آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

مع شباب التغيير حياة أخرى

بعد عقود من الحياة الرتيبة المملة التي سئمها اليمنيين جاءت هذه الثورة الشعبية وهذه الاعتصامات والتظاهرات بحياة جديدة للشباب وللناس حياة أخرى غير تلك الحياة الرتيبة، التي طحنت شبابنا وأمرضت أرواحنا لتُفتح بوابات الأمل الواسع بمستقبل أفضل وتتفتح شهيتنا للحياة الجديدة لحياة الحرية المنطلقة الخالية من حواجز الخوف وعقد الرقابة وسيوف الظلم والقهر ولعل من يذهب إلى ميدان التغيير ولو لساعات يلمس هذه الروح الجديدة ويرى هذه الوجوه المتوضئة من شباب اليمن الرائعين الذين يصنعون التأريخ بهذه الهبة الشعبية السلمية الحضارية التي تثلج الصدر وتنعش الروح وتفرح القلب وتزيح عقد السنين واحتقانات الأعوام الماضية لتنطلق مع الحشد في هتاف متوحد كأنك طير في سرب من الطيور.

يا الله ما أروع أولئك الشباب الذين يكتبون بوقفتهم المستمرة ملحمة التأريخ اليمني المعاصر وينسجون بثورتهم السلمية لأفراحنا حلة رائعة في الوقت الذي يخيط الفاسدون لأفراحنا كفنا ويحفرون لأحلامنا قبرا شباب منظمون متفاعلون يعملون كخلية نحل هم أشد أهل اليمن حرصا على أن نصحو قريبا على وجه وطن باسم وخال من الفساد والمفسدين الذين شوهوا حياتنا وجعلونا أضحوكة للعالم ومثالا للتخلف والهمجية فصار اليمني مهان في كل بلاد العالم وهو الكريم الأبي والذي كان مثالاً للطيبة والكرم والشجاعة والشهامة.

أيها الشباب أتدرون ما تصنعون؟!!

إنكم تصححون التأريخ وتكتبونه من جديد وتقولون للعالم إن أهل اليمن أحرار لن يضحك عليهم الفاسدون بعد اليوم ولن يعودا إلا برحيل الفساد ولا أقول النظام فدولتنا لا تعرف النظام إلا في عمليات الهبر ونهب الثروات وإقصاء الشرفاء فتلك يخطط لها بدقة محكمة.

أيها الغائبون عن ميادين التغيير أتدرون ما فاتكم؟!!

والله أنها حياة جديدة من حُرم المشاركة فيها فقد حُرم خيرا كثيرا ففي ساحات وميادين التغيير صفوة شرفاء اليمن النخبة المحترمة كلها هنا العلماء والمشايخ الأطباء والمهندسون المعلمون أساتذة الجامعات الإعلاميون كل الفئات تجمعت على قلب رجل واحد لتشكل لوحة يمانية رائعة تزري بلوحات بيكاسو وفان غوخ.

قد يوجد في ميادين التغيير والحرية بعض الشباب يبيتون بلا طعام أو ماء لكنهم شبعوا حتى التخمة حرية وعاشوا حياة جديدة وليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ولا بالماء وحده يروى الإنسان هناك عطش آخر عطش للحرية والانطلاق شربوا منه وارتووا بعد ظمأ طويل.

أتدرون يا شباب التغيير أن وقفتكم هذه أعادت الروح للناس وفتحت لنا أبواب الأمل بعد طول يأس وأعادت لمغتربينا بالخارج ماء الوجه فصاروا يفخرون بأنهم من اليمن.

صار مسئولينا الفاسدون ينامون بمهدئات ويأكلون بأدوية فاتحة للشهية بعد أن أتخمت بطونهم وعاشوا سنين سمانا وعاش الشعب سنوات عجاف فجاء أخيرا ( عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون).

يا شباب التغيير إن فساد مسئولينا لا شبيه له ولا مثيل ولم يحدث في أرجاء الأرض منذ خلق الله الأرض ومن عليها ولو علمتم بـ10% من الفساد الأخلاقي (ناهيك عن الألوان الأخرى) الذي يمارسه الفاسدون وذويهم للبستم أكفانكم وذهبتم لانتزاع أروحهم ولكن يبدو أن نهايتهم قد اقتربت فحافظوا على سلمية هذه الثورة الرائعة ولنكن كبارا ولن يمروا وسيذيقهم الله على أيدينا كثيرا من خزي الدنياء قبل عذاب الآخرة قال تعالى: ( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) (ابراهيم:42) .

زر الذهاب إلى الأعلى