أقدمت مجموعة مسلحة بزي عسكري ومدني باختطاف الناشطة الحقوقية توكل كرمان منتصف ليلة الأحد بصنعاء.. وقالت مصادر مقربة من الناشطة أنه تم اعتراضها من قبل عشرات المسلحين أثناء عودتها برفقة زوجها.
كما تمت مصادرة هاتفها النقال والكمبيوتر المحمول الذي بحوزتها من قبل المجموعة المسلحة التي لم تقم بعرض أي أمر من أي جهة قضائية ليتم بموجبه القبض عليها.. هذا انجاز عظيم آخر يضاف لحكومتنا الموقرة ونصر كبير لأجهزة أمننا الوقور..
لقد أفلس النظام الحاكم اليمن أيما إفلاس حين وصل إلى هذه المرحلة متجاوزا كل عرف وخلق إسلامي و عربي وهو بذلك يدق أخر مسامير نعشه الذي ستحمله الجماهير يوما لتلقي به في وادي الظلام والنسيان..
ومما يجعل الحزين ينفجر ضاحكا هو حجة نظامنا أن مثل هذه الإجراءات تتم وفقا للقانون والدستور ومن اجل الحفاظ على النظام وسير العدالة فقد جاء في بيان سابق لوزارة الداخلية أنها تمنع إقامة أي مسيرات بدون ترخيص مسبق ومن سيخالف ذلك القرار سيكون عرضة للمسألة والعقاب لمخالفته نصوص القانون والدستور.. وحينما أقرأ انا المواطن البسيط مثل هذه التصريحات أجدني في حيرة من أمري أين القانون والدستور من الخروقات الكبيرة التي أحدثها فيه الفاسدون والمتنفذون حتى أصبح كالخرقة البالية..
أين كان سابقا من تنفيذ حكم القاضي أمذيب البابكري الذي أصدره ضد قيادات عسكرية تورطت بجرائم سطو ونهب وقتل لمواطنين وحقوقهم وأراضيهم.. فكان الحكم المنفذ هو عدم أهلية القاضي والذي أصدره مجلس المحاسبة بالمحكمة العليا أين هو من جرائم قتل عدد من المواطنين تم تمييعها وافلت المجرمون من العقاب منها وربما نصح القاضي المكلف أهالي المجني عليه بالقبول بالتحكيم القبلي بعيدا عن القضاء وشرع الله , وذلك إنقاذا للقاتل المدان الذي حظي بدعم رموز من السلطة مالكة النظام.. فكم قضية استطاع فيها المال والنفوذ أن يحيل المجرم إلى ضحية بريئة وان يجعل الضحايا مجرمين.. أين هو من جرائم اغتصاب الأطفال ومن واقع ظلم كثير من المستضعفين.. أين هو من تجاوزات المسئولين ومدراء الأمن وظاهرة إلقاء القبض على الناس بدون مسوغ قانوني سوى التعسف وبسط النفوذ..
أين هو من محاسبة ظالم الجعاشنة المهجرين الذين قدموا أوراق قضيتهم إلى مختلف الجهات الرسمية التي لم تحرك شعرة في جسد دولة تترفع عن حل قضيتهم. كما فشل مجلس النواب في إحضار الحكومة إلى تحت قبته ليسألها عن وضعهم وكل الوعود بحل قضيتهم ذهبت أدراج الرياح.. أين هو من محاسبة الفساد وأهله والعبث بأموال الوطن وخيراته حيث احتلت اليمن المرتبة الرابعة عربيا في انتشار الفساد وذلك حسب نتائج التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية للعام 2010. كما قالت منظمة صحافية إن مبالغ الفساد التي نشرتها الصحافة لعام 2008م تساوي ميزانية الدولة اليمنية لعام كامل وأعوام سابقة وهذا كان في عام 2008 فكيف هو اليوم في ظل تزايد تفلت واحتضار دولة القانون والنظام..
