمن، وتحديداً الرئيس علي عبدالله صالح، وتصفه بأنه «صدام الصغير»، فهل هذه حملة إعلامية عابرة فقط، أم أنها تكشف النوايا الحقيقية لإيران في منطقتنا، وتحديداً تجاه السعودية واليمن؟
الواضح أن الهجوم الإيراني على اليمن، ورئيسه، أكبر من كونه مجرد مهاترات إعلامية، وأبعد من محاولة الدفاع عن الحوثيين؛ فمجرد ترديد الإيرانيين لعبارة «صدام الصغير» بحق الرئيس اليمني فيه دلالة على شدة العداء الذي تكنه طهران لليمن كدولة، كما أنها ترى في وحدة اليمن عائقاً أمام تمددها على الحدود السعودية، مثل ما تفعل الآن في العراق.
فالهجوم على اليمن اليوم وهو يحارب الحوثيين، ويتصدى لـ«القاعدة»، وللانفصاليين في الجنوب، دليل على أن إيران تسعى بكل ما أوتيت من قوة من أجل انهيار الدولة اليمنية، على أمل أن تجد لها موطئ قدم على الحدود السعودية، من خلال الحوثيين، وعلى غرار حزب الله في جنوب لبنان، والذي حولته تحت ذرائع مختلفة إلى جيش يفوق قدرة الجيش اللبناني، وسخرته لخدمة أهدافها في المنطقة، أو على غرار توغلها في العراق، من خلال جماعات وميليشيات أو حتى واجهات سياسية، بعد سقوط نظام صدام حسين، وهو الأمر الذي ترك لها الحبل على الغارب هناك.
فطهران غير حريصة على سلامة اليمن ووحدة أراضيه، بقدر ما أنها حريصة على زعزعة استقراره، وتشتيت الجهود الساعية لمساعدة اليمن أمام مشاكله الداخلية، أو تجاه الحوثيين، وتنظيم «القاعدة»، وبالتالي فإن إيران لا تساعد الحوثيين وحسب، بل وحتى تنظيم «القاعدة» لأن مجرد مشاغلة الحكومة اليمنية وبالطريقة التي تفعلها إيران، رغم تجنب اليمنيين ولفترة طويلة اتهام إيران بدعم الحوثيين، يعد دليلا واضحا على أن طهران تسعى لزعزعة الأوضاع الأمنية، وضرب الاستقرار في اليمن.
تفعل إيران كل ذلك، وكما أسلفنا، في محاولة تشبه كثيراً لعبة الشطرنج؛ فالهدف النهائي هو محاصرة السعودية من جميع نقاط حدودها. والتفسير الوحيد للهجوم الإيراني الإعلامي، على المستويات كافة، سواء على السعودية، أو اليمن ورئيسه، هو شعور الإيرانيين بالفشل الحقيقي في تحقيق أهدافهم سواء في لبنان، أو في اليمن، وكذلك تهميشهم على المستوى الدبلوماسي والسياسي في المنطقة، أمام تحرك سعودي كبير، وملحوظ، ومؤثر، على الأصعدة الإقليمية والدولية كافة.
ولذا فالهجوم الإيراني على الرئيس اليمني ليس مجرد حملة في الإعلام بقدر ما أنه مؤشر على عدم حرص إيران على وحدة اليمن واستقلاله، وكذلك دليل على إحباط إيراني مرده النكسات التي تلقتها طهران سواء في المنطقة، أو على المستوى الدولي، حيث أن جميع تحركات طهران الدبلوماسية تتعرض للفشل، ناهيك عن الأحداث الداخلية الإيرانية، إذ بات واضحاً أن نظام نجاد، ومن يقفون خلفه، يواجهون تحدياً يومياً يضعفهم في الداخل، وينتقص من قيمتهم في الخارج. وعليه فالقضية أكبر من كونها حملة إعلامية إيرانية تجاه اليمن أو السعودية.