أتابع منذ سنوات ما ينشره رسام الكاريكاتير المبدع محمد الشيباني من رسومات كاريكاتيرية تلامس هموم المجتمع اليمني وقضاياه بطريقة ساخرة ولاذعة،
ولكن من يلاحظ ما يكتبه هذا الرسام المبدع يخلص إلى قناعة مفادها أن هذا الشخص يعاني من عقدة نفسية تجاه المرأة التي صورها بصورة نمطية مسيئة جداً، فالمرأة اليمنية في رسومات الشيباني التي تنشر في أخيرة "الثورة" هي امرأة نكدية وكسولة وأنانية تتفنن في إثارة المشاكل وإضفاء جو من النكد والعكننة على الزوج المسكين والغلبان، وقد يكون هذا واقعاً يعيشه الرسام وبعض الناس في مجتمعنا، ولكن التعميم خطأ قاتل، فالذي يتفق عليه الجميع ولا يختلف حوله اثنان أن المرأة في مجتمعنا لا تزال تعيش أوضاعاً مزرية وترزح تحت وطأة تقاليد وعادات تصادم الشرع وتناقض أبسط حقوق الإنسان، كحرمانها من الميراث مثلاً أو حرمانها من التعليم وإجبارها على الزواج من شخص ليست مقتنعة به، وغيرها من الممارسات والسلوكيات التي تحرم المرأة من حقوقها وتجردها من إنسانيتها وكرامتها.
دعوة قضائية ضد الشيباني
وكنت قد قرأت قبل سنوات أن إحدى المنظمات المهتمة بالمرأة قد قررت رفع دعوى قضائية ضد الشيباني لتشويهه لصورة المرأة اليمنية، ولا أدري ما مصير تلك الدعوى وأين وصلت القضية، ويبدو لي أن الموضوع مجرد تخويف لم يثمر.
دعوة للمراجعة:
لست في هذا المقام محرضاً ضد هذا الرسام المبدع الذي أتحفنا بشلال متدفق من الإبداع منذ سنوات، ولكني أدعوه إلى إعادة النظر فيما يرسم ومراجعة موقعه، فالمرأة في كل عصر ومكان هي رمز للتضحية والإخلاص، ونهر دائم العطاء والجريان، وهذا لا يعني أن المرأة ملاك، وإنما يجب أن ننظر للأمر بتوازن كبير وبنظرة موضوعية ومنصفة.
خطوة جيدة ولكنها متأخرة:
ناقشت هذا الأمر مع الأستاذ خالد الهروجي الإداري بمؤسسة الثورة الذي أخبرني أن هذا الأمر قد أثار جدلا واسعا داخل المؤسسة وقد أثمر هذا الجدل والنقاشات عن استدعاء الرسام محمد الشيباني ومناقشته وإيقاف راتبه حتى يعدل عن هذا التوجه وأوضح الهروجي أن الشيباني صور المرأة في صورة بعبع ووحش وهي صورة سلبية وقاتمة .
أقول وإن كانت هذه خطوة جيدة وتحسب لإدارة مؤسسة الثورة فإنها تأتي متأخرة جدا فالرجل يرسم والثورة تنشر منذ سنين طوال دون أن تقوم المؤسسة باتخاذ الخطوات اللازمة وهو ما يترك علامة استفهام كبيرة وتساؤلات تبحث عن إجابة. !!
غياب منظمات المرأة :
يلاحظ المتابع لأنشطة المنظمات التي تزعم الاهتمام بقضايا المرأة غياب هذه المنظمات عن مثل هذه الأمور فألمرأة في وسائل الإعلام أصبحت وسيلة للدعاية ويتم تشويهها في الإعلام الرسمي دون أن تحرك هذه المؤسسات ساكنا ولعل أكبر همها ومبلغ أمرها هو تقديم التقارير للمنظمات الأجنبية للحصول على الدعم والمنح والمساعدات والضغط على الحكومة للتوقيع على الإتفاقيات الدولية دون إدراك بخطورة محتواها وأبعاد مضامينها وفي أحسن الأحوال الرصد لما يجري للمرأة دون أن تقدم مبادرات وخطوات عملية وحقيقية تخدم المرأة اليمنية فعلا..