ليس مبالغةً إن قلنا إننا جزء من هذه الارض فمنذ خلق الله آدام عليه السلام وهو مخلوق من طينتها الطاهرة فالجسد هو جسدها والروح هي روح الله لذا لا يقدر أحد أن يجعلنا أن نتنازل عنها أو عن حبها لانه أصلاً يسري في أجسادنا ولا يهمنا الروح لان الروح هي نسمة من روح الله ولا يملكها الا خالقها، ولذلك مهما حاول الطغاة أن يقصونا عنها أو يشككوا في حبنا لها فمن المؤكد أنهم فاشلون في ذلك لان أرتباطنا بها أقوى من كل المؤمرات التي يحيكونها ، ولكم سالت دماء الشهداء والابرار وهم يقدمون أرواحهم في سبيل أوطانهم وبلدانهم والذي أجزم به أنهم لم يساورهم الندم على ما قدموه لها بل لو طلب منهم نفس الفعل من جديد لما تأخروا عنه رحمة الله عليهم.
والمتأمل لاوضاع الناس هذه الايام ومدى الخور والجبن والهلع والتمسك باللقيمات الممرقة بالذل والاهانة ليعجب أشد العجب منهم ، متناسين أولئك القوم أن الارزاق بيد الله وأن الارواح كذلك بيده وحده قال تع إلى " إينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة " فالارض محتاجة للتضحيات لتزهر سنابلها وتثمر ولا يمكن لعاقل يريد التغيير أن يظل مكتوف اليدين منتظر المعجزة من السماء ، ولن يهاب الطاغي قوم خانعون ينتظرون الملائكة تنزل عليهم وتحدث ما لم يحدثوه هم بأنفسهم ، والذي أعجب له مدى شجاعة البعض ممن يغلون من الداخل ولكنهم يغلون غليان مكبوت كأنهم قدر مضغوط فيظلون يترنمون خلف حواسيبهم مطلقين شارات الغضب والرفض والرغبة في التغيير ولكنهم لا يحركون ساكنا وكأن لسان حالهم يقول "لابد لليل أن ينجلي" وهل ينجلي الليل بدون أن يظهر النهار وبدون أن نحضر الاضواء التي تجليه ، ألم نرى ونحن نقرأ آيات القرآن الكريم قوله تع إلى " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا مابإنفسهم " وقوله سبحانه " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا " فالبداية من أنفسنا لا من السماء فالله في هاتين الايتين يرشدنا إلى ضرورة التغيير وأن بداية التغيير من الذات وبإيدنا نحن ثم التأييد منه سبحانه فهي إشارة ربانية لكسر حواجز الخوف والريبة والخنوع التي تسيطر على الانفس.
ولكم ترتفع هامتي في السماء وأنا أشاهد زمرة من الشباب الرافضين للخنوع والذل والمرتدون لثياب الكرامة والعزة، إنهم فتية التغيير أولئك الشباب الصامدون في ميادين الكفاح بصدور عارية ونحن نتفرج عليهم وكأنهم يطلبون التغيير لاجل أنفسهم لا لإجلنا ولو وقفنا معهم لاحدثنا المعجزات لان الامر يحتاج ضربة واحدة وغضبة واحدة وينتهي الكابوس والا سنؤكل متفرقين كما أكل الدب الابيض فالقطيع المنفرد ينقض عليه العدو فردا فردا.
