[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

مقارنة سريعة بين اليمن ومصر..

قد لا يكون اليمن "مصر"، وقد لا تنجح التجربة المصرية في اليمن كما هي، لكن الثورة أصبحت أمراً لا بد منه، في أكثر من قطر عربي، وثورة الشعب المصري هي الثورة الفارقة في التاريخ والتي تعلن بدء عصر عربي جديد شاء الحكام أم أبوا .. العصر القادم عصر الشعوب..

وهناك فروق طبيعية بين اليمن ومصر أهمها ما يلي:
أولاً.. لمصر ثقلها الإقليمي والدولي وغياب دورها هو جزء لا يتجزأ من مشاكل الوطن العربي.. ولكن اليمن كشعب يكاد يكون ثاني شعب في الوطن العربي بالأهمية بعد مصر تاريخاً وموقعاً وإنساناً..

النظام المصري من حيث الحريات أسوأ من نظام علي عبدالله صالح، فعلى سبيل المثال، انتخابات 2006 حصل مرشح المعارضة على أكثر من مليون صوت بينما في مصر يحصل الرئيس على نسب في التسعينات..

جهاز الدولة في اليمن من ناحية الفساد والإفساد أسوأ من أجهزة الدولة في مصر بكثير، تحت تأثيرات كثيرة أهمها أن مصر دولة مدنية قديمة.. عكس اليمن .. فالدولة تم اقتسامها بين مجموعة من الشخصيات.. وتوزيعها كمكافئات لشخوص على أسس مناطقية وقبلية وغيرها..

في مصر هناك بنية تحتية لدولة من قبل مبارك وفي عهده.. بعيداً عن إدارته.. أما في اليمن فلا توجد دولة حقيقة.. فعلي عبدالله صالح يدير البلاد بطريقة متخلفة أفسدت مؤسسات الدولة بمختلف جوانبها..

في مصر هناك جيش بعيد عن اللعبة السياسية، ولم يخض أي معارك داخلية، أما في اليمن مع أن الجيش اليمني هو من تدريب الجيش المصري، وله ما لا يعد من الحسنات، إلا أن علي عبدالله صالح عمل على محاولة إفساد هذه المؤسسة واللعب بها، عن طريق تسليم قيادته لنجله وقيادات عسكرية مختلفة من منطقته.. وقد أقصى آلاف الكوادر الوطنية منه وحاول إضعافه، حتى أنه تواطئ مع التمرد الحوثي لإضعاف الألوية التي لا توالي الحرس الجمهوري وتقف مع أهداف الثورة.. مع هذا يظل في الجيش اليمني قوة لا يمكن أن توالي غير الشعب.. والخلل يكمن في بعض القيادات فقط..

في مصر كان مبارك خائناً للأمة العربية المصرية وخادماً للكيان الصهيوني.. أما الرئيس علي عبدالله صالح فيُشهد له أنه لم يكن كذلك.. ولمبارك الفضل في عرقلة الكثير من المواقف العربية وتكريس القطرية.. لكن في المقابل كان علي عبدالله صالح عاجزاً، وسياساته الداخلية هي رأس كل مشاكل اليمن..

في اليمن ، هناك مجتمع مختلف، وخصوصاً ذلك الذي يحيط بالعاصمة، ويؤثر على سياساتها، عكس المجتمع المصري.. وقد حرص علي صالح على إرضاء المشائخ والتجار الذين يسلطهم على الشعب لتجهيله وادعاء تمثيله، بينما في مصر ليس هناك مجتمعاً قبلياً يتحكم بتوجه المواطن، وإن كانت سيطرة رجال الأعمال هي من أهم أسباب الثورة المصرية ألا أن اليمن كذلك، وثورته بحاجة إلى أن تطيح بصالح وحلفائه في جميع المناطق من تجار ومشائخ الخ..

في اليمن لدينا تمردات ومشاريع مشبوهة كالحوثي وبعض دعاة المناطقية.. ما يعني أن المعارضة لا ترفع جميعاً هدفاً واحداً من أجل الوطن.. والمناطقية تلعب دور كبير في اليمن .. بسبب جهل بعض المناطق، وإقصاء رجال بعض المناطق .. عكس مصر لا نسمع بها المناطقية والقروية والقبلية..

كل ما سبق، يجعل لليمن وضعاً خاصاً.. يكاد يكون النظام فيه أسوأ من النظام المصري لأنه دمر الدولة اليمنية، بينما النظام المصري أضعف مصر شعباً ودوراً ودولة، لكن قوتها وقوة شعبها كبيرة وقادرة على الصمود.. والثورة قادمة سواءً اليوم أو غداً.. أو بعد عام.. والفوارق لا تعني الاختلاف لأن الدولة اليمنية أقرب ما تكون لمصر.. والتغيير في اليمن سيكون محصلة طبيعية لنتائج التغيير في مصر..

ومشكلتنا في اليمن حالياً أن المعارضة لديها مطالب جاهزة وتقود الاحتجاجات.. بينما لكي نطالب بمطالب الشعب التي تشكل إصلاحات جذرية كتلك التي في مصر علينا أن نجعل مرجعيتنا الأولى والأخيرة هي الشعب والشباب وأحلامه وأماله.. بغض النظر عن مسميات السياسة وقواها..

وإذا كان الرئيس علي عبدالله صالح يريد إصلاحاً يجنبه الثورة الشعبية.. فباعتقادي أمامه ما يلي:

أولاً.. إقالة نجله من الحرس الجمهوري والقوات الخاصة.. وبقية القوى التي تمثل نفوذه الشخصي والمناطقي وشركائه التاريخيين في جميع مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية.. وتعيين قيادات موثوقة لدى الشعب..
ثانياً.. إقالة حكومة المؤتمر وبرلمانها.. واستقالته من هذا الحزب.. وتشكيل حكومة إنقاذ وطني لا تمثل أغلبية لأي حزب.. تدير البلاد لمدة عامين حتى يصبح الوطن متوازناً، بلا مراكز قوى مناطقية أو شللية.. وبعدها تجرى انتخابات حرة ونزيهة ومتكافئة وليتنافس فيها الجميع..

زر الذهاب إلى الأعلى