يذكرني الأستاذ أحمد قائد الأسودي دائما بتلك الأنهار المتدفقة دائمة العطاء والجريان والتي تنمو على ضفافها الأشجار والبساتين وتلك النخيل الشامخة التي تعلو على الصغائر والصغار الذين يقذفونها بالحجارة فتتساقط عليهم الثمار تلك فلسفة الرجل "عطاء الأنهار وسمو النخيل"..
ولذا لم أفاجأ عندما قرأت عن الإدانات التي صدرت على إثر التهديدات التي تلقاها في الأسبوع الماضي ولم تفاجئني نبرته الهادئة فهو كبير على هذه التهديدات الصبيانية والرسائل التي تنبئك عن عقليات مرسليها المتهرئة ونفوسهم المريضة فالرجل طوال عمره مسالما يحمل مشعل التوعية والتنوير وينشر ثقافة المشروع الخاص ويقدم الاستشارات مجانا عبر مركز القرن الحادي والعشرين للتجديد والتنمية وليس له طرح سياسي حاد حتى يستهدف من الجهات المتضررة لكن يبدو أن العمل الثقافي بات أكثر تهديدا لبعض المستفيدين من التجهيل الذي يمارس في كل في مختل المجالات والميادين.
للأستاذ الأسودي أفضال على جيل كامل تتلمذ على كتاباته وكتبه ومحاضراته فهو لن أبالغ أن قلت يقوم بدور ثقافي عجزت عن القيام به وزارة الثقافة بكل إمكانياتها فجاهزية الأسودي ومشروعه الخاص الذي ترجم وجوده الفاعل في الساحة الثقافية جعله الأكثر تأثيرا والأعمق أثرا فهو رائد ثقافة المشروع الخاص في اليمن ومن أفكاره التي بثها في أوساط الشباب ولدت مئات المشاريع حتى أصبح بعض تلاميذه اليوم أعلاماً ناجحين يشار إليهم بالبنان ويذكرهم الناس كدليل على مشاريع عملاقة وناجحة.
صدقوني لو كان هذا الرجل في دولة أخرى غير اليمن لذاع صيته في الآفاق ولعرفوا قدره كما يجب واحتفوا به كما ينبغي لكننا نحن في اليمن قتلتنا عقدة النقص وعقدة الأجنبي يأتي أحد الصغار من الشباب العاطلين في مصر أو الخليج ربما حضر دورة أو دورتين في التنمية الذاتية ويأتي عندنا فلنتف حوله المدرب الدولي الكبير والخبير الشهير ويحاضر بآلاف الدولارات ويحجز لمحاضراته حجزا وهو جويهل عاطل لا يفقه شيئا ولا علم له ولا مشروع سوى ما قرأه من وريقات مما كتب إبراهيم الفقيه أو طارق السويدان وعلي الحمادي ولكنه رزق الشطار من المغفلين ونتناسى أن بيننا أمثال الأسودي الذين لا ندرك قيمتهم ولا نعلم قدرهم.
أستاذي أنت أكبر من هذه التهديدات الصبيانية التي يطلقها الجبناء الذين نتحداهم أن يواجهوا رجلا وجها لوجه وسيأتي يوم تثمر كل جهودك الفكرية التي تقوم بها رغم إمكانيات مركز القرن الحادي والعشرين المحدودة ولكنها مباركة لأنها نابعة من قلب مخلص هكذا نحسبك ولا نزكي على الله أحدا، ولست ملاكا ولا معصوما من الأخطاء ولكنك مجتهد ولكل مجتهد نصيب، ورائد لا يكذب أهله، وعلم شامخ وإن نسى البعض أو تناسى.