آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

اليمن بين المال والتنمية ومسؤولية أبنائه

لم يكن المؤتمر الذي أنهى أعماله في الرياض أمس حول دعم اليمن الخطوة السعودية الوحيدة لإخراج هذا البلد من الأزمات التي يتخبط فيها، ووضعه على سكة التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي هي أساس المشكلات التي يعيشها.

فالمملكة كانت ومازالت حريصة على إطلاق مشروعات التنمية في اليمن، ولقادة السعودية أياد بيضاء في هذا المجال تنجلي بشكل خاص في المشروعات الصحية والتربوية في طول البلاد وعرضها والتي كان هدفها إنسانياً في المبدأ وتنموياً في المراحل اللاحقة، انطلاقا من أن العلم والتعليم ركنا كل تطور في أي بلد في العالم.

والسؤال المطروح هو هل يكفي المال وحده لإنقاذ اليمن مما هو فيه؟ والجواب قطعاً لا. لأن مؤتمر الرياض وقبله مؤتمر لندن رصدا مبالغ مالية ضخمة لصرفها في المجالات التنموية، وعلى طول وعرض اليمن، ولكن تبقى إرادة أبناء اليمن هي المحدد الرئيسي لإنقاذ بلدهم مما هو فيه وما ينتظره إذا استطاع القادة اليمنيون تخطي الحرب السادسة المتمثل في وقف إطلاق النار الذي بدأ في 11 فبراير الماضي إلا أن النار مازالت تحت الرماد، لأن ما تم الاتفاق عليه بين صنعاء والمتمردين الحوثيين لا يعدو كونه وقفاً لإطلاق النار، وهو ما يحصل في العادة بين دولتين متحاربتين وليس بين دولة ذات سيادة وفريق من المتمردين يتخذ جزءاً من سكان البلد رهينة لأهوائه السياسية المرتبطة بجهات خارجية باتت مكشوفة للعيان.

المطلوب أن يتحول وقف إطلاق النار في صعدة إلى سيطرة شاملة للسلطة اليمنية على كامل محافظة صعدة وحرف سفيان وأن ينتشر الجيش اليمني على كامل حدود بلاده، وألا تبقى أية قوة خارج إطار السلطة على كافة أراضي اليمن.

والتحدي الآخر الذي يواجهه اليمن يتمثل في مشروع الانفصال الذي يعبر عنه الحراك الجنوبي الذي نهض بعد خسارة معركته عام 1994 مستغلاً حرب صعدة التي بدأت عام 2004 والتحول الفكري الذي ساد في بعض محافظات الجنوب في ركوب موجة التطرف التي عُبر عنها فيما سمي ب"تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية"، بالانتقال من الفكر العلماني الذي كان يعبر عنه الحزب الاشتراكي اليمني.

ومع الاحترام والتقدير لطموحات الجنوبيين وآمالهم ، إلا أنه من غير الواقعي أن يصدر مؤتمر الرياض قرارات تدعم طموحاتهم الانفصالية. لأن المملكة العربية السعودية تدعم وحدة الشعوب العربية وليس تفككها. و اتحادها وليس انشطارها. وإذا كان هناك مظالم للجنوبيين فينبغي أن تحل على طاولة حوار وطني يمني. يسعى لإقرار العدل والمساواة في كافة أنحاء اليمن. وليتأكد الجميع أن مؤتمر الرياض هو لإطلاق المشروع التنموي لكافة أهل اليمن الأعزاء دون تمييز.

زر الذهاب إلى الأعلى