أين هو من جرائم الانتهاكات بحق الصحافيين والناشطين والتي تعد انتهاكا صريحا لأبسط قواعد التعامل البشري ومبادئ حقوق الإنسان وهي تصرفات تخالف أحكام الدستور والقانون التي تكفل حق المواطن في المعاملة الكريمة والإنسانية عند القبض أو أثناء فترة الاحتجاز أو السجن( المادة 48 فقرة ب من الدستور اليمني).. أين هو من محاسبة الطقم الذي دهس امرأة في المكلا أو من معاقبة قتلة الدرويش في خور مكسر أو غيرهم ممن لا يتسع المجال لذكرهم فهم في وطني كثيرون.. أين هو من محاولات الاغتيال بحق رجال لم يكن لهم من جريرة إلا أنهم أرادوا دولة نظام حقيقية لا وهمية.. وكم من الانتهاكات التي وقف رجال الدولة والقانون أمامها ممترين وغير فاعلين إما بفعل نفوذ أو رشوة أو تهديد أو غيرها فهي تحتاج إلى مجلدات من الورق.. ولكن حسبي أنها لا تخفى على أحد من الناس اليوم..
فقانون يطبق فقط لخدمة رجال السلطة ومن سار على نهجهم في الفساد والظلم ويستخدم لقمع المطالبين بحقوقهم إنما هو قانون دولة تحتضر وسلطة تموت وقريبا سيركل الناس عرشها إلى حيث يجب أن تكون.. وكثيرون يقولون أن هذا كلام إنشائي لا يسمن ولا يغني من جوع أمام هذه القوة الغاشمة ولكني أقول ما ينقصنا فقط هو الإرادة فإذا كانت عربة بائع الخضار حركت إرادة التونسيين وأطلقت شرارة التغيير.. فحتما سيأتي الدافع الذي يضيء شعلة الحرية ويحرك إرادة اليمنيين نحو حياة الخير ونعيم الأمان وان لم يكن القبض على الحرائر دافعا فماذا سيكون الدافع أيها الغيورون.
وربما لا يعرف رئيسنا تماما حجم المعضلة التي تمر بها البلاد إما لاستشارات خاطئة أو بطانة لا تنصح له بصدق وأمانة.. فنحن جميعا وفقا لحالة الوطن المتردية ننتظر خطابا تاريخيا له يقدم فيه مصلحة الوطن والشعب على أية مصالح حزبية أو شخصية أخرى وليعيد أملا في الإصلاح والعدل بعيدا عن خطابات الاستهلاك الاعلامي وعبارات لا تفيد (في وجهي وعلى ضمانتي ).. وما قتل القرشي العائد من سوريا ببعيد ولكننا ما زلنا نرى التوجه إلى غير ذلك هو السائد في إدارته البلاد..
فمن منع للمسيرات السلمية في عدد من المحافظات إلى إقامة حواجز تفتيش تعسفية في كثير من المدن ومن مواجهات دامية في عدن والبيضاء إلى محاصرة جامعة صنعا ومنع طلابها من التعبير عن تضامنهم مع الشعب التونسي.. ومرورا بكثير من حملات الاعتقال الغير قانونية لعدد من حملة أقلام الصدع بالحق ورافعي رايات الحرية.. فكأنما لا نية للتصحيح وتعديل المسار فالخطابات مكررة والوعود ثرثرة ونفسية الشعب مدمرة فبأي شيء يا سيدي تدعي النجاح والمفخرة.. فإذا كان هذا هو التصرف السليم والعلاج الحاسم الذي يراه ولاة أمرنا لكل ما تمر به البلاد في هذه المرحلة المصيرية فتلك والله هي بداية النهاية لأن الأمر اليوم يحتاج إلى عقل وحكمة وتجرد ومسئولية أكثر من العناد وغرور الحكم والسلطة.. إنها الفرصة الأخيرة أمام المحتضر ليتلقى علاجا يعيد له عافيته ويتخذ مسلكا تبرأ به الذمة أو ستكون النهاية المنتظرة.. الموت حتم الأنوف.
وإذا كان بن علي التونسي عاقلا وركب طائرته مجنبا وطنه كثيرا من الاحتقانات والمواجهات الدامية فهل سيعقلها علي ويجنب الوطن تلك المآسي خاصة في ظل امة مسلحة أم أنها ستسيطر عليه نزعة نيرون الذي احرق روما وجلس مستمتعا على قمة جبلها ينظر إليها وهي تتآكل وتحترق..
فهل هذه النزعة النيرونية هي المسيطرة على عقل من أوكلنا إليه مهمة حفظ أرواحنا وحماية حقوقنا.. وهل يفكر يوما أن يجلس على شمسان ونقم يشاهد حريق صنعاء ولهيب عدن..
الأيام بيننا.. وسجل يا تاريخ.. واكتب يا زمن..