وافق عيد الفطر يوم الجمعة فلم أذهب للصلاة في الجامع لأنها رخصة ولأنني تذكرت قصة غريبة حدثت لي قبل سنوات حين وافق عيد الأضحى يوم الجمعة وكنت حينها بالقرية (في إب وسط اليمن) وكان هناك عرس جماعي لمجموعة من الشباب زملائنا فاختلفنا حول حضور الجمعة وكنت مع المؤيدين لعدم الذهاب بسبب أنها رخصة والله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى فرائضه كما في الحديث ونحن في عيد وعرس وقد يعكنن علينا الخطيب بخطبة عن عذاب القبر وأهوال يوم القيامة وهو احتمال وارد..
المهم ذهبنا كلنا للصلاة في الجامع وهو قريب وحدث ما كنت أخشاه وأتوقعه فقد صعد الخطيب المنبر على عجل وألتقط كتابا قديما قد أصفر حتى أحمر فيه مجموعة خطب في نهاية كل خطبة دعاء للوالي العثماني وفتحه عشوائيا "حظ يانصيب" فكان حظنا سيئاً للغاية حيث فُتح الكتاب على خطبه عن عذاب القبر وأهوال يوم القيامة فقرأها الرجل ولا كأنه يوم عيد وأعراس وأفراح وكأن لسان حاله: حظكم هكذا ما نفعل لكم؟! فتح الكتاب عليها فرفعت الأقلام وجفت الصحف وخرجت الكلمة وكان الانتقال لخطبة أخرى عن التكافل والتراحم وصلة الأرحام ومما يصلح لأن يقال في مقام العيد هو من الشرك الأكبر والعياذ بالله!!
في تلك الجمعة عكنن الشايب على عباد الله وأفسد فرحتنا ببكاء متواصل ونشيج حزين في أغرب جمعة شهدتها في حياتي وقد حاولت بعد أن انقضت أربعون دقيقة من الخطبة العصيبة أن أغمز للشباب لكي ننصرف فلم يفهموا فقمت وجذبتهم فرفضوا الانصراف فانصرفت وحيدا وسط استغراب المصلين الذين رابطوا لمدة ساعة ونصف من الترهيب والبكاء أما أنا فقد صليت في مؤخر الجامع وعدت إلى الأطفال لأفرح معهم وكان مكبر الصوت يحمل صوت الخطيب وهو (مسن يربو على السبعين عاما ويرفض أن يخطب أحدا سواه) إلى كل مكان فجئت والأطفال مفزوعين يسألونني عن الشجاع الأقرع ومنكر ونكير هل أعرفهم أم لا ؟!! فقلت لا حول ولا قوة إلا بالله الله يعكنن على الشايب هذا مثل عكنن علينا وخرب العيد والفرحة!
في العام الماضي عند زيارتي للقرية ذهبت لذلك الجامع فوجدته قد تطور كثيرا فالمبنى قد توسع كثيرا والميكرفون والمايك من بحجم كبير وشكل جديد وكذلك الفراش وكل شيء قد تغير للأحسن وتطور باستثناء الخطبة والخطيب!!