سعدت كثيراً – كغيري في اليمن – عند إعلان تريم عاصمة للثقافة الإسلامية 2010م، وذلك فخر لكل حضرمي خاصة ولكل يمني عامة، وذلك لما تمثله هذه المدرسة من منهجية فريدة، ولما لها من دور كبير في نشر الإسلام في أصقاع الدنيا.. لكنني تعجبت وصدمت حين علمت أن الإعلان عن هذا الحدث الكبير قد تم منذ 2004م، أي قبل ست سنوات !!
لن نطالب بمحاسبة من كان سبباً في هذا التكتم، ولن نتساءل عن صحة بعض الأخبار المتداولة عن محاولات لنقل هذا الحدث لمدينة زبيد؟
على كل الأحوال تم الإشهار قبل بضعة أشهر من البدء، وبدأت الوفود الحكومية والمسئولين يتقاطرون إلى تريم زرافات ووحدانا؛ لأنهم يعلمون أن هناك وفوداً خارجية ستحضر وتيمم وجهها شطر تريم. وبدأت الأعمال بسرعة الصاروخ ليلاً ونهاراً في أعمال الرصف والسفلتة والإنارة والترميم لبعض القصور والمعالم القديمة بتريم وبمبالغ خيالية، ودون مراعاة للمواصفات، ويكفي أن نعلم أن مجسم (مبنى المحضار) بجولة (الغرف) قد حدثت فيه بعض التشققات بعد افتتاحه ببضعة أيام..
حان موعد التدشين والانطلاق فتم بمهرجان خطابي صباحاً، وعصراً بلوحة استعراضية، ومساء بحفل فني بدأ رائعاً لولا بعض الملاحظات، ولكن للأسف لم يكن للثقافة أي حظ ولا نصيب، لا من قريب ولا من بعيد، لم تكن هناك ندوات أو محاضرات على مستوى كبير، لم يتم الاحتفاء بإصدار كتب ولا إصدار مجلات محكمة، لم يتم حتى افتتاح بيت عملاق الأدب والثقافة الإسلامية أ/ علي أحمد باكثير.
والحقيقة التي دفعتني للكتابة هو استياء البعض ممن التقيتهم وخاصة المهتمين بمجال الثقافة والأدب.
لقد اطلعت على برنامج الفعاليات والأنشطة الثقافية لشهر مارس 2010م فوجدت فعاليات لا ترقى إلى مستوى الحدث وضخامته، وقد لاحظت أن أية فعالية تقام سواء مطلع حافة أو تكريم أو جلسة دان أو عرض مسرحي بصنعاء أو محاضرة بمركز معين فيتم نسبتها إلى فعاليات تريم عاصمة الثقافة الإسلامية، وأخشى أن يتم مستقبلاً خلال هذا العام ربط كل عمل سواء إقامة مباراة أو افتتاح مطعم أو فندق... وغيرها بفعاليات تريم عاصمة الثقافة الإسلامية 2010م.
إنني مع إشراك منظمات المجتمع المدني المختصة كالمراكز والمؤسسات الثقافية الأهلية، بل هذا من البديهيات، (وبهذا الخصوص فإنني أوجه تحية خاصة لمركز ابن عبيداللاه لخدمة التراث والمجتمع على جهوده وأنشطته المتميزة والرائعة والمستمرة، وغيره من المؤسسات الثقافية).
ولكن أين فعاليات وزارة الثقافة والمكتب التنفيذي لتريم عاصمة الثقافة؟ أتمنى من أعماق قلبي أن نكون عند مستوى الحدث وأن نبرز الدور الثقافي لتريم وحضرموت بشكل عام من خلال فعاليات وبرامج كبرى تليق بهذا الحدث في هذا العام، لكن الأماني شيء والأفعال والواقع شيء آخر.
هل يتم الاحتفال بهذه المناسبة من خلال ترميم بعض الواجهات للمباني الطينية؛ بينما يتم تجاهل الثقافة ذات المفهوم الواسع، فتريم عاصمة الثقافة الإسلامية وليست الثقافة الطينية كما يقول الشيخ صالح باجرش. ثم هل من ثقافتنا أن يظل إخواننا وأهلنا المتضررون من كارثة السيول وبعد مرور أكثر من عام وخمسة أشهر في بيوت الإيجار، بل ويأخذ من مبالغ إعادة إعمار منازلهم للفعاليات الأخرى مليار ريال.
كيف تكون تريم عاصمة للثقافة الإسلامية ولا نسمع اسم الزاهد عبدالله بن علوي الحداد إلا إذا كان لا كرامة لزاهد في وطنه، أو أن يحجب رائد من رواد الثقافة الإسلامية الأديب علي أحمد باكثير، بل أين العالم عبدالرحمن بن عبيداللاه السقاف مفتي الديار الحضرمية ؟ بل أين غاب ذكر الشافعي الصغير عبدالله بن عمر بامخرمة؟ وأين السخي أبوبكر بن شيخ الكاف (الزعيم) ؟ وكذلك العلامة محمد بن عمر بحرق، والعلامة سالم سعيد بكير... وغيرهم من الأعلام الذين لا يتسع المقام لذكرهم كما يقول الزميل عبدالله مكارم.
وأخيراً : بأي منطق يتم نقل كثير من الفعاليات إلى أمانة العاصمة، وإلا فلا داعي أن يتم إعلان تريم عاصمة للثقافة الإسلامية من الأساس؟
ختاماً : لازلنا في البداية ولا زال في الوقت متسع للتدارك.. فهل أنتم فاعلون؟