استيلاء متشددين اسلاميين على مدينة زنجبار عاصمة ابين في جنوب اليمن، بعد طرد القوات الحكومية منها، يعد التطور الاهم في الحرب الدائرة حاليا في اليمن بين الرئيس علي عبدالله صالح وخصومه المطالبين بتنحيه عن الحكم، وارساء دعائم نظام ديمقراطي في البلاد.
المعارضة اتهمت الرئيس صالح ب'تسليم' المدينة للمتشددين الاسلاميين، وعناصر تنظيم 'القاعدة' على وجه الخصوص، في محاولة من جانبه لاستدراج التدخل الأمريكي في الصراع الدائر حاليا في البلاد. ولكن هذا الاتهام الذي يصعب استبعاده، وان كان يصعب تأكيده في الوقت نفسه، قد يكون الخطوة الاكبر نحو انتقال اليمن إلى مصاف الدول الفاشلة عمليا.
الرئيس اليمني خسر نفوذه في معظم اطراف اليمن، وباتت سلطته محصورة في العاصمة صنعاء، أو حتى جزء منها، بينما نجحت الجماعات الاسلامية المتشددة في تعزيز سلطتها في المناطق الجنوبية، حيث تتمتع ببعض التأييد في اوساط السكان، مستفيدة من انهيار هيكلية الدولة، ومقوماتها الاساسية، وانحسار شعبية الحكم إلى مستوياتها الدنيا.
منطقة ابين كانت دائما المعقل الاهم بالنسبة إلى تنظيم 'القاعدة' في اليمن، ويسود اعتقاد بان نسبة كبيرة من اليمنيين الذين انخرطوا في صفوف هذا التنظيم ينتمون اليها، وهناك تقارير استخباراتية تفيد بان الشيخ انور العولقي الخطيب المفوه والأمريكي المولد يقيم فيها جنبا إلى جنب مع قادة فرع تنظيم 'القاعدة' في الجزيرة العربية وابرزهم السيد ناصر الوحيشي.
وربما من السابق لاوانه القبول ببعض التقارير الاخبارية التي تفيد بان الجماعات الاسلامية المتشددة اقامت امارة اسلامية في زنجبار، لعدة اسباب ابرزها ان مصدرها، اي التقارير، هو الاعلام الرسمي اليمني حيث يحاول الرئيس علي صالح استخدام 'فزاعة' القاعدة للحصول على دعم عسكري وسياسي من قبل الولايات المتحدة والدول الخليجية لنظامه.
فتنظيم 'القاعدة' لا يحتاج إلى امارة اسلامية في زنجبار، فهو موجود فيها منذ عدة سنوات، واستطاع ان يتخذها قاعدة لشن هجماته الرئيسية ضد القوات الحكومية في المنطقة، واستقبال العديد من المنضمين إلى صفوفه سواء من العائدين من افغانستان، أو المجندين الجدد من مختلف الدول العربية والاسلامية الاخرى.
خطورة تواجد تنظيم 'القاعدة' في المناطق الجنوبية في اليمن تكمن في قربها من خطوط الملاحة الدولية في بحر العرب ومن الصومال على وجه الخصوص، حيث تنظيم الشباب الاسلامي الناشط في المنطقة على صعيد خطف العديد من السفن والحصول على 'فديات' مالية ضخمة مقابل اطلاق سراحها.
جنوب اليمن يتحول وبسرعة فائقة، في ظل الانقسام اليمني، وضعف الدولة المركزية وتدفق الاسلحة من مصادر خارجية، إلى الحاضن الرئيسي للفرع الاهم لتنظيم 'القاعدة'، وهو الفرع الذي بدأ يحل محل 'التنظيم الام' في افغانستان. فهو قريب جدا من مخزن الثروة الرئيسي في الجزيرة العربية، اي منطقة الخليج والمملكة العربية السعودية، الامر الذي قد يساعد على اعادة احياء خطوط التمويل المالي الاساسية، وهي الخطوط التي جففتها الادارة الأمريكية واجهزتها الامنية من خلال الضغوط الكبيرة التي مارستها على حكومات هذه الدول لمراقبة حركة الاموال عبر البنوك والوسائط الاخرى.
وسواء اراد الرئيس علي عبدالله صالح خلط الاوراق واستخدام فزاعة تنظيم 'القاعدة' لطلب النجدة الأمريكية ام لا، فان التنظيم موجود في اليمن ويعزز قواته، ويعيد تنظيم صفوفه، واي تدخل أمريكي قد يصب في مصلحته اكثر مما يصب في مصلحة الرئيس صالح الذي يعيش اشهره الاخيرة في اليمن.