قد يقول بعض الناس وأنا كنت منهم إلى وقت قريب إننا ننكر المنكر بقلوبنا وهذه حيلتنا واستطاعتنا ولكن أقول لهم الانكار بالقلب يلجأ اليه عندما لا نقدر على الانكار باللسان فالامر متدرج الترتيب ولذا قال عليه الصلاة والسلام " فمن لم يستطع فبقلبه " ونحن نستطيع ذلك باللسان فلما نعمد إلى أدنى الوسائل لتغيير المنكر، هل لا نتوجع ونحن نرى أبناءنا يتخرجون من الجامعات ويفترشون الارصفة بإنتظار وظيفة قد لا تسد رمقهم ، وهل لا نتوجع ونحن نرى أنفسنا عالة على دول الجوار نتكففها ونحن الذين كان يطلق علينا إسم اليمن السعيد ، وهل نريد أن نموت الفرحة والسعادة في نفوس أطفالنا الذين حرموا أبسط حقوقهم والحسرة تملىء وجوههم البريئة وهم يتأملون أطفال العالم ينعمون بكل شيء بينما هم ينزلون الشوارع لسد رمق عوائلهم عن طريق بيع بعض المناديل أو التسول على الارصفة.
هل صرنا نخاف من الجلاد أن يقطع أوصالنا المقطعة أصلا ولا تحتاج للتقطيع فلا جزء منا الا ويئن ، ألم يحن الوقت أن نكسر حاجز الخوف في أنفسنا ونلحق بركب الشعوب الحرة فعلم النفس يقول "لكي يتغلب الانسان على خوفه لابد له من مواجهة الخوف نفسه" وهذه حقيقة أثبتتها الشعوب في تونس ومصر والان في ليبيا، أتعرفون كيف نواجه الخوف عن طريق إيماننا بإنفسنا وقدراتنا وإرادتنا وأن نقول للخوف لا نخافك إنصرفك فقد كسر الحاجز بيننا وبينك، وأن نؤمن أننا اليمنيون أبطال العالم فنحن من فتحنا مشارق الارض ومغاربها وابطال ليبيا الصامدون اليوم هم منا نحن قبائل تنحدر إلينا ومن نفس سلالتنا والتاريخ يشهد على ذلك ، فالبطولة والاباء ليست جديدة علينا والنضال هو ثوبنا الذي برعنا به رجالا ونساء على مر العصور.
أبعد كل ما قلناه نظل متفرجون على أولئك الابطال الذين وقفوا في ساحات التغيير منادين بشعار "الموت أو العيش بكرامة " ، إنهم يكافحون لاجلنا ولاجل أن نرى اليمن في ثوب جديد أكثر إشراقا .ورغم كل ما يبذلوه فمازال ما يقدموه لهذا البلد قليل جدا لان الارواح والدماء ترخص لاجل هذا التراب وصدق أيوب طارش عندما قال "وهبناك الدم الغالي وهل يغلى عليك دم " فكل شيء يهون في سبيل الوطن مهما كانت التضحيات.
فلكم أيها الابطال تحية منا جميعا وسوف تلتحق بكم الملايين من الشجعان الابطال الذين يريدون الكرامة وأصمدوا لان التغيير سنة كونية ومادام بدأت تلك السنة فلن تتوقف فهذه السنة هي سنة التغيير والثورات واعلموا أنكم لم تقدموا ربع التضحيات التي قدمها غيركم من الامم ولا تظنون أنكم سوف تشربون الماء الزلال بدون شوائب فلابد من الصبر والثبات والله معكم قال تع إلى " أصبروا وصابروا ورابطوا".
واعلموا أنكم منصورون بإذن الله لانكم ما خرجتم الا بسبب الظلم الواقع بكم والله قد وعدكم النصر قال تع إلى " أذن للذين يقاتلون بإنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير".
ولا تخافوا من كيد الكائدين وتقاعس المتقاعسين واعلموا أن كيدهم سيرجع عليهم قال تع إلى " ولا يحيق المكر السيء إلا بإهله " وأنهم وإن كان مكرهم كالجبال في قوته فالله غالب على أمره ولن يخلف وعده وهو العزيز المنتقم الجبار ، واربطوا على قلوبكم وأجعلوها كقلوب الاسود التي تذب عن عرينها كيد الطامعين فالوطن أصبح أمانة في أعناقكم فصونوه وقلوبنا معكم قبل أقلامنا وكلا يجاهد في ساحته والله مؤيدكم بنصره وتأييده.